جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
فنونكريم القاسمنصوص

بطاقة تهنئة الى جَناب السلطان

 

كريم القاسم

بطاقة تهنئة الى جَناب السلطان

________________________________

كل عام وجَناب السلطان على أحسن مايُرام.

كل عام وحضرتكم في تُخمةٍ وسلام .

أعيادكم تَحفّها الزينة في قصوركم ، وأعيادنا يحفّها البارود والدماء.

تحيةٌ من طفلةٍ تعيش كل يوم في سنة .

عُمرُها عُمْر المآذن والنواقيس، اهرامات مصر ، جنائن بابل المعلقه ، مَسَلَّة حمورابي، حجارة بعلبك، طورسيناء، عين زمزم ، القيروان .

تحيةٌ من طفلةٍ قَرَأتْ ذات يوم ملحمة كلكامش ، قصة عنترة ،شِعر مجنون ليلى ، المتنبي ، وقصص ابو زيد الهلالي .

تحيةٌ من طفلةٍ زَقزَقَتْ ذات يوم بأغنية (فوگ النخل فوگ)

ورَفرَفتْ على (القدود الحلبية)

وَعَشعَشتْ في اوبريت (الليلةالكبيرة)  .

تحيةٌ من طفلةٍ  هَتَفَت ْ بلسانِ صَفِيِّ الدين الحِليّ في حَفلٍ مدرسيٍ  ذات يوم :

(سَلي الرِماحَ العَوالي عَن مَعالينا...

وَاِستَشهِدي البيضَ هَل خابَ الرَجا فينا

بيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنا...

خُضرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا)

تحية من طفلةٍ أنشدَتْ ذات يوم قصائد الجواهري، وأحمد شوقي ، و جُبران ، والفيتوري . وخير الدين مراد، وابراهيم طوقان.

تحيةٌ من طفلةٍ كانت تُسابق الريح على صهوة جواد أبيها ذات يوم، لايسبقها إلا حلمها فوق الروابي .

تحية من طفلةٍ تحصدُ كُلّ يومٍ سنبلة ، وتزرع كل يوم نخلة او شجرة زيتون.

تحية من طفلةٍ تحتضن حروفها العربية وكراس تاريخها خوفاً مِن الضَياع.

تحية من طفلةٍ ترضع شِفاهها كل يوم علّها ترتوي مِن ظمأ .

تحية من طفلةٍ نَذرَتْ ظفائرها لوجه الله ، كي يغفو الوطن .

تحية من طفلةٍ تلوك كبدها صباح مساء ، فما في القدورِ إلا الدم .

تحية من طفلةٍ تحوكُ دمها حروفاً ، كي توقظ ضمير الكون .

تحيةٌ من طفلةٍ عريقةِ النسب ، الى صاحبِ العرشِ والصَوّلَجانِ والرُتَب.

ياسيدي السلطان :

أنا مِن أرض ٍ، كِلانا ينتمي إليها ذات الإنتماء .

الفرق بيننا ؛ خَلقني الله من حُرِّ طينها ، وانتَ مِن شائبةِ سَبخها، فانحرفَ كلّ فرعٍ الى أصلهِ ، وحَنَّ كل نَسلٍ الى أرومَتهِ .

فاحتضَنتُ جراحَ الوطنِ ، والتحفتُ غبارَهُ ، وتوَسدتُ رصيفَهُ العاري بين شظايا القنابل وبوابات الجوع والدمار.

وانتَ ياسيدي المُبَجَل ، مازلتَ تتنفس ضباب لندن ، وتلتحف غانيات الروم ، وتتوسد حقائب السِحت الحرام ، وتعانق مَن شَوّهَ ظفائري، وأحرقَ ألعابي.

* متى ابتسم ياسيدي السلطان ..؟

أَتَعْلَم بأني ماذقتُ طعم الابتسامة ، مذ عَرفتُ بأنك سلطاني .

مُذ عرفتُ بأن النياشين المتراكمة فوق صدرك ماهي إلا فَزّاعات حقول .

مُذ عرفتُ بأن مملكتي تُنهَبُ كلّ يوم ، والقدس يُدَنَّس كل يوم .

مُذ عرفتُ بأن عرشكَ يَعلوهُ تاجاً مُتَطفّلاً على التاريخ .

مُذ عرفتُ بأن سيفكَ مِن خشب ،وأن سنبلتي تَطحنُها سَنابك الغُزاة ، ومائي تَلغُّ فيه الكلاب ،وسجادتك الحمراء تَبولُ عليها كلاب الحراسات .

مُذ عرفتُ بأن عرشكَ مِن قَصَبٍ ، وبلاطَكَ واهٍ كَبيت العنكبوت .

مُذ عرفتُ بأن دمائَكَ تَسري خِلاف المنطق ، وإن مَنبَعَها آسن .

أيها السلطان الغائب الغَيور.

ياصاحب الصقر الذي جناحاه من ورق .

يا أيها الجود الذي لايُقاس .

يا أيها المٌبَشِر بالإملاق والحرمان والافلاس .

يا ايها الجهل الذي في كل دار نَما ، وأثمرَ حنظلاً مٌرّاً شَريّاً عَلقَماً.

كل عام وأنا ابحثُ عن فرحةِ عيدٍ، عَلَّني أجدها بين حقول الالغام، وجثث السيارات المفخخة بالحقد والكراهية ، وأزيز الصواريخ المُبشِرة بالدمار ، وصراخ الطائرات المُتخَمة باللعنة والهلاك .

كل عام وأنا ابحثُ عن عيدٍ بين سوط جلاد ، وقُضبان ملك مُبَجَّل، وخفافيش عهركَ المتواري خَلفَ عطر الغانيات .

كلّما أصغيتُ الى صيحةٍ من بعيد ، قَصَدْتُها ، ظَننتُها زغردةَ سرورٍ وحبور لقدوم ِ عيدٍ سعيد ، لكني وجدتُها نياحاً وعويلا .

كلما هَتَفَتْ مآذن الحي بالتنابذ والتنازع والتضاد ، عرفتُ بأن العيد راحل لامحالة .

كلما تسابقتْ لُحى مشايخكَ بالدعاء ، عرفتُ بأن النصر لاتخطّه إلا دمائي.

كلما اشرَقَتْ شاشاتُنا بشَبَحِ وريث عرشكَ ، مَزهوّا بنياشينهِ الوهمية ، تَوهَمتُ بأن العيدَ آت لامحالة .

كلما عانق الدخان سحاب مدينتي ، ظننتُ قدور حاتم الطائي بُعِثَتْ من جديد، فوجدتُكَ تُوقِد داري بدعائك المستجاب.

ياسيدي السلطان الُمبَجَّل :

مازلتُ ابحثُ في القمامةِ عن لقمةِ زادٍ عَفِنَة، اوبقايا جيفةٍ ، او مِيتَةٍ يَسترُني بها الشَرْع .

مازلتُ ابحثُ في ضَرعِ الوطن المُرهَق الواهِن عن قطرةِ لَبَنٍ دافيء مُذ هَجرتُ الحنان ، وانا لاهثةٌ استجدي مائي مِن وراء الحدود .

مازلتُ ابحثُ عن عقلٍ ومعرفةٍ ، تبطشُ بالحُمْق والبلاهة ...

مازلتُ ابحثُ عن ضوءٍ سَماويٍ يُشَتِتُ عُتمة الدَيجور ...

مازلتُ ابحثُ عن عدلٍ يَفتُّ عضد الإفك والبُهتان ...

يا أيها العرش الُمزركَش بالفضيلة والعفاف :

لِمَ تصمُّ سَمْعكَ عن صهيلِ طفلةٍ ، تلتقطُ انفاسهَا بين ثنايا غبائكَ المُدَجَج بتسابيحِ الزيفِ ، وصلاة التَبجّحِ وتراتيل التيهِ والتباه ِ ؟

ياسيدي ياصاحب المَكرُمات ، ياواهب الأنين والآلام والآهات :

أتدري بأنني مازلتُ ابحثُ عن كَفَنٍ طاهرٍ يستر عظامي التي باتتْ وسامَ شرفٍ كوثر ، لِعَصرِكَ الشائن الأبتر ؟

أتدري بأنني مازلتُ ابحثُ عن قبرٍ ، جاوَرَ النيل أو دجلة والفرات، أوجاًور نخلةٍ شامخةٍ مِعطاء ، أو شجرة زيتونة مباركة ؟

 ــ لكنني لم اجدْ سوى بقايا وطن .

كل عام وجناب السلطان ، يبتسم فوق جماجم شعبه .

كل عام ويبقى جَناب السلطان ، سطراً بائساً على رفوف التاريخ ، يروي قصة وطن أحرقه السلطان وحاشيته .

كل عام والسلطان يكتب التاريخ بمداد (بيريز ) و(مردخاي)

إعلَم ياسيدي المُبجَّل :

لقد دعوتُ الله على سلطانك وبطانتك، أن تأخذكم الصيحة ، او يخسف بكم الارض ، او يأخذكم بالغرق ، أو يرسل عليكم طيراً أبابيل .

وكل عام ونحن ننتظر سُنّة الله في السلطان ...

(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)

* والسلام على مَن إتّبعَ الهُدى.




***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *