جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
تيسير المغاصبهفنونقصة

ابن الجبل-٢٠-(لن تشرق الشمس أبدا )قصة متسلسلة

 

تيسير المغاصبه

     ابن الجبل    -٢٠-
 

 (لن تشرق الشمس أبدا )

   
   
قصة متسلسلة

 بقلم : تيسيرالمغاصبه

            ٢٠٢٤

      الفصل الثاني

     ابن الجبل    -٢٠-

     ابن الجبل

تمر الأيام ويشب حازم "أبو ذيل " لكنه يكون نحيلا جدا " حقا تناقض عجيب " ،وتذهب أسرته إلى عائلة "أحمد الحصيني"لطلب يد ابنتهم "شروق "لحازم.

وشروق هي الابنة المدللة الوحيدة بين أربعة ذكور، وتتم الموافقة ،ويقام لهما فرح كبير كون أسرته كانت ميسورة الحال و مقتدرة .

وأول ماقرع  الطبل حتى تجمع الناس من جميع أنحاء القرية كبار وصغار ليرقصون ويغنون ويدبكون ويتناولون اللحم والرز الذي  يقدم سوى في الأفراح والمياتم.

وتعلو الزغاريد،والأغاني الشعبية :

طير أخضر ..طير مبرقع

لا بجوز لابفقع..بالليل

ياعيني بالليل ..

يابو جكيت رمادي ..

لاتتمشى بالوادي

بالليل ياعيني بالليل ..

أما في دبكة الشباب فيرددون :

سجل ياقاضي سجل

طلعوها غريبه

اختها بالبيت إتصيح

وأمها تقول  ياحزينه

وكالعادة في طقوس أفراح القرية ،وأثناء زفة العريس يقوم الشباب بأفعال يستفزون بها  العريس؛ كصفعة على رقبته أو على  ظهره بواسطة كف مفتوح ويسمى في القرية "المخمس" بشد الميم،أو ضربه باقدامهم "شلوت "على مؤخرته.

والهدف من تلك الأفعال المتبعة، هو لإثارة غضب العريس كي لايشعر بالخجل من عروسه وألا يخشاها، فيدخل عليها غاضبا فيكون كمن يغتصبها إغتصابا بدلا من الدخول بها برقة فيكون احتمال الفشل .

بينما تستمر الأغاني المحفزة:

يابريق الحنا خيي ياحازم

يابريق الحنا ..

عالتخت تتهنى

خيي ياحازم ع التخت تتهنى

يابريق قزازي خيي ياحازم

يابريق قزازي

ع تخت هزازه

تعيش وتتهنى

ع تخت هزازه

عالحجر برى

خيي ياحازم

عالحجر برى

ع التخت تتهني

خيي ياحازم

ع التخت تهنى

ثم تغني النسوة :

يمه يايمه ظبيلي مخداتي ..

وطلعت من البيت

وماودعت خياتي..

إلى :

ياشروق يارفيقتنا يا العزيزه..

لو ندري ودعناكي قبل الجيزه ألخ ..

أثناء الزفة وعندما يردد الشباب :

طلع الزين من الحمام

الله وإسم الله عليه

يردد أحدهم بخبث وبصوت منخفض لكنه مسموع لدا من يقومون بالزفة:

طلع أبو ذيل من الحمام ..

فينفجر الشباب ضاحكين.

يتقدم إليها اولاد عمها وسط ترديد النسوة:

قومها ياإبن عمها

قومها..

فيضع بيدها بعض الدراهم

وسط الزغاريد فيقبلها

على وجنتها،ومن ثم طابور آخر لاولاد خالها ،واولاد خالاتها ،والقائمة تطول  دون علم بالحلال والحرام ؛من يجوز له تقبيلها، ومن لايجوز .

وكالعادة في جميع الأعراس لا بد من وجود السكارى والمتعاطين ..ولابد من الشجارات .

ومن يريد إ ستعراض عضلاته أنام الفتيات ،

تقود النسوة العروس إلى باحة المنزل الواسعة ، يحيطن بها، ينزعن عنها ثيابها بينما هي تحاول ستر عورتها بحياء ،والصبية يختلسون النظر إليها من الفرجات والثغرات المتاحة،

فتقبى صور ما إستطاعوا رؤيته في ذاكرتهم حتى يشيخو.

وبالمثل بالنسبة إلى العريس الفحل؛ حازم  ،وتلك فرصة للرجال والشباب الذين  لم يروه عاريا من قبل ليتأكدون مما عرف به .

ماأن يستعد حازم للدخول بها في الغرفة الطينية حتى يهمس إليه أبناء عمه وأخوته :

"أيوه خليك ذيب يا إبن العم.. "

"خليك حمش.."

"إقطع راس القط من أول ليله.."

"والله وأخيرا بدك إطخ الضبع.."

لكن مقابل ذلك تذرف أم العروس  وأخواتها الدموع على فراقها.

ماأن دخل حازم بها حتى تجمعت النسوة وراء الباب في محاولات استراق السمع ،ومعرفة  مايحدث في الداخل ،بينما يتجمع الرجال والشباب في الساحة يتهامسون ويتضاحكون بأصوات خافتة وهم يترقبون الحدث العظيم ؛زواج أبو ذيل الشهير من شروق الفتاة المدللة.

لكنهم لم يسمعوا أي صوت حتى الصباح ،فيتم إدخال الصباحية إليهما ولايجوز خروجهما من الغرفة الطينية قبل إمضاء أسبوع بأكمله كما هي التقاليد المتبعة.

* * * * * * * * *

بعد أن تأكد يحيى بأنه بات سجين في قصر حصين ،قرر إتباع سياستهم واستعمال ذكائه ،حتى متى ماسنحت له الفرصة للهرب ،أن يهرب دون تردد .

وقداعتذر للست جواهر و أخبرها بأنه راجع نفسه جيدا وإكتشف بأنه كان مخطئا وقد إتخذ قراره بالبقاء .

وقد عاد للإستسلام لها بينما كان يتحين الفرصة للهرب دون أن يثير الريبة والشك .

فكام يذهب كل يوم  إلى الحديقة ليتجول فيها كالعادة ومن ثم يعود ،كانت جواهر وخدمها وحراس القصر يراقبونه في البداية لكنهم وبعد أن إطمأنوا له كفوا عن مراقبته.

إلى أن كان ذلك اليوم الذي سمع فيه رجال الست؛ أنفسهم الذين أتو به سابقا، يتكلمون عن ذهابهم إلى آبار قرية أم الملح ،وفي اليوم المقرر ،وبينما كانوا يستعدون ،ويعدون أمتعتهم ،تسلل وإختبأ في صندوق عربتهم.

إنطلقت العربة مسرعة إلى قرية أم الملح ،محاولين إستغلال اليوم من بدايته ،آخذين بعين الاعتبار الظلام الذي يخيم مبكرا على القرية.

كان الشباب رعد وغالب وصخر يتمازحون ويتضاحكون بأصوات مرتفعة طوال الطريق .

ماأن وصلوا بمركبتهم الثمينة إلى منحدر وادي الموت حتى تدحرجت بعض الصخور أمامهم معرقلة سير المركبة ومحاصرتها ،فأعقبتها صخرة ضخمة تدحرجت من علو فأرتطمت بالمركبة بقوة ،فتشاء الأقدار بأن يفتح صندوق المركبة لافظة

 يحيى وملقته  بعيدا ليستقر فوق كومة من التراب الناعم دون أن يصاب بأي خدش،فتتدحرج صخرة أخرى لتستقر  فوق المركبة لتكبسها بالأرض، فتهرس الرجال الثلاثة بداخلها..تهرسهم تماما.

ينهض يحيى ويجري فزعا من هول مارأى ،فيستمر في الجري بالمنحدر إلى أعماق الوادي تاركا ورائه كل ذكريات القصر والبئر معا.

* * * * * * * * *

لم تشكو شروق من شيء بشأن معاشرة حازم لها بالمخدع ،لكنه مقابل ذلك  أساء معاشرتها وعاملها بقسوة ، فكان لايرتح إن لم يصفعها أو يركلها كل يوم ويسمع بكائها، فوق ذلك كان يتلذذ كثيرا باذلالها.

وأغرب ما في الأمر هو  أنها كانت شديدة الغيرة عليه.

* * * * * * * * *

بينما كان يحيى يتجول بين الصخور وفي الوديان ..يلمح فتاة صغيرة كانت تراقبه من فوق الصخور ،وعندما نظر إليها ذهبت قبل أن يتبين ملامحها ،فظنها شبحا.

لكنه تابع طريقه ،وكان مايهمه هو أنه قد إستطاع الهرب من القصر، وقد تركه دون رجعة ،وهذا يكفي.

أما  الغولة فمجرد أن سمعت وقع الخطوات حتى جرت إلى المكان ،والقت بعصاها المدببة تحت قدميه ،وقبل أن ترى وجهه.

شعر يحيى بالفزع الشديد عندما تذكر حكايا الغولة وتأكده الأن من صحة تلك الحكايات ،ووجود الغولة عند رؤيته لعصاها كما وصفوها له في أحاديث السمر والتعاليل. إستدار محاولا العودة ، فوجد نفسه في مواجهتها ،لكنها هي أيضا تفاجأت كثيرا ودهشت لدا رؤيته.

قال يحيى بذعر :

-إنتي ..إنتي الغوله..لا توكليني..لا ..لا؟

ثم وقع مغشيا عليه.

* * * * * * * * *

نقل خبر وفاة رجال عبد اللطيف، أو رجال الست جواهر في حادث السير المروع على مدخل قرية أم الملح ،فوق وادي الموت.

وكان ذلك تزامنا مع إختفاء يحيى من القصر ،وبالطبع لم يربطوا إختفائه بالحادثه لعدم عثورهم على جثته.

وبدأ البحث الدؤوب عنه في المدينة ؛كذلك في قرية أم الملح.

لكن دون جدوى..أما جواهر التى تلقت الصدمة الكبرى بأختفاء يحيى، فلم تفقد الأمل أبدا بالعثور عليه.

فبدأت  تحرياتها بشأنه و فيما لو كان لزوجها عبد اللطيف يد في إختفائه ،أو أن يكون قد أذاه.خصوصا أنه هو المتهم الأول بشأن يحيى حبيب قلبها.

فكانت دائما ماتوجه إليه الإتهام وهو يؤكد لها بأن لايد له بأختفائه وأنه يبحث معها عنه كما ترى.

لكنه في حقيقة الأمر كان مسرورا جدا بأختفائه.

وأخيرا كان يجب عليها  أن ترضخ للعقل وأن تحكم عقلها ،حتى لايهتز مركزهما خصوصا بعد أن أصبحت جواهر نائبة متميزة  في البرلمان، بينما زوجها عبد اللطيف كان  يعلو ويعلو وينتقل من منصب كبير إلى منصب أكبر.

سميت جواهر من قبل الصحافة العربية ؛بالمرأة الجبارة لجرأتها وقوتها ؛تلك المواصفات الغير الموجودة لدا الرجال السياسيين .

لكن وبالرغم من ذلك ،ففي داخلها أنثى رقيقة ..سجينة ،تحاول عبثا الخروج صارخة ..باكية ..باحثه عن أجمل شيء عرفته في حياتها ..يحيى ،وهي في صراع دائم مع جواهر الجبارة التي تحقد عليها ولاتطيقها أبدا لأن قوتها لم تمنحها السعادة أبدا.

وهي لازالت تتألم بسبب فراق يحيى حبها الأول الذي بقي متملكا قلبها وكل كيانها.

* * * * * * * * *

أفاق يحيى وهو بين ذراعي الغولة ،بينما فتاة في الثانية عشر من عمرها كانت تقف أمامهما متفرسة النظر به ،كانت الفتاة على قدر كبير من الجمال ،ترتدي الثياب القديمة والشبه الممزقة ،والتي كانت تكشف عن بعض فخذيها وذراعيها وبطنها ، وشعرها الطويل المنسدل على كتفيها كالحرير.

عندما رأى الفتاة الجميلة شعر ببعض الأمان ، لكنه أيضا عرف على الفور بأنها ليست من بنات قريته .

أخذ ينظر إلى وجه الغولة المشوه تماما، وشعر بقشعريرة تسري في جسده بأكمله ،وقد تجمدت الدماء في عروقه ،لكنها طمأنته بينما كانت تربت على صدره بحنو ،وقالت له:

-لاتخاف يمه..لاتخاف ..أنا ماني الغوله إلي بحكو عنها ..أنا مره حقيقيه ..بس وجهي احترق وأنا بالقريه؟

-طيب مين إنتي .

-إنتي مابتعرفني عمنك كنت زغير ..إنتي يحيى صحيح؟

-آه ..أنا يحيى..إنتي بتعرفيني.

-أنا بعرف كل أهل القريه ..وياما زميتك ونومتك بحضني ونتي زغير..وحبحبتك بس إنتي مابتذكرني؟

-طيب كيف إنحرق وجهكي ..وكيف أجيتي هون ..وليش ..ومين هاي البنت إلي معكي.

-أول إشي خليني أشربك ميه وإحكيلي إنتي يا يحيى ويش قصتك..خذ إشرب يمه ..إشرب؟

أسقت المرأة التي تشبه الغولة يحيى الماء من قربتها المصنوعة من جلد الماعز حتى إرتوى ،واخبرها بحكايته منذ أن ألقاه أبوه وأخوته في الجب إلى فقدانه للذاكرة ووقوعه باحضان جواهر ومن ثم هربه.

أدمعت عيناها وهي تسمع كلامه ،وقالت:

-والله إنك مسخم " أي سيء الحظ" من بدايتك يمه يايحيى..ليش الدنيا هيك ..ليش البشر هيك..الناس بفكروني أنا الغوله ..بس أنا "نوال" إلي كنت

أحلى وحده ببنات القريه ..بس أنا ماني غوله ..حبيت شب بس غدر بي وخاني وتخلى عني وراح إجوز وحده ثانيه ..وحاولت إني أحرق حالي مشان أموت  ..بس لما حرقت حالي إتشوهت وظليتني عايشه، وحتى ماأنذل قدام بنات أم الملح ويتمسخرن علي ..البنات إلي حقدن علي عمني أحلى وحده بيهن قمت تركت القريه ..وقررت إني أعيش هون وأنتقم من كل رجال القريه ..وإلي بقرب من الهيشه أو لجبال بقظبه وبستفرد بيه  وبخليه يرجع على القرية وهو مو شايف الضو؟

-طيب والغوله إلي عن صحيح ماشفتيها.

-لا ماشفت أي غوله هونا طول السنوات إلي قضيتها هونا ..هههههه هظول همه الغول ؟

-طيب ومين هاي البنت إلي معكي.

-هذه اسمها "فرح"؟

-طيب وشو قصتها.

-آآخ ياقلبي ..فرح بنت وحده بالقريه حبت واحد من المحافظه ..ونامت معاه وحبلت بيها منه ..آآخ ياحصرتي عليها ..ولما ولدتها قامت رمتها بالهيشه وهي زغيره وشردت معه وإنقطعت أخبارها ..ولقيت أنا البنت منتحره من لصياح ياحرام " من شدة البكاء" لحالها بالشجر وأخذتها وربيتها ..وهي هسى مثل بنتي وزياده؟

-الله عليكو ياأهل قرية أم الملح ..ليش همو هيك ..وليش بسوو بحالهم هيك ..معقول لهاي الدرجه..مابخافو الله ..طيب ..مابحسبو حساب للآخره.

-من قلة الدين ياوليدي..والله من قلة الدين وبعدهم عن ربهم ؟

-وهسى كيف بدي أشوف أمي .

-هههههه أمك ..ليش هو إنتي مفكرها مقطعه حالها عليك .. مهي هذه فريال ..هو أنا غشيمه عنها..فريال نستك زمان بعد مافكرتك متت وسوت مناحه وإنتهت سلافتك بالنسبه إلها ..ههههه إنتي بتفكرها بتصيح عليك لهسى ياوليدي ..مهي هسى دايره من بيت لبيت وعلى لعراس بترقص وبتغني وبتزف بهلعرايس مثلها مثل غيرها..وبتوكل وبتشرب ..لاتشغل بالك بيها ..بس رايح إخليك إتشوفها؟

-شكرا إلكي ياعمه .

-ويش عمه..ويش.. أنا من اليوم صرت أمك على بين ماترجع على القريه ياوليدي ..لأنه الأم إلي بتربي مي إلي بتخلف ..مهي الكلبه كمان بتخلف ..هي كل وحده خلفت صارت أم؟

-أنا والله بفتخر وبتشرف  بيكي ياأغلى أم ..بس هي بتظلها أمي كمان.

-الله يحفظك ويحميك لشبابك ..مين عارف يمكن القريه تصلح على إديك ..خليك معنا هون يمه يايحيى أكمن سنه وبعدين بترجع على القريه بعد ماتتعلم الشجاعة ويصير جسمك قوي ..ههههه وإتصير ذيب؟

ثم أمسكت يده الرقيقة الناعمة الملمس وقبلتها وقالت ضاحكة:

-لأنه هسى مابنفع هيك ياوليدي ..إديك ناعمات مثل إدين لبنيه "البنت" هههههه عمنك عشت بقصر ههههه وتغطيت  بالحرير ..والله إنو البنات أخشن منك بالقريه ههههه إنتي شايف فرح الحلوه هاي ..بتقدر عليك هههههه ؟

شعر يحيى بالحرج وعند ذلك أصر على البقاء في الجبال والغابات مهما كانت قسوة الطبيعة والمناخ .

كذلك لاحظت نوال نظرات الإعجاب المتبادلة بينه وبين فرح و أسرها ذلك كثيرا ،وشعرت بالراحة والسعادة .

وهكذا ينتقل يحيى من حياة القصور والترف والحرير، إلى حياة البرية وقساوة الطقس وتقلباته.

         "نهاية الفصل الثاني "

(يتبع....)

تيسيرالمغاصبه

٤-٤-٢٠٢٤


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *