جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

دورة شمس واحدة

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

يعود الفضل لليونان القديمة حاضرة الأغريق؛ الفضل و السبق المعرفي العلمي و الأدبي و الفني في تولي أهمية الزمن في سلئر دوابيب حياتها الدينية و الدنيوية. بل كانت قد جلٌته و قدسته وجعلته بطلا ثم نصف إله ثم إله بالمرة.

 ورغم ان قالت عنه بعد مرحلة التدوين بأنه إله رحيم. بمعنى ان اذنب شخص في حق شخص آخر  سينصف الزمن المظلوم و ان طالت مظلمته.

و مهما كانت عند امرء خليقة و ان خانها عن الناس وطالت المدة ستعلم لا محالة.

نلوم الزمان و العيب فينا***هيهات أن تجد العيب سوانا.

ورغم هذا الحمد و التمجيد و المدح في الزمن غير أن معظم الأدباء و شعراء الدراما و الملاحم العملاقة ذمته و سخطت عليه كما هو عند هوميروس و هزيود.

تقول الأسطورة: حين نظر الإنسان الأغريقي القديم أول مرة الى السماء فوجد توالي الكواكب و النجوم و القمر و الشمس فكان قد اذهلته و ادهشته بل ارعبته و اخافته فسماها (اورانوس) Oranus ، و لما نظر الى الأرض فوجد البشر و البحار و الجبال و قوى الطبيعة....فسماها (جايا) Ghaia . و بين السماء و الارض ولدت العديد من الآلهة الأبطال و أنصاف الآلهة. و جد تعاقب  الليل و النهار أي الزمن ، سمته الأغريق (كرونوس) Cronus ; و منه جاءت الميقاتية الرياضية كرونوميتر Cronometre '، و منه جاءت كلمة  كرونولوجيا Cronologie...... رغم أنه رحيما غير أن مقوله أخرى على طرفي نقيض تتهمه بأنه إله ظالم يأكل أولاده (الليل و النهار) و لا يدوم أحد منهم.

و في يوم وُلِدَ له زوجته (هيرا) فتى جميلا بهي الطلعة  (زيوس) خشيت أمه (هيرا) زوجة (كرونوس) أن يبتلعه ، فأسلمته الى مربية تبعده عن أبيه الظالم الجائر حتى يبلغ أشده و يقوى ساعده ، في حين لفت حجارة بلفافة الرضيع وألقت به بفم الزمن كرونوس حتى يتوهم بأنه ابتلع زيوس.

بعد مدة من الزمن عاد زيوس قويا شابا ، وقامت معركة شرسة ، ضروسا بينه و بين ابيه ، أنتهت بإناصار الإبن على أبيه.  انتصر فيها زيوس على كرونوس حيث خرجت جمبع اخوته من دياجير بطن الزمن.

هذه الفكرة ، فكرة انتصار زيوس على كرونوس هي فكرة انتصار النظام على اللانظام ، انتصار المحدود على اللامحدود ، و  الإنتصار على قوى الطبيعة.

هذه الفكرة ؛ سذاجة البداية ، الحلم الجمعي الأغريقي مما قبل الميلاد ، و ما قبل التدوين ، و حتى ما قبل الفكر الفلسفي تمنحنا ملمحا أوليا عن مكون اهمية الوقت في حياتنا اليومية. بل ملمحا ورؤى أبتدائية متقدمة اغريقية صرفة عن الاستثمار في الوقت.

الوقت  الإله هو النجاح الصناعي.

و ان الأمم التي  نجحت حضاريا ماديا و معنويا عرفت كيف تسثمر في الزمن و الوقت و تحول ما هو خيال مجرد الى واقع مجرب ملموس ، يعود بطائل مادي عن هذه الدولة او تلك.

تكفي نظرة بسيطة عن ألمانيا الموحدة الفيدرالية اليوم ، التي خرجت من حربين كونيتين مدمرتين ، لو أنها دولة أخرى اقل اقداما و عزيمة لمسحت على وجه الارض الى أبد الأبدين. ألمانيا التي عرفت رغم قلة عائد مواردها الطبيعية قوية ؛  عرفت كيف تربح رهان الإنسان و تضعه ضمن عامل تقدير الوقت مدخلات و متخللا و متفاعلا و تغذية راجعة..لذا لا غرو ان جاء شعار ألمانيا الصناعية اليوم : " أربع ساعات نوم تعني النجاح و خمس ساعات نوم تعني الفشل". يصب في هذا النجاح الكوني الذي تشهده ألمانيا.

جتى أن مقولة نصف جنونية تقول : ان الرجل اليباني و الرجل الألماني كلاهما يعملان 25 ساعة على / 24 سا !

طبعا ساعة مثل هذه لا تقدره لا بالساعة الرملية و لا الميكانيكية و لا الألكترونية و لا البيولوجية انما هي ساعة ميثولوجية. أولئك الذين لا يتوانون ان يحولوا احلامهم الفردية(أسطورة الفرد) و أحلامهم الجماعية (الاسطورة) الى واقع ملموس.

 و يجنون من التراب تبرا و من الشوك عنبا و من الجنون حلما وروية و عقلا.

و لنكن عقلاء و نطلب المستحيل ( شعار الثورة الفرنسية).

لا غرو اذن اِن وجدت ارسطو في فن الشعر يجعل و يضع من الزمن أهم وحدة  في لعبة الحبكة الدرامية ؛ و يمنح للدراما الكلاسيكية التراجيديا المأساة اهم وقت ممكنا (دورة شمس واحدة) أي يوم و ليلة ، بمعدل 24سا +12سا=36سا. و لكم أن تتخيلوا حجم الدقائق و الثواني عند الأمم الخلاقة التي تضع كل شيئ و من لا شيئ في حالة مساءلة ، في حالة رائز تقويمي تقييمي خاضع لكل ابداع و فكر و محاكمة منا لا تطيقه أيه دراما اليوم.

و مع هذا كله : ان الزمن لإله رحيم.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *