كريم القاسم
لـمـاذا الـهـايـكـو ؟
(( أخي القاريء الكريم : لستَ مُجبَراً على
التعليق ، اقرأ فقط .. الغاية هي تعميم الفائدة .. إحترامي وتقديري))
...........................................................................................................................................................
( لـمـاذا
الـهـايـكـو ؟ )
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كي لانهدم
الهمم او نقوّض البناء ، علينا أن نهتم بكشف الأردية المُهلهلة عن جسد الادب
العربي ، لنضع بين أيدي كتّابنا الأعزّاء أردية نقيّة الطرف ، واضحة المعالم ،
خالية من الشوائب والأدران ، فالأدب العربي لايستحق النخر والهدم بأيدي مُريديه
بنيّةِ او بجهل .
ولكي لايفهم
البعض اننا نريد أن ندق مسمارَ خلافٍ أو زعلٍ في رفوف الاخوة النقَّاد والشعراء ،
إنما لابد للحوار والبحث والتحليل من سبيل
، ولابد الأبتعاد والانصراف عن محاور
التقليد .
ــ لانريد
الخوض بما يندرج تحت مصطلح (الهايكو) مِن فيضٍ معلوماتيٍّ كبير ، كَون (الهايكو)
يُفترَض ان يكون له تاريخا معرفيا لدى أصحاب الشأن او كتّاب الهايكو أو مَن تصدى
ويتصدى له .
لذلك سنكتفي
بالآتي :
ـ الذي دعانا
الى كتابة هذا المقال هو ( الانفلات الهايكوي) والذي بات يُهدد بغزوٍ أدبيٍّ
مُستهجَن لايقوى على الوقوف والثبات ، لكنه قد ينخر بجسد المعرفة لمن أراد التعلم
والخوض في تجارب تأليفية صحيحة .
ــ المشكلة
الكبيرة تتمثل في المُتصدّين لفن (الهايكو) من النقّاد وبعض المنتديات الذين يمدون
جسور معرفة غير منضبطة وغير رصينة وغير مستندة الى دليل او برهان اكاديمي علمي ،
إنما مجرد مدحٍ وتمجيد لكلمات واهية النسج ، قليلة الابداع ، مفككة الاوصال ،
لايمكن ادراجها الا ضمن خاطرة ابتدائية ، او مقطع شعريٍّ ابتدائي ، وسبب هذه الابتدائية هو ابتعاد الكاتب عن
الدراسة والتبحّر في الاختصاص او فيما يكتب . إضافة الى ذلك ؛ ان بعض الاخوة
الكتّاب ، هدموا جسور التواصل النقدية بينهم وبين النقّاد الرصينين ، فهم لايطيقون
النقد ، بل ولايفرقون بينه وبين الانتقاد ، مما ولدَّ عذراً إنتشر كالنار في
الهشيم ، وهو (الهايكو العربي مولود جديد نتيجة تلاقح ثقافات أجنبية متنوعة ،
كولادة قصيدة التفعيلة .)
ـــ لقد
صُدِمتُ عندما نشرَ أحد الاخوة مقالا كبيراً ـ نُشِرَ في مواقع رصينة ـ قد عنوَنَه بعنوان سطري :
(الهايكو
العربي قصيدة التوقيعة ، الومضة المدهشة ،
ولغة الحاسة السادسة)
وياللاسف
؛نجد الكثير من المنتديات نشرت له دون تمعّن او تمحيص ، وإن بعض الاخوة النقاد
ومَن يمتطي صهوة البحث ، نجده قد استنزف طاقته كلها ليُصدِّق مايقرأ ، ثم ينسخ
ويزيد عليه ، ليُفرّخ مقالاً آخراً ، ثم يأتي ناقد أو باحث آخر وينسخ ويزيد عليه
بعض الشئ ، ويأتي آخر يفعل ذات الفعل ، حتى يصبح النشر تفريخاً مريضا مشوهاً
مُستنداً ومُتكِئاً بعضاً على بعض ، ما أن تهبّ عليه رياح النقد الرصين حتى تجده
متهالكاً ضعيفاً لايقوى على الصمود .
والأنكى من
ذلك ؛ ان بعض النقاد والكتّاب- ممن يُعوّل عليهم - قد اختطف آراء الدكتور (طه
حسين) أو غيره من أعمدة النقد والادب في طريقة النسج او نظم الشعر ليمزجوها ويدخلوها عنوة في (الهايكو) حتى يظن المتلقي بأن الأمر بات
مفروغاً منه لامحالة ، وكأنه جنساً ادبيّاً رصيناً مُحدَد المعالم .
ــ والبَليّة
الكبرى انهم يدعونه بـ (الهايكو العربي).
ــ ونحن
نتسائل :
• هل يوجد في لغة العرب لفظة (هايكو) ؟
ــ انه
التخبط لاغير ، كما في تسمية (القصيدة النثرية)
• لـمـاذا
الـهـايـكـو ؟
ــ هذا
السؤال يجب ان يقرع أذهان مُريدي هذا الشعر الياباني البليغ . ويجب ان يبحثوا عن
الاجابة الصحيحة .
ـ وبعد ذلك يبرز سؤالان :
• كيف نكتب
في هذا الجنس الادبي الدخيل ؟
• وهل يمتلك
الادب العربي جنساً أدبياً مثله أو على الأقل قريباً منه ؟
ــ الجواب :
- إن (البحث)
هو المحطة الفيصل ، وهو الأس الذي بات ـ للأسف ـ في طي النسيان او راكداً على غبار
الرفوف .
ـ صحيح إن
الثقافة باتت الآن تبحث عن مرئيات ومسموعات وكتابات ومعلومات مختصرة مكثفة ؛ لكن
من الممكن لمن أراد القراءة وزيادة المعلومة أن يجد مبتغاه . وعلى الناشر إذا أراد
أن يتصدى لموضوعٍ ما ، عليه أن ينشر ضمن ضوابط وأسس صحيحة ، ثم يترك الامر للمتلقي
، كلّ حسب درجة وعيه ، ورتبة ثقافته ، ونوع اختصاصه .
ـ لانريد ان
نعرض ونستعرض ونبحر في معنى فن (الهايكو) وانتسابه ، فبإمكان لمن أراد الاستقصاء ؛
الضغط على زر البحث في (الگوگل) ليجد مايشتهي .
ــ فقط
نُذكِّر ؛
بأن
اليابانيين كتّاب الهايكو هم اعرف بفنّهم
وأسسه ، فهو جنس أدبي ياباني بإمتياز ، قديمٌ عريق. مفرداته والفاظه منتقاة بدقة
وعناية ، ونوعها وعددها محدد لايقبل اللغو والحشو والركاكة والهذيان .
ــ امامنا
نموذجاً لكاتب محترم ـ تم الاستئذان منه لغرض التنوير والفائدة والنقد ـ قد أبحرَ
فيما لايدري ، بسبب مَن شجَّعه على ركوب الاهوال ، وبسبب عدم توجيه بوصلته التأليفية
الى الوجهة الصحيحة :
( وردتان ..
الربيع قادم
الفلاح مريض
والعطر بلا
أثر )
ــ فكرة النص
اعلاه بسيطة جداً بعيدة عن البلاغة والبيان والعمق وقوة السبك . فقط أراد الكاتب
ان يوفر بعض عناصر الهايكو ، مثل الطبيعة فجاء بـ (الربيع) ثم أراد ان يبرز عناصر
الربيع فجاء بــ (وردتان ، عطر ...) ولو اردنا نقد وتحليل النص لطال المقال .
ــ ويكفينا
تساؤلاً بسيطاً :
• لِمَ
حُدِدَ العدد (وردتان) اثنتان والربيع
قادم لم يحضر بعد ؟
• وما علاقة
الفلاح بأثر العطر ؟
وهناك الكثير
من اللفتات النقدية والفلتات النسجية لسنا بصددها ، كون النص اساساً لايقوى على
الثبات امام النقد والتحليل والتقييم .
ــ ذات مساء
، كان لي حديثا مطولا مع احد الزملاء من كتّاب الهايكو ، والذي ملأ الصفحات بما
ينشر ، حتى تتبعت نشره ، فوجدته قد نشر خمسة نصوص في ليلة واحدة . وكأن النشر مطعم
تجهيزات (ديليفري) حسب الطلب .
ــ وجَّهتُ
اليه بعض الاسئلة بعد الملاطفة والاستئناس
:
• متى يُكتَب
الهايكو ؟
• كيف
تُقَسَّم كتابة الهايكو حسب الطقس ؟
• مانوع
البلاغة والاشارة المتوخاة ؟
• ماالغاية
من الهايكو عند اليابانيين؟
• كيف يجعل
الشاعر الياباني تاريخاً مرمَّزاً في نص الهايكو ؟
• لماذا
يُعتبرالهايكو سجلاً تاريخياً للشعب الياباني ؟
• كيف يمكن
ان نُجسّد صورة لحظية خاطفة بمقطع هايكو ؟
• كيف يمكن
لنا ان نختار الفاظاً بسيطة لنسجها ضمن شروط الهايكو فتعطي مُجسَّماً دقيق
الاشارة، بليغ المعنى ؟
• هل يكون نص
الهايكو المنسوج بنولٍ عربي مواز للهايكو الياباني ؟
ــ فلم يُجِب
على الاسئلة .
ـ وبعد أن
سألته :
• كم مقطعا صوتيا يتضمن نص الهايكو؟
ــ اجاب :
• وما هو
المقطع الصوتي ؟
• هل تقصد
الكلمات ؟
أقول :
- هنا بيت
القصيد .
ــ هنا الضياع الثقافي والتأليفي .
ــ دعونا
الآن نتحدث بخصوص طبيعة التوجه لهذا الجنس الادبي الغريب عن ساحتنا الادبية ،
ونتسائل :
• هل لدينا
مايعوّضه ؟
ــ الجواب /
كلا .....
لايوجد مايعوضه .
فلكلّ جنسٍ
ادبيّ أصوله وثوابته ، ومَن تَصوَّرَ بأن (الهايكو) شبيه بـ (الومضة الشعرية) فهو واهم ولايفقه ، وشتان مابين الاثنين .
وسيكون لنا
فيهما حديثا مطوَّلاً إن سَمحَ الوقت ان شاء الله تعالى .
- للاسف فقد نشر البعض ومضات شعرية تحت عنوان
الهايكو .
- والبعض نشر
خواطراً مكثفة تحت عنوان الهايكو .
- والبعض نشر
اقصوصة مكثفة تحت عنوان الهايكو .
- والبعض نشر
أسطراً نثرية تحت عنوان الهايكو .
- والبعض
تلاعب ببيت شعري ليجعله هايكو .
وهذا ابتذال
وعنجهية واضطراب واستخفاف في الرصانة الادبية ومنقصة للقدر .
فالهايكو
قصيدة يابانية مستقلة الحضور ، لها مايحددها ويؤطّرها مِن أطرٍ ومُحددات ، ولها
فلاسفتها ومتصوفوها وكهنتها .
بينما الومضة
الشعرية هي بناء مستقل كذلك ، لها الفاظها ومعانيها المكثفة ، وبلاغتها وعنفوانها المتفجر ، حتى تجد اسمها
مناسباً لديناميكيتها .
والفنون
النثرية العربية الاخرى من خاطرة واقصوصة وغيرها كذلك لها ثوابتها وأركانها وطبيعة
بنيتها .
ونحن نضع
اللوم كلّه على النقّاد المتطفلين الذي يثردون بغير آنيتهم ، ونلوم المنتديات
الادبية التي اختصَّتْ بهذا الفن ـ وقد يكون القائمون عليها لايفقهون بفن الهايكو
اصلاً ـ ونلوم بعض ادبائنا الذين اصابتهم العدوى لضعف مناعتهم الادبية حين كتبوا
عبارات تحت عنوان الهايكو ، مما حدا بالكثير من الناشئين للحذوِ حذوهم ـ فهم
يعتبرونهم قدوة ـ وعندما أتصلتُ بأحدهم لغرض المناظرة لتصحيح الاتجاه ، لاسيما هو
كاتب محترم ، اكتفى بالصدِّ وغلق باب الحوار .
• لكننا نقول
ماضَرَّ لو إنشغل الكاتب العربي بالومضة الشعرية إذا كان تواقاً الى المقاطع
القصيرة والصغيرة والمكثفة ؟
ــ احترامي
وتقديري...
(كريم
القاسم)