الأسد القمَّام.
عبد الكريم علمي
قصة قصيرة: الأسد القمَّام.
كان أسدا مهيبا تهابه كل الحيوانات، وترتعد فرائصها لمجرد رؤيته، وتنخلع
قلوبها من صدورها لسماع زئيره، يأكل أحسن الأصناف حتى التخمة.
نظر ذات يوم إلى قُطعان الكلاب
الضالة القمَّامة في المزبلة الكبيرة، وهي تتصارع على جيفة، فخمَّن أنها ربما
أُكلة شهية لم يحظ بها من قبل، ولن يجود الزمان بمثلها، فاستعمل كل قوته وطاقته
لإبعادهم والظفر بالوليمة، لكن الكلاب تعاملت معه على أنه كلب منافس، فهـرَّت في
وجهه ونبحته ومزقته بأنيابها، ولاحقته نبحًا وعضًّا، فخرج من بينهم جريحا مكلوما،
مضرجا بالدماء، يئن كجرو صغير، ورائحته قذرة لا تُطاق.
ومنذ ذلك اليوم سقطت صورته المخوفة
المرعبة من أعين جميع الحيوانات، وزالت هيبته من أعين الكلاب وتجرأت عليه، وكلما
رأته أُغريت به ونبحته وطاردته، وأما هو فمن حينها انعدمت نخوته ونسي طبيعته،
وتلاشت من نفسه عزته ونخوته وكبرياؤه وشموخه، وإذا أراد الزئير نبح مثل كلب
قمَّام.
بقلم: عبد
الكريم علمي
الجمهورية
الجزائرية