حسن أجبوه
💢 قصة
قصيرة :
المسحراتي
أبي ليس ككل
الأباء ، نعم، فهو الوحيد بقريتنا الذي
تنحني له كل رؤوس رجال القرية. لم يكن محله القابع في آخر الطريق قبلة فقط
للراغبين بحلق شعرهم ولحييهم، بل حتى نساء بلدتنا اللواتي يتوارين خلف الشباك
الخلفي لأخد رأيه واستشارته في عدة أمور أجهل فحواها..!
تقول أختي
التي تصغرني بسنتين أنه يمدهن بحجابات تقي العين وترد الحبيب !! لكن ورغم ذلك
فدوره الأهم هو دور البطل، الذي تستقيظ القرية لطبلاته المتكررة طيلة الليالي
الباردة في شهر رمضان .. يتوشح أبي سلهامه الأبيض الذي ورثة عن أجدادي، فهاته
المهنة توارثتها عائلتنا أبا عن جد، لذا تحثني أمي على مرافقة أبي لكي أتعرف على
مايقوم به.. لاأخفيكم امتعاضي من الأمر : كل أطفال القرية يتسامرون ويلهون بينما
انا مضطر لحمل الفانوس والتشبت بتلاليب جلباب أبي وهو يقرع ضربات متتالية ويصيح :
" ياعالم ..قوموا تتسحروا "
فتطل بعض
النسوة من شرفات منازلهن لإطلاق الزغاريد أو لمدي ببعض حفنات من التمر والتين..
لا أخفيكم
سرا أن اشتياقي لبسمة أبي و صراخه.. فلازالت ذكرياته تأتيني شدرات في أحلامي وأبغض
نفسي، لأني هاجرت عن القرية و حاولت الخروج من جلباب والدي ...
الا أنه ورغم
ذلك، مازال اسمه محفورا لدى البعض لأنني عندما أصادف أحدهم عند زيارة القرية يتناهى الى سمعي :
-لقد كبر ابن
المسحراتي..
✍️ حسن أجبوه