محمد زهران
أرسلهم الله لي :
فجأة وسيادتك قاعد في بيتك في أمان الله والجو حر لايطاق وتحديدا في ١٦
سبتمبر ٢٠١٩ تتصل عليك مديرة الإدارة ، وهي بتستهبل وتقول لك : الوزير قبل
استقالتك ليه عملت كده ؟! ، ليه تضحي بمستقبلك ؟!! ، مع إنك ماقدمتش للوزير
استقالة ؟!! ، في هذه اللحظة عرفت إن الموضوع انتهى ، وإن الوزير بمساعدة المستشار
القانوني والشئون القانونية ظبطوا ورقهم على إنهاء خدمتي ؟!! ، فلم أفكر في الرجوع
للعمل بالقانون لأن الموضوع هياخد وقت وكده كده عاملين حسابهم ، فكان التفكير في
هذا الوقت أصرف على أسرتي منين ؟!! ، لازم أشتغل أي حاجة وبسرعة ، لكن أنا خبراتي
كلها في التعليم سواء تدريس أو إدارة ، ولي أصدقاء كتير عندهم مدارس خاصة وسناتر ،
لكن الخصومة بيني وبين الوزير ستضعهم في
حرج ومشاكل ، مر اليوم الأول بعد معرفتي بقرار الإقالة صعبا عسيرا بلا نوم ، واليوم
الثاني والثالث وفي اليوم الرابع كان خبر إقالتي منتشر على الفيس فوصلني تليفون من زميلة من محافظة البحيرة
وطلبت رقمي القومي ، ونظرا لأن الأمر ليس فارقا معي فلم أسألها عن سبب طلبها ،
ولكن بعد نص ساعة اتصلت علي وأبلغتني بأنها أرسلت لي حوالة بخمسة آلاف جنيه تعويضا
عن مرتب الشهر الأول بعد الفصل من الخدمة وأن أطمئن بأن الله لن ينساني ، مع أن
هذه الزميلة لم يكن بيني وبينها أي اتصال سابق ، وحاولت بعد ذلك أن أصل لها كي
أشكرها على الأقل فلم أتمكن .
ثم توالت الاتصالات لتقديم المساعدة ، زميلة من سوهاج وأخرى من أسوان وزميل
من الدقهلية ، وزميلة من طنطا ، وزميل من بنها وإذا بالأستاذ عصام حجازي يتصل علي
ويطلب مني فودافون كاش ، ويبلغني بأنه زميل من الأسكندرية فلما اعتذرت له وشكرته ،
الراجل أبلغني بأنه يسير في شقته بجهاز تنفس صناعي ، وأنه الآن في الشارع ، ولن
يرجع رغم خطورة نزوله الشارع إلا إذا استلمت منه الحوالة ، وبالفعل عندما زرته أنا
والزميلة الفاضلة إيمان اللبودي كان يتحرك في شقته بجهاز تنفس صناعي ، وعلمت أنه
توفي أثناء وجودي في المعتقل - اللهم اغفر له وارحمه واسكنه الفردوس الأعلى .
العجيب أن من ساندوني في فترة فصلي من الخدمة وساعدوا أسرتي أثناء اعتقالي
واستمروا في المساعدة بعد خروجي معظمهم لم يكن بيني وبينهم معرفة سابقة ، أقربها
الصيف الماضي ، مريت بأزمة مالية ، وكان عندي جهازين تكييف من النوعية القديمة
تركهما صاحب الشقة عندما اشتريناها منذ سنوات سابهم هدية ، فأعلنت عن بيعهما على
صفحتي على الفيس ونحن في عز الصيف والحرارة كانت شديدة ، فإذا بسيدة فاضلة تتصل
عليّٓ وتطلب مني شرائهما ، وأرسلت لي مبلغ ٢٠٠٠ جنيه ، ثم اتصلت علي وقالت لي خليهم عندك أمانة أنا
مش محتاجاهم الأيام دي .
هؤلاء أرسلهم الله لي لمساعدتي ، وجميعهم رفض أن أذكر اسمه فهم لايريدون
شهرة ، ولكنهم فعلوا ذلك يريدون وجه الله .
كتبت هذا البوست الآن عرفانا بالجميل لمن ساعدوني وظروفي لم تسمح برد
الجميل لهم ، وأنني إذا قصرت في حقهم لظروفي فأجرهم عند الله ، والأمر الآخر أن
الجماعة الحرمية هنا وهناك قاعدين يسألوا ويتحروا : أنا عايش إزاي ومنين رغم كل
اللي عملوه معايا ورغم الحصار ، ونسيوا أن
هناك ربا لايغفل ولا ينام .
* الصورة المرفقة : أثناء زيارتي للأستاذ عصام حجازي في منزله بالأسكنرية
أنا والزميلة إيمان اللبودي - اللهم اغفر له وارحمه