قراءة في كتاب (عمر الخـيام) رباعياتُهودراسة تحليلية عن حياتِه • للكاتب والشاعر الأستاذ : حامد حبيب
قراءة في كتاب (عمر الخـيام)
رباعياتُه
ودراسة تحليلية عن حياتِه
• للكاتب والشاعر الأستاذ : حامد حبيب
• إعداد :د/صلاح الدين أبوبكر عثمان_السودان
--------------
--------------------------------------
نبذة مختصرة عن الكاتب
•الاسم : حامد محمد حبيب
•مواليد قرية (ميت ابو علي) مركز الزقازيق _محافظة الشرقية.
•كاتب وناقد ومترجم
•عمل محرّراً صحفياً ومشرفاً لصفحات أدبية. وفي قسم التحقيقات في عدة صحف
(الإقليم/الهدف/الاجيال المصرية/ابو الهول/الدولة/ اللواء العربي،…)
•شارك في عدة مؤتمرات أدبية بدراسات نقدية (المؤتمر العام لادباء مصر في
الاقاليم/مؤتمرات إقليم شرق الدلتا/ مؤتمرات اليوم الواحد).
•رئيساً لنادي ادب بلبيس عدة مرات. •حصل على عدة شهادات تقدير في مؤتمرات
ومناسبات ادبية عديدة، كما حصل على عدة شهادات تقدير من الخارج.
*من كتاباته:_ الغزو السوفييتي لأفغانستان (١٩٨٨) _الحلم الصهيوني(١٩٩١)_حكايات سياسية في مصرع الشيوعية
(١٩٩٨م)_نقد فلاسفة العصور الوسطى (٢٠٠١م)_ كتابات في التصوف الإسلامي(٢٠٠٣م)_"راتشاك
"مجموعة قصص قصيرة (٢٠٠٠م)_ ديوان"افلاطوني" بالعامية (٢٠٠٢م)
_"سنمّار"قصص قصيرة ( ٢٠٠٣م) _ديوان
"شظايا" بالفصحى _مسرحية "الدُّش مات"_ثلاثة فصول
_رواية "مملكة الجن" _دراسات نقدية لاكثر من مئة اديب.
وكتابات اخري._ مختارات من الشعر
الفارسي (ترجمة)_مختارات من الشعر الأوروبي(ترجمة) _ديوان مترجم من العربية
للإنجليزية بعنوان:"٧٥مقبرة في قلب شنجال"75cemetert in Shingal'sheart""للشاعر العراقي: خالد الشيخ_دار المتن العراقية
٢٠٢١م_كتاب"كتابات في عالم يحترق"_دراسات نقدية. جمع وإعداد ومشاركة
وترجمة."دار كنزي للنشر"ديسمبر٢٠٢٣م"_عمر الخيام.. دراسة تحليلية
_الأنباط _كليوباترا بنت الزمار
*مؤسس عدة مواقع إلكترونية:(عالم
الثقافة/عالم الثقافة في آسيا/عالم الثقافة في اوربا/عالم الثقافة في الولايات
المتحدة/ رابطة المثقفين الأفارقة/ ملتقى النقد الأدبي/حصاد العلم/ذاكرة
التاريخ/مجلة ذكريات/فولكلور/روائع الشعر العربي/روضة الأرواح/رؤى فلسفية /الطفل
العربي)
_______________________________
(عمر الخـيام)
رباعياتُه
ودراسة تحليلية عن
حياتِه
...............................
قدم الكاتب استعراضا وتحليلا سابرا لحياة هذا الشاعر الفيلسوف المثير
للجدل، والذي أحاطت بسيرته الكثير من الغموض والتناقض ،حيث تبرز التحيات وحالات
الابهام من الاختلاف في تاريخ ميلاده ،ولم يقف التضارب هنا بل امتد لشخصية الخيام
من حيث مكان ميلاده ،وقد حسم المؤلف تلك الإشكالية المتداخلة بين الزمان والمكان .
ومن ناحية أخرى فإن الثابت أن الخيام عاش في نيسابور حيث كانت تزخر
بالمعارف بالخيرات والعلوم، ،وتضم جامعات تُدرّس الإلهيات والفلسفة والمنطق
والطبيعة، كما أن سيرته واخباره مبذولة في كتب التراجم والمؤرخين والعلماء ،فهو
فارسي عربي وبذلك مبعث فخر للعرب والفرس ،ومضى الخيام في رحلة الرجعى الى الله
عابرا للضفة الأخرى في العام(1123هـ)،ودفن في نيسابور عاصمة خراسان وقبره فيها في
مدفن الحيرة المعروف بمشهد علي.
لم تكن قصائد الخيام تقليدية، فقد نُظمت بطريقة تُسمى “الرباعيات”، وهي لون
شعري عرفه العرب في المشرق والأندلس، وكل رباعية تتكون من أربعة أشطر؛ الأول
والثاني والرابع على قافية واحدة، والشطر الثالث من قافية مختلفة.
تحدث المؤلف عن حياة الخيام من زوايا متعددة ،كاشفا عن نبوغ وعبقرية الخيام
الذي نجهل عنه الكثير فيي عالمنا العربي ، فقد أزال بذكاء وايجاز منضبط العديد من
علامات الاستفهام ، فالخيام كشاعر للرباعيات ،ومفكر رياضي ،أيضا هو فيلسوف صوفي .
في مقدمة تقدم الكاتب بالشكر والتقدير للأديب الفذ الأستاذ(أحمد رامي) الذي
ترجم لنا رباعيات الخيام من الفارسية إلى العربية، مما منحنا الفرصة للتعرف على
الخيام شعرا وفلسفة وعلوما ترتبط بالرياضيات والنظريات العلمية ،والتعرف على ملامح
حياته الزاخرة بالتناقضات والتحولات الجذرية في نمط أسلوبه ونوعية تفكيره ،حيث عاش الخيام في ظروف سياسية قاهرة ومناظرات
سياسية واجتماعية كبيرة هزت العالم آنذاك وطبيعي في مثل هكذا ظروف ان تتسم حياة
الفرد والمجتمع بالصراعات الداخلية والاهتزازات النفسية .
قدم الكاتب خلفية تاريخية لحياة الخيام منذ ميلاده الى مماته ،والعصر الذي
عاش فيه ولم يكن بمعزل عن فعالياته ،مما أتاح الفرصة للتعرف على كيفية تشكلت شخصية
الكاتب النفسية ، حيث يسيطر حكام السلاجقة
الذين أسّسوا دولةً امتدّت من
بلادِ ما وراء النهر وخراسان إلى أطرافِ العراق، واستمر حكم
السلاجقة بالمذهب السني إلى أن بدأت
الحملات الصليبية وتحقق لهم انتصار ساحق
على الأتراك السلاجقة وإقامة أول الإمارات الصليبية فى "الرّها". وفى الوقت الذى
كسرت فيه أوربا شوكة الأتراك.
وهكذا نشأ الخيام في هذه الأجواء المضطربة المليئة بالصراعات ،فتكونت في
وجدانه ونفسه ملكات خارقة حلقت به في سماء الابداع فلسفة وشعرا وعلوم رياضية
وطبيعية كدأب كل المبدعين الذي تنقدح شرارات الابتكار في عقولهم من وسط ركام
المعاناة ،والواقع البائس ..
كما أوضح المؤلف فعاليات الواقع العلمي ، حفل
هذا العصر فى بداياته بالروح
العلمية وتأسيس المدارس ، وكان
علم الكلام قد وصل لدرجة
كبيرة من النضج ،
واشتد النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة
والحنابلة ، وشاعت آراء الباطنية خاصةً
حركات الإسماعيلية بزعامة (الحسن الصباح)و(احمد بن عطاش) فى دولةٍ
تدينُ بالمذهب السُّنّى ، وهى حركات استنفدت قوة كبيرة من السلاجقة
، وتعدّدت الفِرَق
والطوائف ، وتعصّبت كل فرقة لمذهبها ، وكثر الفلاسفة ومنهم(أبو على ابن سينا) وعظم أمر التصوُّف.
وُجِد (عُمر الخيّام ) فى هذا العصر
الذى شهد انتصارات السلاجقة
ثم ضعفهم وهزيمتهم ، وابتلى به العالم
الإسلامي على يد الصليبيين، والذى شهد
تنوُّع واختلاف المدارس
والمذاهب الدينية.
وقد وفق المؤلف في كشف المزيد من حياة الخيام ،وثقافته الموسوعية كشأن ـ
أقرانه في ذلك العصر ، وقد ذكر المؤلف أن في وفاتُه قيل
أنه كان يتأمّل
الإلهيات من كتاب
"الشفاء" لابن سينا ، فلما وصل
إلى فصل الواحد الستين
، وضع الكتاب وقام
فصلّى ثم أوصى ، ولم يأكل ولم يشرب
، فلما خرج من صلاة العشاء سجد لله ، وقال فى سجوده :
"اللهمّ إني عرفتُك على
مبلغ إمكاني فاغفر لي ،فإنَّ معرفتي إياك وسيلتي"
.وكان ذلك آخر
عهده بالدنيا ، إذ
توفّى حوالى
(٥١٧ه_١١٢٣م) فى عهد السلطان (سنجر).
مما يحمد للمؤلف حسن الترتيب
للأحداث والنقلات النوعية وتطور حيثيات
الموضوع ،وهذا التبويب توفر لهذا السفر الذي اضاء كثيرا من جوانب حياة الخيام
الفكرية والشعرية والعلمية والايمانية .
ثم انتقل المؤلف الى جانب اخر وهو التأصيل لرباعيات الخيام مبينا مفهوم
الرباعية رُباعيات الخيّام حيث قال: "حظى الخيام بكوكبةٍ من المهتمين بشعره
والترجمة له، فقال احمد رامي: " ظلّت رباعيات الخيام غائبة فى بطون الكتب،
ضائعةً فى حنايا المكتبات حتى وُفِّق الاستاذ (كويل) إلى
العثور على اقدم نسخة خطّيّة لها فى مكتبة
"بولديان"
ب"اكسفورد"، فنشر عنها وعن حياة عمر الخيام فى مجلة
"كلكتا"
لا شك أن الكتاب كشف عن شخصية عمر الخيام؛ التي يحيط بها كثير من اللغط والجدل والغموض والإبهام، والتي
تستحوذ على ِشُهرة كونية نادرة، فقد كان من الشخصيات التي هي نسيج وحدها
متفردة في المعنى و المبنى ، الشخصية القَلقِة (قلق المبدعين واهل العرفان) التي
أقض مضجعها المالات و مصير البشرية، والنهاية المأساوية التي ينتهي إليها جميع أفرادها؛ وقد عبر عن قَلقِه هذا من
خلال الرباعيات التي سكب فيها خلاصة أفكاره وتساؤلاته عن الكون والوجود، وفلسفة
الموت والحياة، والزهد والتصوف وعلوم الطبيعة
والتي كانت سبباً رئيساً في شُهرته وتشّويه صورته أيضاً، وبدلاً من أن يشكر على هذا الاهتمام ظُلِمَ في حياته ومماته، وفي
الرباعيات التي نسبت إليه ، وترجماتها المتعددة إلى أغلب لغات الدنيا، وتفسيرها،
وتأويلها، وتركيزها على اللّهو والمجون، واللّذة والشهوة، والفِسق والفُجور....
وقد سعى الأستاذ حامد إلى التدليل على
أوجه الظلم التي وقعت على الخيام، باعتباره فيلسوفاً مظلوماً لم ينصفه التاريخ،
وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة والأوهام الخاطئة، التي شاعت حول شخصيته ورباعياته،
ومحاولة إنصافه، ورَفِع الظلم الذي لحق به ، والذي شوّه صورته في الأذهان، سواء من
أبناء جلدته أو من المستشرقين الغربيين.
الخاتمة:
أشد على يد الأستاذ - حامد محمد
حبيب – الرجل صاحب المواهب المتعددة ،وذلك
فضل الله يؤتيه من يشاء ، فقد تناول بذكاء حياة الخيام حتى ينتفع بها الناس خاصة
الأجيال القادمة التي لا تعرف الكثير عن عمر الخيام الذي خلد اسمه بمداد من ذهب في
سجل المبدعين، وأبان بجلاء الرؤية
الفلسفية العميقة للفيلسوف عمر الخيام ، التي شغلت وما تزال البشرية جمعاء، وقضايا
الكون والوجود، والموت والحياة، والفناء والخلود، والجنة والنار، والثواب والعقاب،
وباحثاً عن أجوبة لأسئلة أرقته وقضّت مضجع
وآمل المزيد من الدراسات والبحوث حول هذا الشخصية الفذة المتفردة في الطرح
والتناول ،واحترام العقل ، وقدسية الحرية ،والجرأة التي يتمتع بحثه من الشك الى
اليقين ،لم تكن التحولات مزاجية انما عصارة تدبر وتفهم لقراءة الواقع والمتناقضات
وإعادة ترتيب فوضى الاشياء
وأخيرا نقول كما سمع النظامي السمرقندي من الخيام: “سيكون قبري في موضع
تنتثر الأزهار عليه كل ربيع”.