الوشاح الاحمر…ومواقع التواصل • قراءة في رواية"الوشاح الاحمر" • _للروائية الفلسطينية : تغريد مصباح_مصر _بقلم : حامد حبيب_مصر
الوشاح الاحمر…ومواقع التواصل • قراءة في رواية"الوشاح الاحمر" •
_للروائية الفلسطينية : تغريد مصباح_مصر
_بقلم : حامد
حبيب_مصر
-----------
----------------------
بأسلوب الحَكي التقليدى ، واستخدام
"الفلاش باك Flashback" في
رواية"الوشاح الاحمر Red scarf"
تتفجّر عدَّةُ قضايا ،أهمها قضية "مواقع
التواصل الاجتماعي Social media"
ومدي تأثيرها الخطير علي المجتمع ،بحسب
ماجاء علي
لسان البطلة"ذلك المشروع المُخرِّب
الذي دخل
ليدمِّر حياتِنا".
فموجز
الرواية :[أن (أميرة)ابنة العائلة الاستقراطية تزوجت من ضابط بالجيش ، علي رضىً
منها واحبّته وكان هو الاخر
يحبها كثيراً غير أنها لفظت
وهي نائمة علي سريرها ذات
ليلة باسم رجل في الوقت الذي كان فيه زوجها بجانبها،
لتبدأ رحلة
الشك في اسم هذا الرجل المنطوق باسمه (عُمَر)، لتبدأ الحكاية من نقطة الصفر ، عند
المشاركة في جروب خاص علي الفيس ،كان في البداية للتسلية وتضييع الوقت ،استخدمت
فيه البطلة اسم مستعار"Red scarf"
لتتصاعد الاحداث من
خلاله
وتتطوّر العلاقات بينها وبين أحد الشباب،ثم
تنتقل
العلاقة عبر "الخاصMessenger "
وتكشف له عن
اسمها الحقيقي وهوية عائلتها وعنوانها واسم كُليتها والسنة الدراسية،بمعني أن
البوحَ بالتفاصيل انتقل إلى الخاص،والخاص خصوصية ، فتكشّفت غوامض ، وتم استدراجها
من خلاله،رغم تحفظ والدتها من البداية علي امتلاكها لهذا الجهاز،إلي أن أقنعت
والدتها ووعدتها بعدم الولوج في عالمه..ثم تتزوج من هذا الضابط بعدما تكشَّف لها
كذب من ادعي حبها من خلال هذا العالم الافتراضي،لكنه لايزال في وجدانها، وينفلت
اسمه علي لسانها في منامها،حتي أنها لتهذي به ، دون أن تدرى أن زوجها التقط هذا
الاسم من علي لسانها، لتبدأ حالة الشك والتنغيص الحياتي رغم حملها جنيناّ…وتتصاعد
الأحداث ،
برغم اكتشاف
امها لذلك، وتحذّرها وتنذرها وتُخبر
أباها
الدبلوماسي في سفارة مصر بالولايات المتحدة، فتعِد أمها،ثم بهاتفٍ من هذا العاشق
يوقظ فيها شعلةَ الغرام، وتبيت الليالي التي يغيب فيها زوجُها في المعسكر،رغم
مكوثها في بيت أهلها أثناء غيابه،فتقضي تلك الليالي في الحديث مع الحبيب الأول ،
ورغم تحذيرات والدتها تتمادي البطلة (أميرة) في علاقتها مع الحبيب الأول بحجة
الفراغ الواسع..فزوجها في المعسكر لأيام طويلة،والدها
دبلوماسي يعمل بسفارة مصرية بالخارج ، أمها دائماً مشغولة عنها ، فكانت تزعم
بينها وبين
نفسها أنه مجرّد قتل للوقت،حتي جاءت
صدفة معرفة
زوجها برقم تكرّر علي الواتس،
فزادت شكوكه
،فاشتكي لأمها،فاتفقا سرياً أن تُعالج
لدى
د.سامح"الطبيب النفساني" للتخلُّص من عقدة
التعلّق بهذا
الشاب ،الذي هو الآخر يعاني من عقدة
نفسية بسبب
زواجه الخطأ وإنجابه لطفلة من امرأةٍ لم توفّر له ذلك العالم العاطفي بعد الزواج،
رغم
تعلقها به
قبل الزواج، وماكان من تجربته الأولي
قبلها مع
فتاة أحبها فرفضه أهلها ، ثم صعوبة الارتباط ب(أميرة) نظراً للوضع الاجتماعي
الفاصل بينه وبينها ، ثم أخيراً يُعالَج لدى نفس الدكتور النفساني الذي تتردد عليه
أميرة،علي علم من الدكتور الذي من طبيعته الايكشف أسرار مرضاه، بينما كلا منهما
لايعلم بحقيقة تردد كلاهما علي العيادة ، وكان لدي هذا الدكتور أمنية السفر
للولايات المتحدة والعمل بإحدي
مستشفياتها، ويحقق
(أسامة) زوج (أميرة)
له هذه الأمنية من خلال علاقات أبيها في الخارج كدبلوماسي، مقابل اتفاق
كانا قد
اتفقا عليها قبل علاج (أميرة)التي لم تكن تعلم أن زوجها يعلم بأمر علاجها، وكان
هذا الاتفاق ينص علي تسجيل كل اعترافاتها مع هذا الحبيب
والحصول علي
"الفلاشة" التي عليها اعترافاتها ،إذ كان قد ساوره الشك أن يكون الجنين
الذي في بطنها ليس من صلبه ، ويبيع الدكتور شرف المهنة مقابل تحقيق أحلامه في
أمريكا،
وييأس الحبيب
الأول من إعادة العلاقة بينه وبينها،
وهي بدأت
تشعر ببعض الراحة وخاصة انشغالها بوضع جنينها، وفي هذه الأثناء يتصل بها الدكتور
(سامح)قبل سفره لأمريكا ليفجر مفاجأة،بأن يخبرها بأن حبيبها كان يُعالَج هو الآخر
عنده،ويعطيها "فلاشة"عليها اعترافاته ، والتي اعترف فيها بمدى حبه
العميق لها،وأن الفروق الاجتماعية التي يعاني منها هي التي وقفت سداً منيعاً
بينهما ، لتتأجّج نار العشق فيها جديد، بعد سماع اعترافاته،فحبه لم يفارقها
لحظة…ولأنه كان هناك موعد قديم بينهما
فيأتي (عمر)
كل مرة في الموعد في انتظارها،
وهي كانت قد
استبدلت الشريحة حتي لايُكشَف أمرها،وأملاً في حياة جديدة مع زوجها الذي يحبها
وطفلها
القادم،الا أن تسجيل الاعترافات الذي سلّمه
لها الدكتور
،جعلها تعيد استخدام الشريحة القديمة
لتحاول
الاتصال ب(عُمر) الذي وعدته باللقاء، بعد أن اكتشفت أن هناك مؤامرة من الزوج
والأسرة علي قتل تلك العلاقة ،وبعد مُضيّ وقت قليل من ولادتها تهرول الي حيث
المكان الذي اتفقا عليه،لتجد زحاماً من الناس حول
شريط
المترو،وجُثّة عليها ورق جرائد،فتسأل المتزاحمين حوله،ليخبروها بأنه شاب بدأ وكأنه
شخص يائس ألقي بنفسه أمام المترو، فينكشف وجهه،لتراه(عمر) قد غادر الحياة بعد ياسه
من لقائها،لتجد أمها وأباها وزوجها وطفلهما في انتظارها يعبدونها إلي البيت، بينما
هي مازالت وهي معهم تنظر للوراء حيث جثة (عُمر)الملقاة على شريط المترو.]
_وبرغم أن
الرواية هي إعادة إنتاج الواقع،الا أنها
في ذات الوقت
تُعبّر عن رؤية كاتبها تجاه الحياة،
والكاتبة في
تلك الرواية تنتصر للعاطفة علي العقل
للدرجة التي
تجعل البطلة تتجاوز كل حدود المعقول ،لدرجة أنها تتخلّى عن أمومتها وعن طفلها الذي كان في بدء استقباله
للحياة،وعن زوجها الذي قبلته عن رضىً منها ،وأحبّها وأحبته،
وتخلّت أيضاً
عن سُمعة العائلة ، لتنفلت عاطفتها متجاوزة كل الاعتبارات في سبيل حب قديم، امتزج
بالشكوك لشخصٍ كان كل همه الاستحواذ علي أكبر عدد من الحبيبات علي الجروب،وأنه
تعلق قبلها بغيرها بحسب اعترافاته، لتطرح أمامنا
من خلال
الرواية عدة إشكاليات وقضايا يجب مناقشتها …ولربما أرادت من وراء تصرف
البطلة أن
تقول : أن المقدمةَ العبثيَّة الفوضويَّة
لا ينتج عنها
إلا مايشابهها ، في تحذير لمن يستخفّ بالامور منذ بداياتها ،إذ كانت تلك هي
النتيجة المأساوية.
_ الإشكالية
الأولي: في هذا العالم الافتراضي من
خلال شبكة
التواصل الاجتماعي ، وما تم إنتاجه
من علاقات
افتراضية ووهمية ، للترقي إلي مستوى المسئولية، والتي تسبب في عدم كثير من البيوت
، وزرعت فيها الكثير من المشكلات ، وأخذت بقلوب المتفاعين معها ، لمجرد كلمات
معسولة اخترقت حُجب العقول، وانشغلت بها العقول ، فتشتّتت الأفكار وختمت العقول في
عالم وهمي، وزرعت بذور الشك ،وكان الناتج منها
نزاعات أسرية
وصل إلي الطلاق ، ولربما لحد القتل…وكأنه تحذيرٌ من الكاتبة للوقوف عند هذه
المشكلة علي وجه الخصوص ، وضرورة مناقشتها
بجدية .
_إشكالية
الفوارق الطبقية التي مازالت تقف حاجزاً
في كثيرٍ من علاقاتنا.
_ قضية
التمييز والمجاملات وعدم مراعاة الأصول طبقاً للمعايير الاختيار للأفضل والإصلاح
في الاختيار
الوظيفي،كما حدث ل(عُمر) حينما كان يستحق أن يكون معيداً بالكلية، فاختاروا ابنة
وكيلة الكلية
بدلاً منه ، وهي حقيقة ، وقضية يجب البتّ فيها بسرعة ، لانها تتجاوز كل حدود
العدل،
وتصيب كل
متفوّق باليأس والإحباط ، وربما تغيّر
مسار حياته
إلي طرق مأساوية أو سلبية.
_قضية الهجرة
من الوطن مع توافر فرصة عمل
ومُتّسع في
الرزق ، كما هو الحال في الرغبة المُلحّة لدى د.سامح_الطبيب النفساني المشهور_الذي
لاتخلو عيادته من المترددين عليه.
_إشكالية "لفراغ" : وكيف أن الفراغ قد يثمر عن
مخاطر تهدّد
كيان الفرد ومستقبله ، وكيفية التوعية
لاستثمار
أوقات الفراغ بشكل إيجابي، وضرورة التقارب بين أفراد الأسرة ، للتضييق من مساحة
هذا الفراغ.
_إشكالية بيع
الضمائر: كما في حكاية د.سامح الذي اتفق علي بيع أسرار مريضته مقابل تحقيق أمانيه
في السفر للولايات المتحدة.
—------------
*كانت
الشخصيات فاعلة بالقصة إلي حد كبير، حيث قامت بوظائفها في تجسيد ماورد من قضايا
وإشكاليات ،
فكانت هي العنصر المؤثّر والأقوي في الرواية التي جاءت في (خمسة فصول /مائة
صفحة).
*وإن كانت
الكاتبة قد استخدمت أسلوباً بسيطاً
وبطريقة
الحكايات القديمة ،الا أنها نجحت في أن
تصطاد في
شباك الرواية أهم المشكلات التي باتت
تهدد المجتمع
، غير أنني كنت أتمني أن تنتصر للعقل والمنطق في نهاياتها، وإن كنت كما ذكرت
سابقاً أنها حاولت تجسيد عُظم المأساة
لتكون عبرةً لمن يحاول الاستخفاف بالمقدمات ، وأن يضع عقلَه لتكون الرواية بمثابة
عظة ونداء تحذيري فيما يخص العلاقات الناشئة عن هذا العالم الافتراضي، ولتستفيد
الأُسَر التي تقرأ الرواية ،وكذا الأشخاص من تلك التجربة الروائية.
_______
تحياتي
الروائية (تغريد مصباح)
مع تمنياتي
لها بدوام التوفيق.