اليوم العالمي المسرح 27 مارس ، لكن على من نحتفل و ليس لنا فرع
العقيد بن دحو
يوم 27 مارس اليوم العالمي للمسرح. الى هنا الخبر مقدسا مفهوما. أما التعليق الواجب منه و غير مفهوم هو على ماذا نحتفل ؛ بل كيف ، و لِم... و متى...أين...وكيف !؟ و نحن بالجزائر ليس لنا فرع في هذا المذهب أو هذه المدرسة أو في هذا الإنجاه !
اذن كلمة (الموت في جماعة نزاهة) لم تعد سارية اليوم مع محركات البحث شبكات منصات التواصل الإجتماعي ،
كالقضاء و القدر تملأ الفضاء الأزرق و الفضاءات الأخرى اللالون.
العجيب الغريب عندنا أي (يوم) يحتفلون به ، دون أن يبحثون في الأسباب و
النتائج.
أولا / اليوم العالمي للمسرح هو تيار أو مذهب فكري فني كالمدرسة
الكلاسيكية...الرومانسية...التعبيرية....الوجودية... السيريالية... الصوفية، وصولا
الى الاتجاهات الحديثة أين كفٌ النقاد و المثقفون و المفكرون عن مجاراة التاريخ
المذهبي و المدرسي للفنون و الاداب ، و صار لكل واحد منهم مذهبه و اتجاهه المستقل
، كمدرسة (يونسكو يوجين) أو اتجاه (أرثر ميللر) في الإغراب ، أو الملحمي التجريبي
عند (برتولد بريخت).
يعود المسرح العالمي الى المؤتمر العالمي للمسرح ، الذي أقامه و اشرف عليه
و هندسه المعهد الدولي للمسرح سنة 1962 بفيينا / النمسا ، و له فروع في جميع انحاء
العالم ، من كل سنة خلال هذا لليوم تحتفل المجتمعات المسرحية و الجامعات و
الاكاديميات و من لهم فروعا بالمسرح العالمي الإحتفاء به.
يا جماعة الخير هذا ليس مسرحا
بالمعنى العام كما يتخيله السواد الأعظم عندنا. هذا فكرة غير حكومية مستقله ، كان
من المفروض ان الجماعة المسرحية و من لهم شانا بالشأن المسرحي غير الحكومي هم من
يتولون التنويه او الإحتفال به.
بعد أن تقدم طلبا هذه الجماعة ، تطلب اعتماد فرع المسرح العالمي لديها من
هذا التنظيم. أما لنحتفل هكذا ببغاويا... يكون الامر في غاية السذاجة. شأننا يصير
كتلك النكتة التي كانت سائدة ابان زمن الأروقة الجزائرية ، أين قال رجل لإبنه ألم
تذهب اليوم الى الأروقة !؟
قال الأبن لوالده : و ماذا افعل !؟
قال الوالد : اذهب ولو رأيتهم يوزعون (الصفع) خذ انت الصفعة الأولى !
بطبيعة الأمر مثل هذا و حالة مثل هذه لا تبعث عن الفرح أو السرور و لا على
الأمل حتى ، حيث مبدأ (الصفعة الأولى):في كل مكان وزمان لا يزال قائما.
" هَم يضحك و هَم يبكي " كما يقول المثل الشعبي الجزائري.
او كما يقول الشاعر :
وكم ذا بمصر من المضحكات*** ولكنه ضحك كالبكا.
هكذا هم متفيقهونا و فهايمتنا و أنصاف انصافنا ، و أشباه أشباهنا يريدون
منا أن نحتفل صك على بياض ، على شييء
نفتقده ؛ ليس لدينا بعد ، لم يؤسس
، و لم تعتمده أي جهة من الجهات.
"كي يزيد نسموه سعيد" !
فاقد الشيء لا يعطيه و لا بتغتى به و " المكسي بحوايج الناس عريان
" !
ثانيا / من 1961 الى 2024 أي 63
سنة من التأسيس ، بمعدل جيلين وستة عقود
لم يغير من اوضاع الناس على وجه هذه البسيطة في شيء فجنون التاريخ هو الجنون نفسه
، الظلم المقنن هو نفسه ، و التعدي على قوانين و حقوق الانسان سافرا ؛ رجلا يتنمر
على الخلائق لا أحد في مقدوره أن يوقفه.
أي انسانية يبتغيه هذا الإتجاه المسرحي نحو الإنسانية و صناعة الإنسان و
انسنة الانسان المزعومة '!؟
يأتي اليوم العالمي للمسرح لنعتبر ، لنتذكر في ظل فشل السياسة ، و في ظل
فشل الدبلوماسية العالميتين ، و حتى في ظل فشل الفن نفسه التي راهنت عليه الثقافات
و الحضارات البشرية أرجاء المعمورة و الحرب على غزة لا تزال رحاها جارية فما الجدوى اذن من الإحتفال باليوم العالمي ؟
هذا اذا كنا نملك اعتماد اوراق
تأسيسه من المعهد الدولي.
ثالثا /
سموا الأسماء بأسمائها ، فلهذا اليوم شعاره الخاص ، و رسالة تُسند الى
شخصية فنية مسرحية كبيرة عالمية او فنية تُكتب و تقرأ على جميع مسارح العالم
المنتسبين و محبي هذا التنظيم. تطفأ أضواء صالة العرض ووحده صوت الضمير الأنساتي
ينردد في جميع الأركان و الزوايا. وليست المسارح الحكومية الجهوية الوطنية كما هي عندنا.
لم يكن غروا ان كان اختيار لجنة التنطيم رسالة المسرح العالمي خلال هذه
السنة ، تاربخ يوم 27 مارس 2024 تُسند الى الكاتب المسرحي النرويجي (جون فوس) .
محتواها يدور حول الفردانية الشخصية و كذا الجمعية ، عدالة و حرية و مساواة و في
سبيل الرقي و الازدهار الانساني......
هم يرون مسرحهم هكذا... غير أن مسرحنا يختلف عنهم كلية ، مسرحنا متخندقا مع
القضايا العادلة الأمم و الشعوب ، فكيف لهذه الرسالة يريدونها أن تمر و اشلاء
اطفال غزة و جثة الشهداء المدنيين الأبرياء أشلاء في كل مكان ، و بيوتهم تهدم فوق
رؤوسهم بأمهات القنابل.
نتساءل ماذا قدم هذا المسرح العالمي للإنسانية الذي يناشد و يدافع على
الإنسان في مكان هو كل مكان و في زمان هو كل مكان طيلة يوبيل فضي بأكمله ؟
ليس كل ما يلمع ذهبا ، صحيح الفن جميل ورسالتة انسانية أجمل ، لكن عندما
يجبُن و يصمت و يرضخ بجانب الظالم أو يغُضُ الطرف على شمس الحقيقة ، أعتقد ان
رسالة الفن في أن تكون عالمية أكبر أكذوبة عرفها التاريخ ، أما ان تكون اكافة
الشعوب أو لا تكون أساسا.
أعتقد أن الحرب الجاري وطيسها اللحظة على غزة أخلطت أوراق العالم فنا و
تدبا و ثقافة و اقاصادا و سياسة و لم تترك للمسرح العالمي أو المحلي ما يملي غبيتا
من رسائل . لم يعد أحدا يزايد عليا كدول عالم ثالث ، عندما تنصب الوحشية مقام
تمثالها الموحش على أرض قطاع غزة . لطالما حسبناها نبيلة ، نزيهة للناس اجمعين.
لكن عندما بزغت شمس الحقيقة تكشف المستور و لم يعد هذا الاتجاه يخفي وراء
أقنعته و ستائره و كواليسه اكثر من هذا الرياء و الخيلاء و الشقاق و النفاق
العالمي :
الحق لا يعطونه
الحق يمنعونه
وحده الغرب الذي يقول.
و اذا كان الظرف منح لهم حق القول
فحتما يكون لنا حق الانصات من عدمه!
فلنا مسرحنا المحلي والوطني و لهم مسرحهم العالمي الذي لا يستطيع ان يبوح
بنصف شفة حق عما يجري على هذا الكوكب و بمرأى من الناس أجمعين ؛ ترى سقوط آخر
أسوار شعار مسلات الانسانية السامتة ، منذ فجر تاربخ الحريات الى يومنا هذا.