الثيوغونيا" Theogonie بين هوميروس وهزيود
العقيد بن دحو
يقول ارستوفانز الشاعر الدرامي الكوميدي الملهاتي ، صاحب ملهاة
"الضفادع" من لم يقرا "الثيوغونيا" كانه لم يقرا و لم يطلع
على اي شيئ . ان كتب الملاحم او الشعر ذو القصة الطويلة التي يشاد فيها ببطل عظيم
او زعيم ، نصف الاله او الاله بالمرة.
تشابه مع الفارق ، ذاك الذي تشابها عنده الشاعرين الملحمين هوميروس و هزيود
، كما اختلفا.
تعود الثيوغونيا Theogonia انساب الالهة القصيدة الشعرية الى الشاعر
هزيود ، غير ان الشاعر هوميروس ذكرها في اليادته الخالدة ، غير انها تاثرت ايما
تاثير بميولاتهما السياسية. فهوميروس كان ينتمي للحزب الاورستقراطي البرجوازي الى
فئة النبلاء حيث البطل هو الاله ، بينما كان يميل هزيود الى الحزب الديمقراطي ،
الى طبقة العمال و الفلاحين و الفئات السفلية عموما.
يزعم المؤرخون و النقاد ان هذين
الشاعران هما من صنعا و ابدعا و خلقا كل هذه الالهة.
الثيوغونيا في نظر راي النقاد هي القصيدة الوحيدة التي يمكن ان توصف بانها
عمل فني مكتمل ، بمعنى اننا لا نشعر فيها باي تخلخل او فقدان توازن. او اي تصدع
بين اجزائها ، فهي مرتبطة ارتباطا تاما ، و موضوعها : يدور حول ترتيب الالهة في
سلسلة من الحلقات متصلة اتصالا تاما ، كيف نشات الالهة ، و الاحداث التي مرت لها .
تحدث كيف وجد الفضاء و الارض و السماء ، و
كيف ظهرت العمالقة ثم الحديث عن كبير الالهة زيوس بن كرونوس و بن عم بروميثوس جد
او ابا البشرية ؛ و كذا تمرده على ابيه اله الزمن. و كيف اعتلى العرش رغم كرونوس ،
و كيف اصبح كبير الالهة . و هي القصيدة التي خلق فيها هزيود الالهة و نظم لكل اله
عمله.
كما قد ترى في الالياذة ثيوغونيا ايضا و في القسم الذي نظم فيه هوميروس الالهة ، و اذ ذاك يحلوا
للعديد من النقاد ان يقارنوا بين قصيدة هوميروس و قصيدة هزيود . و يكاد الاجماع
ينعقد على ان قصيدة هزيود ليست في رقة اسلوب هوميروس. و ان هزيود جعل مصدر الالهة
جزيرة كريت ومعبد دلفي ، و عنهما رتب هزيود
الالهة. كما يوجد بعض الاختلافات بين الهة هوميروس و الهة هزيود فمثلا
الاله زيوس اكبر ابناء كرونوس ، ببنما هو الابن الاصعر عند هزيود ، و جعل هوميروس
افروديت ابنة زيوس و لكن هزيود جعلها ابنة زبد البحر. وجعل هزيود اليسكلوب Cyclope ابناء
اورانوس وهم الذين يصنعون الصواعق للاله زيوس
ولكن عند هوميروس في الاوذيسة هم ابنة جبابرة ، و يذكر هزيود في قصيدته
اسماء ثلاثة رؤؤس و ثلاثة اذرع ، بينما هوميروس لا يذكر من العمالقة الا واحد هو
برباريس. و لم يذكر هوميروس عن الاخربن...كذلك اختلف الاثنان في ترتيب البارك
الالهة و العمالقة. اما هزيود يعطينا تفصيلات كثيرة بينما يمر عليها هوميروس مر
الكرام.
مما تقدم نسطيع ان نقول ان ثيوغونيا عند الشاعرين الملحمين اعطتنا لمحة
مفصلة عن نشاة الالهة ، تلك الالهة التي منحتنا بدورها فكرة عن الحلم الجمعي الاغريقي
، الاسطورة ميراث الفنون ، تلون الطبيعي بما هو
خارق للعادة ، اللمحة الاولى للاشارة الاولى.
صحيح لا تهدي هدايا لامعة لاشباه المثقفين و لانصاف المتعلمين ، غير انه
بامكانه ان يمنح للقارئ شيئ ما ، بل بامكانه انقاذ ما يمكن انقاذه ؛ اذا ما مس
الادب الضيق بذات نفسه.