حسن عماد
من محادثات زوربا :
- ما الدنيا؟
- معاناة.
- ولماذا هي معاناة؟
- لأنها تغيير مستمر .. وكل تغيير هو معاناة بالضرورة.
- حتى وإن كان من شر لخير؟
- نعم .. لأن تغير الشر إلى الخير يصحبه بالضرورة قلق المحافظة على الخير
وخوف عودة الشر.
- وكيف تنتهي المعاناة؟
- بالإيمان.
- ولكن كيف للإيمان بالله أن ينهي المعاناة؟ .. هل يكفي ليوقف التغيير؟
- الله هو الخير المطلق الثابت .. لا أعني بالإيمان ذلك اليقين بوجود إله
أو صدق دين أو قداسة كتاب.
- فما الإيمان إذن؟
- إيجاد الله في كل شيء.
- إيجاده؟ .. أنحن مَن نُوجِد الله أم هو الذي يوجدنا؟
- بل نحن الذين نُوجده .. أو بالأحرى نخرجه من الباطن إلى الظاهر.
- وكيف ذلك؟
- إذا ما أوجدنا الجمال في الشيء فثمّ وجه الله.
- ألا تفسر لي ذلك؟
- الدنيا معاناة .. فيكون الإيمان هو إزالة أو تخفيف المعاناة عن غيرك ..
وكلما أزلت المعاناة عن الغير ظهر الجمال .. فإن ظهر الجمال خرج الله من الباطن
إلى الظاهر.
- إذن فمهمة الإنسان أن يخفف عن الجميع.
- وتلك هي الصلاة.
- صلاة تزيل القبح لتظهر الجمال.
- بلمسة فوق كتف المتعبين .. بمشاركة ثقيلي الأحمال في أحمالهم .. بدمعة
عجز أمام ألم الموجوعين .. بعناق امرأة ترتجف .. بمسح ظهر حيوان أعجم.
- للمعاناة ألف وجه.
- وللصلاة ألف ألف قِبْلَة.