سمية جمعة
هوية
على مشارف النبض كان الحلم نائما، هناك في زاوية بعيدة كانت المشاعر تختبئ
معلنة حالة الحظر.
في الصندوق القديم نسي أوراقه العتيقة، استسلم لحالة دفن المشاعر.
ارتاح لعبثية القدر ،حالته لم تكن بحاجة لنقاش و لكن كل ما في الأمر مرور
عابر لفوضى أنثى أجّجّت تلك النار و راحت بهمساتها تلملم الغبار عن ذاكرة الوقت.
عبور مباغت لغيوم في سمائه، و بياض غطى على سواد ليله.
لا تفسير ، لا سؤال كان مغيبّا ، عن ساحة شعوره، مسافة نبض انزلقت و
استقرّت هناك في تلك الكوة .ماذا يفعل بصهيل اللغة في أفكاره المشتّتّة؟
كيف سيكبح جماح و توثبّ لحظة اجتاحته كوابل؟
كان يقرأ عن انزلاق في بحيرة الصمت و لكن لم يكن يدرك بأنه هو من يريد
الانتشال.
من أنا؟
و ألف سؤال اخترق ذاكرته!
كم من امرأة وطئت مضارب قلبه ،و لم تترك ذاك الضجيج!
من أنا؟
و ألف رجل يعيش قصة حب واحدة!
هي الوحيدة جلجلت صمت كهفه،و رفعت
الغطاء عن ذاكرة متخمة بدهشة الحضور.
أنثى بلهجة غريبة تستوقفه في كل حرف، حقا من أين أتت؟
و كأن قدومها يفتح مغاليق الحياة على بوح، كان قد نسيه،و هو الذي يتفنّن في
حضوره ،كلما غابت كلماته.
أنثى بلا أسلحة ،أنثى من غنج أو دلال،هي ملكة متوجة بصولجان الذوق و
العفاف، رمت في بركة شروده حصوة ،فحرّكت ذاك السكون ،و أعلن ضجيجه السافر ،و راح
يغرد في عالم من حبور.
لوهلة اعتقد بأنه قد التقاها في عصر سالف،
يتيم كان يبحث عن أم تحتضن كل أحلامه ،لا تحاسبه على زلات يديه، إن طافت
على تقاسيم وجهها، أو التصق بها لحد التلاشي.
للأسف الشديد ، و لأنه ألف امتطاء صهوة الخيال تارة و الدخول إلى مغارات
الغموض تارة آخرى بحثا عن ذرر الكلم ليرصع بها كتاباته.. فقد أفاق على كأس الخيبة
و شرب منها و استفاق.. فلا هي أنثاه التي طالما انتظرها على ناصية الحلم. و لا هي
أمه المفقودة تحت الحطام ذات زلزال.
هي الخيبة في لباسها الحريري.. تعانقه للمرة الألف وتشاركة كأس الغواية من
جديد.. و لا أظنه سينجو طالما أن القلم يطاوعها و يفترش القرطاس مصلى و يعتلي
صومعة الإلهام مؤذنا ' حي على الكتابة'
سمية جمعة سورية