مقاربة نقدية بين الشعر العربي القديم والحديث أنموذجين " قالت" للشاعر العباسي / صفي الدين الحلي " قالت " للشاعر المصري/ محمد البنا المقاربة رؤية نقدية لشيخ النقاد العرب / أحمد طنطاوي
مقاربة نقدية بين الشعر العربي القديم والحديث
أنموذجين " قالت" للشاعر العباسي / صفي الدين الحلي
" قالت " للشاعر المصري/ محمد البنا
المقاربة رؤية نقدية لشيخ النقاد العرب / أحمد طنطاوي
الرؤية النقدية
.......
..
روح صفى الدين الحلى تتجلى فى
قصيدته الشهيرة ( قالت )
و تعانق الشاعر الحديث الذى عالج
المحادثة بنمط و أسلوب
و شكل مغاير.
و أكاد أجزم أنه لم يدر بخلد أســتاذنا مقاربة من هذا النوع عند كتابته
إياها ،إنما هى من صميم رؤيتى
الخاصـــــــة قيامًا على الاشـــــتراك فى خاصية تحاور الحبيبين فقط ،و إن
كان الغزل
نفسه يظهر فيه الفرق بين الزمنين ،فقصيدة " الحلى" قائمــــــة
على الاتهام منها و الدفاع منه،و كلاهما ســــــاذج المقال لأبعد مدى ، و هو مما
يجرى على ألسنة العامـــــة وقت العتاب و لا
يحوى ( النّفَس ) الشعرى الواجب ،و لو خلت القصيدة من أول بيت لاندثرث من
يومها و لم تُعرف فى التاريخ الشــــــــعرى، فالقصيدة كلها فى رأيى هى فقط البيت
الأول الرائــــــــع منها ،
و الباقى غثاء :
قالَت كَحَلتَ الجُفونَ بِالوَسنِ
قُلتُ اِرتِقاباً لَطيفِكِ الحَسنِ
أما باقى القصيدة فعتاب طفولى لا جدوى منه :
قالَت تَسَلَّيتَ بَعدَ فُرقَتِنا
فَقُلتُ عَن مَسكَني وَعَن سَكَني
قالَت تَشاغَلتَ عَن مَحَبَّتِنا
قُلتُ بِفَرطِ البُكاءِ وَالحَزَنِ
قالَت تَناسَيتَ قُلتُ عافِيَتي
قالَت تَناءَيتَ قُلتُ عَن وَطَني
قالَت تَخَلَّيتَ قُلتُ عَن جِلدي
قالَت تَغَيَّرتَ قُلتُ في بَدَني
..
إلى آخره
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما قصيدتنا الحالية فهى قصيدة حديثة تعتمد مخاطبة الوجدان المنفتح الجاد و
العاطفة العميقة ، و ترسم تشكيلات المشاعر بهندسة معاصرة تغاير تمامًا الحس القديم
البسيط ,فالرحيل مثلا داخل الكيان هو
معنًى لم يتأت للشــاعر القديم :
"اشتاق
يومًا يرحل منها إليها "
و أيضًا تلك الصورة ، هى صورة
لايعرفها الشعر الحديث،و تعامل لم يكن
ليستحضرهما شاعر الأطلال الأول :
"قالت إبدأ
إنّ القلب فيك يحار
قال بحار..هى عينيكِ
أطفو وأغرق
بين الرمش وبين المفرق "
و هكذا :
قالت روحي على كفيَّ
خذها..تدثر
شبق الشوق من عينيَّ
في عينيك يغوص ويبحر "
تعامل فلسفى هو أكبر من آفاق الشاعر القديم العباســـى و ما تلاه و هو زمن "الحلى" الذى كان أسلوبه
على نمط كبار الشعراء العباسيين في العصر الثاني.
أما نهاية القصيدة فتجســــد تلك الروح الحداثية و التى لن ننتظرها
بالتأكيد فى الشعر القديم:
قالت روحي على كفيَّ"
خذها..تدثر
شبق الشوق من عينيَّ
في عينيك يغوص ويبحر
هاتني روحك
صمتك بوحك
كي أتعطر
أو أنفاسك[ إنثرها ] كي أتطهر"
............................
تهنئتى على لوحة موسيقية مترنمة
بآياتٍ و نفثات .
أحمد طنطاوي/ القاهرة في ٢٦ فبراير ٢٠٢٤