جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

قصة قصيرة

عند ربهم يرزقون

سيدة بن جازية 



لحظة التفجير لا أنساها، أصبت بسكتة دماغية، لم أع ما يحصل، تراءى لي سقف الغرفة يطبق على صدري المختنق و يدي تلوّح من بعيد ، إنني هنا أرفل بين أكوام ركن المطبخ الدافئ أما قطعة من ساقي اليمنى قد تناثرت مع الشظايا،

 

 الغريب أن لطخة كبيرة من كبدي تبعتها في حنوّ و اندفاع.

تعالى صراخ شعيرات مفرقي تتقافز في مرارة تأبى مغادرة شيبتي لكن أذني، نعم أذني اليمنى حلقت بعيدا خارج المبنى غير آبهة بالنداء... تقتفي أثر الصوت الصاخب.

عودي إلى هنا، الخطر داهم...

تناثرت الكلمات في أثير أدهم فاقدة المعنى.

 

تشويش أصمّ أذني اليسرى و ما تبقى من يمناي، أصوات تنبعث تحت الركام و صهيل هامات  عربية أصيلة  تحاول فك القيود و رفع الحصار ...

أتبعثر، أتألم، أجاهد نفسي للإغاثة، لا أحد بإمكانه مد يد العون فكل الأيدي مبتورة و الأرجل مكلوله. استنجد  بالحجر يتدحرج ، استدني الحديد فيلين  لكن  الجسد وهن مشلول.

 

لم يعد من مهرب غير الرحيل... هذا العالم لا يتسع للأتقياء.

إلى أين؟  كيف و متى  ؟

كل السبل مسدودة، أحاول تلمّس  طريق الشهادة، أراه ورديا مخضر الأشجار مرقرق العيون،و حسان الغيد ترأب جراحي في حنو، داعبني سندسها مستبرقا هفت له روحي متراقصة بيد أن صوتهم يؤرّقني، يذبحني، يقطع الوتين، صياح ابني الرضيع طنّ أذني .

بحثت عن  أمه بين الوشوشات و الأنين فلم يلح لي بصيص نورها كالعادة ، احترت لمصير ابني نضال  في مفترق العبور . كرامة و أخوها شهم تركتهما في غرفة النوم جائعين ضمئين لا أعلم متى يستيقظان  يتحركان أو ينبسان بنداء

! حدس قوي ينبئني بأنهما لن ينجوا أبدا من هذا المصير. لكن  حبيبي نضالا قادر، سيكتب له مصير جديد...

 

أنفاسي أخذت تتقطع شيئا فشيئا، رائحة الشواء تزكم أنفي الملطخ بالعار و الغبار ، ذكّرتني برائحة شواء عيد الأضحى الماضي على وقع إعدام كبش الفداء العظيم و صوت" شكري" يستفزّ رحيلي ...

 

الغريب في الأمر و أنا أتصاعد إلى الأعلى لم أفقد بصري قط ارتسمت كل المشاهد واضحة أمام ناظريّ، حدّقت مليّا حتى أشكو أمرنا إليه.

 تنبّــهت في طريقي إلى هناك وجود كائنات غريبة بين الأرض والسماء كانت على هيـأة بشـر لكنها تحمل على ظهورها أجنحة تلوّنت بوشاح  أحمر ينبعث منه السواد والبياض و لون الجنة اليانع ينعكس وهاجا  ، بينما على الجانب المظلم تتراقص كائنات شيطانية ملتهبة تجمع الأشلاء بالأطباق الفضية وترصّفها مع أكواب اختمرت من عصائر دماء الــــــــرضّـــــع و مخاضات الحوامل و جثث الأطفال ، تتعالى ضحكاتهم الساخرة بالصمت و الهدوء الخانع...

اقشعرت الروح غضبى غير أن حدثا شغلها!

 

 جاءني صوتها الرقيق مهنّـئا نلتها أخيرا، نلتها و اطمأن فؤادك،  قد اجتمعنا ثانية و تركنا لهم الباب مواربا... كل الأحباب عدا نضالا سيخوضها شهما كجدّه صلاح.

 

انفجار ثان هزّ دويّه الأركان فانشــقت السماء  و نزفت الأرض ترتوي على الدوام... شهقة واحدة و ردمنا تحت الأنقاض  .

 

سيدة بن جازية  //  تونس


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *