حسن أجبوه
نهايات مطروقة
للموت رائحة شبقة و نتنة، تعجل بتكويري كندف ثلجية تتضخم أحجامها نزولا
لقعر الغربة، أفتش مسارعة دقات عقارب الساعة، عمّا أدثر به عري جسدي المشتعل..
مخافة الفضيحة.. الطرقات المتتالية على الباب، تحاصر شرودي و تتغلغل داخل دماغي،
الذي يكاد ينفجر باحثة عن منفذ بين الأصوات لأدفن عاري البريء...
- إنه الزلزال ! عجلي بالهروب قبل أن تتهدم الحيطان..
- ياجماعة، دعونا نكسر الباب .
أصوات النسوة المنافقات تخدر أحاسيسي، فيتصاعد تدفق الأدرينالين بعروقي،
ليغدي بدني الكسيح و يحوله غيلة تزدرد كل الأجسام المتواطئة أمامها...
- يالهذا القدر العنيد! لمَ لمْ يمهلني هنيهات لأكمل صولاتي، وأجفف مستنقع
الآثام المحيط بذاكرتي!!
هؤلاء النسوة المتواريات خلف الباب بجلابيبهن السوداء أراهن وقد كتمن
تشفيهن بهلاكي، فأنا بالنسبة لهن مجرد دمية ممسوخة دخيلة على البلدة، فتنت أعين
شبابهن وأسالت لعاب شيوخهن، لتُقطع خيوط المودة وتنكشف أقنعة الرتابة..
أحاول بكل ما أوتيت من طاقة أن أزيح هذا الجلمود عن ساقي منازعة الألم و
الفضيحة.. تتمازج قطرات العرق مع تدفقات السائل الأحمر و اهتزازات ماتبقى من
الحيطان.. تتلاشى الأصوات المقززة ومعها تتوالى همهمات حشرجة تئنّ بجانبي.. هل
أكتمها ؟ لا بد من وأدها لتكمل تعداد الجثث التي دفنتها خلسة تحت سطح القبو.. هذا
الفقيه الزاني الذي طالما ادعى العفة والكفاف، باتت روحه الٱثمة بين يدي.. لابد من
التخلص منه و إخراس هاته الحشرجة و لنقل أن الزلزال فعل فعلته وذهب معه لخالقه ! باليد اليمنى حملت رفات بعض الحجر
المتساقط من السقف و طفقت أدق على هذا الوجه الزائف الذي يذكرني بالرجال.. كل
الرجال الذين رغبوا في انتهاك لحمي كان مصيرهم مثله..
لكن ماذا أنا فاعلة بعد انتهاء الأمر؟ سيفتضح أمري وتدرك تلك النسوة مصير
أزواجهن وأبنائهن الذين تصطف هياكلهم بالقبو ! (وقد ظننن) أنهم هاجروا للمدينة !
لابد من الهرب قبل فوات الأوان وأن... أحاول لملمة جسدي العاري و إبعاد
الصخرة الجاثمة فوق ركبتي... فلا أستطيع لذلك سبيلا.. تتوالى الهزات ومعها تتقاذف
النبضات وتتسارع والمصير المحتوم يدنو...
أدير وجهي ناحيته، فتشمئز نفسي من منظره الملطخ.. أتحسس الركام بجانبي
،الغبار والأتربة وقطع الزجاج ... بخفة ورشاقة أزرع القطعة بجيدي فتتطاير شرارات
الدماء لتغطي الضوضاء المستشرية بالمكان و يحل معها سكون لم أنعم به مُذ وطأت
رجلاي هذه البلدة.
تمت
✍️ حسن أجبوه