جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
غسان زقطانفنوننصوص

دليل التائه ولياليه السبع

 

غسان زقطان

 دليل التائه ولياليه السبع

دلَّني نَوَرٌ، على الرغم من ريبتِهِم وتجاربِهِم المؤلمةِ مع عابِرِي الطرقِ

حتى وصلتُ أطرافَ بلدةٍ متربةٍ تُحيطُ منازلُهَا بحانةٍ وحيدةٍ كما يُحيط السوارِ بالمعصمِ.

في الليلةِ الأولى

أعطتنيْ نساؤُهمْ فِراشاً من القشِّ، ظلَّ يتنهدُ حتى طلوعِ نجمةِ الصبحِ، وستَ خرزاتٍ ملونةٍ:

خرزةً للطريقِ

وخرزةً للبيتِ.

خرزةً للعابرِ

وخرزةً للمقيمِ.

خرزةً للحكمة

وخرزةً للحظِّ.

وفي الليلةِ الثانيةِ

أعطاني فتيانُهُم ثلاثةَ خناجرَ قصيرةٍ بمقابضَ من العاجِ المزيفِ:

خنجراً للحبِ

خنجراً للغيرةِ

وخنجراً للندمِ.

في الليلةِ الثالثةِ

خرجتُ إلى البريَّةِ وتراءتْ لي أضواءٌ بعيدةٌ كأنَّها قوافلُ تائهةٌ:

أيتها العتمةُ، أيتها العتمةُ

أيتها العمّة السوداء

خُرْجي فارغٌ

وطريقي موحشةٌ.

بلدي بعيدٌ

وحبيبي نسيني

 يا عمّةُ.

في الليلةِ الرابعةِ

رأيتُ "لوركا" على ضَوءِ شمعةٍ مدخنةٍ

كان يَغويْ امرأةً على ضفةِ نهرٍ نسيتُ اسمَهُ

وكنتُ أنظِّفُ ثوراً من حرابِ مصارعٍ قتيلٍ، صادفَ أن اسمَهُ "أغناثيو".

ولكنني، للحقِّ، أحبَبْتُ "قسطنطين كفافيس" أكثرَ، بقلبِهِ الشكَّاءِ وغرفتِه شحيحةِ الضوءِ.

أشعلْنَا بَخوْراً ووضعْنَا تعاويذَ في معابدِ "أنطاكيةَ"، ونادمْنَا وثنياً وصلَ "صيدا" على مركبٍ تجاريٍّ يحفَظُ أشعارَ الأثينيينَ عن ظهرِ قلبٍ

وأصغينا لشعراءِ الساحلِ السوريِّ ولغتِهِم الإغريقيةِ الصافيةِ.

في الليلةِ الخامسةِ

قرأتُ شعراءَ البحرِ القديمِ، وأصغيتُ لرواة الأرخبيلِ وعجائبِ الجزرِ ومبالغاتِ الإسبارطيين ومآثرِ الآلهةِ.

ولكنَّنِي أحببتُ "ياسر عرفات" أكثرَ، بهيئتهِ المتحفزةِ وقامتهِ القصيرةِ ولَكْنَتِه المصريةِ الليّنةِ.

خرجنَا من مدنٍ كثيرةٍ على ساحلِ المتوسِّطِ، حرَّرنا عبيداً وبدّلنا مصائر وبَنينا أبراجاً وحَرثْنَا حقولاً مهجورةً، دونَ أن نُطيلَ مكوثَنَا.

دَهَمَنا الليلَ في عتمته، وتتبّعنَا خطوطَ الماءِ وقواربَ الندَّابَاتِ، ورأيْنَا سفنَ الأشباحِ التي تشبهُ المراثِيَ.

في المنفَى تآخَيْنَا مع الضباعِ، وبعثْنَا بريداً ورُسلاً للغاباتِ المطيرةِ في الشمالِ

واستدرجْنَا الجبالَ والريحَ.

ورأينا كلَّ شيءٍ.

في الليلةِ السادسةِ

تركتُ حصانِيَ يَذهبُ وحيداً إلى "قرطبةَ"

وفي السابعةِ وقد تكشّف لي طالعي وتبدَّت غايتي واستنفدتُ مقامِي، 

حزمتُ أمْرِي وصَعِدْتُ وحيداً في الطريق إلى "إيثاكا".

. غسان زقطان

    فلسطين






***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *