الايروستولوجيا
العقيد بن دحو
"الايروستولوجيا" Eirostologie مصطلح على وزن دراماتولوجيا Dramatologie ، تتكون من شقين : (ايروس) E'ROS بمعنى بطل
، و (لوجيا) LOGIE بمعنى منطق
او علم.
كما جاء وورد في "مذهب الحب" للشاعر السيريالي (اليوار) Paul Eluard.
من عام 1917 يوم كانت المدفعية الالمانية تدك العاصمة الفرنسية ، عاصمة
الجن و الملائكة.
و من غريب و عجيب الصدف بينما كان الرسام الفنان المدفعي (ماك ارنست) على
خط الالمان ، كان على الجبهة المقابلة ؛ الاخرى ، الخط الفرنسي بول اليوار . و بعد
اربع سنوات التقى الخصمان غلى طاولة واحدة في مقهى من مقاهي باريس المهتلسة باخبار
الحرب و الحب و لبشعر و النساء و النبيد و الحياة.
التقى الرجلان الجنديان الاخوة الاعداء بالامس على مذهب فني ادبي فكري واحد
اليوم. ما فرقته السياسة فن الممكن و جمعه المستحيل الممكن.
حيث راهنا على فلسفة تحرير الانسان
، على وحدة الفنان. لم يعد الشاعر الانسان الملهم ؛ بل صار الانسان الذي يلهم. اين
اطلق نخبة من الشعراء السيرياليين و قدماء المحاربين شعار : "لاحرية لاعداء
الحرية".
لكن متى كان الحب المقرون بالجنون علما او منطقا Logia او حتى
لوغوس. Logos ؟
اين شكل الجميع ما يسمى باسطورة فنان. الشاعر - الكاهن - الجندي المحارب
كما الزموا كل حالة من هذه الحالات الثلاث
فعل معين ، فاذا كان الشاعر فعل الخلق و الابداع ، و الكاهن فعل المعرفة و
التكهن و الاستشراف ، فالزموا الجندي المحارب فعل القتل.
اذن الجندي المحارب على جبهات القتال و بالخنادق صار فنانا اسطورة (الخلق و
التدمير).
راهنا الجنديين المحاربين القدماء المتضادين على الحب على اساس (وطن
الحلول). على ان حل جل مشاكل العالم متوقف على رهان الحب.
غير ان من يراهن على هذا (الطابو) Taboo الانساني ؟
حتى اكبر الدول الاشد ليبرالية لن يستطبع الرجل فيها ان يفشي بكل مكنوناته
الوجدانية للطرف الاخر علنا. و ما نراه من اقوال وافعال على الشاشتين الصغيرة و
الكبيرة مجرد محاكاة. ووسائط لا ترقى ان تكون حقيقة حب.
يموت الرجل الغربي و الرجل الشرقي وبقببه شيئ من حتى يضمره للمراة. و هو لم
يقل كلمتة الاسطورية الاخيرة للمراة.
بل تموت المراة و هي نفسها تسمع كلمة حب من الرجل ، التي طالما اعتبرته
بطلا او فارس احلامها Eros، و ما ان يقولها الرجل حتى يسقط من عينيها
ومن كل اماليها و امانيها عن صةرة الرحل الهيالية الاي ولدت و خياله يراودها ان
تلتقي به ذات يوم.
المراة رمز المدهش ، الهائل ، اامذهل يجب ان تظل الكائن الملائكي الغامض
الخفي المجهول العائب الحاضر عن الرجل ، يراقبها من بعيد ، دون ان يتفهما او يتعرف
عليها. المراة رمز المدهش ، اما اذا ماحاول ان يفاجئها و هي تستحم او هي تمشط
شعرها او تنظر بالمراة سرعان ما تتحول الى ثنين الى نار الى بركان الى جنية فضاء.
لكن من ذا المجنون الذي يراهن عن الحب ، عن الايروستولوجيا ، يرجع فيها
ويعود الى الحب كدراما كونية عظيمة بالنسبة للرجل ، و فيها يمنح دور خاص بالنسبة
للمراة اهمية جديدة. المراة الاولى كلوتيمونسترا ، ليستراتا ، اوريديس ، بازليد ،
بينلوب ، افروديت ، دافني....
الحب في الايروستولوجية كانه
المغناطيس الشاعر ، يتقدم نحوها ثم يبتعد ، يمتاز من خصاص ما يمتاز به المغناطيس
من خصائص فيزيائية قطب شمالي 👎 وقطب جنوبي (S) فالاقطاب
المثماتلة تتنافر (تتباعد) ؛ و الاقطاب المختلفة تتجاذب.اي يبتعد و يقترب من
المراة. مع هيمانه و شغفه بها عنيف و حارق و خارق ، مع ان القارئ يحس دائما ان الحب تجربة كونية
جرت بعيدا عن الارض ووراء حدود الزمن ، و في الشواش ، العماء show اي بالفضاء
الفارغ بين السماء و الارض كما يقول هزيود.
الارواح جنود مجندة.
الحب اكبر من دورة الميلاد و الموت للانسان ، اكثر من الانسان ذاته التي
يسجلها و ينتجها. انها اقدم منه و اشد قسوة في وحدتها . و هي التجربة التي يعجز
فيها الانسان ان يستريح من اتونها. و ان
يرسخ نفسه بالنسبة للزمان و المكان.
فالحب يتكون من فعل تثنية الفعل الدرامي و نقيضه ، من الرغبة و الياس ، مما
يبقيه في حراك دائم. الانسان عاجز كل العجز على ان يستقر في اي من الشطرين ، يحيا
و ينمو و يترعرع في الحب. و الشعر كتابة ميتافيزيقية قي الحب ، يبطل فيها التعارض
بين الجسد و الروح. حيث يبدو الانسان ماساويا وروحيا .
الحب اشد ارتباطا بالشعر ؛ اذ كان بالبدء تطهيريا تكفيريا ، قبل ان يتجسد
في لعبة (الجسد) و صار لغة و دينا ، قبل ان يستقر في لعبة عميقة الجذور ثنائية
المراة رمز المدهش و الشاعر الرجل المتامل رمز هذا المدهش ، المراقب من بعيد دون
ان يحاول ان يتفهم كل شيئ عن هذا المدهش المذهل الهائل !.
اما الان فقد صار الحب (ايروس) مشكلا اسطورة عنصره تاريخا و شبيها بالتاريخ
اوريستولوجيا و ليست اوريست بطل الاوريستية الواردة في ثلاثية اسخيلوس : (حاملات
القرابين - اجاممنون - اوريست).
صار الحب بطلا اورفيوسيا ، نصف اله او اله بالمرة. يلون الطبيعي بما هو
خارق للطبيعة ، استعارة مكثفة ، اتصال بين ما يمكن ادراكه و ما لا يمكن ادراكه.
القدرة و القوة الكونية الوحيدة التي تجعل الوزن ينعدم و يحلق في جميع
العوالم و الاكوان بلاجذب ثقلي و حيث ينعدم الوزن و تتلاشى المسافات و الابعاد و
تضرب بوحدتي الزمان و المكان.
كل ما هو امامنا من احلام يقظة و احلام نوم '، افعال مراهقة او مراهقة
متاخرة ما هي الا اثر الذي خلفه الاثر ذاته ، اما الحب بعيد بعد المراة عن الرجل،
بعد السماء عن الارض.
و بما ان المراة مخلوقا خلق ليظل غامضا عن الرجل فالحب ايضا ايروستولوجيا
تجربة قاسية مريرة على الانسان في مجرى الزمن و في مجرى التاريخ كالحرب ، على
الجندي المحارب الايسال لماذا احارب ، و لماذا يطلق النار ؟
لان ببساطة قائده الميداني امر باطلاق النار ؟
نفذ الامر ثم استفسر لماذا فيما بعد ؟
الحب مقرونا بالفشل بالخسارة اكثر منه على الكسب و النجاح.
كون المراة سابقة عن الرجل في معرفة و في تشكل نفسها ، بينما الرجل في سعي
مضني ليجد نفسه او يشكل نفسه.
المراة نصف المجتمع بل المراة هي المجتمه.
المراة ليست لهذا او ذاك لكون اخرى. و لما ان الاسطورة لا تعرف فان المراة
لا تعرف ، بينما يغدو الحب معجزة كونية لم تتم بعد.
بينما تغدو معجزة الرجل اللا بذوب في حوض الاستحمام كقطعة السكر كما يقول
الفنان العالمي بيكاسو.