ماجد مطرود
لمَ كل هذه الدهشة؟
أرجوك لا تكذّبني
مكثتُ في مكان سيء السمعة عقدا كاملا من السنين
أكلت خلالها كثيرا من العدس والبصل وقليلا من الخبز
اما اللحوم والفاكهة فكانت نادرة..
هذا المكان كان شحيحا وبخيلا
أرجوك لا تكذّبني!
طولي الفارع الذي تجاوز المترين، انكمش
وتقلص حتى صار اقصر من إصبع الخنصر
التغذية السيئة ، قلة الحركة، عدم ممارسة الرياضة ..
كلُّ هذا جعلني اتضاءل جدا،
بالإضافة الى أسباب الخوف والحرمان
التي خلقت مني
قميئا كعصفور مبلل ..
بعد كلّ هذا أقف الآن منتظرا خلف رجل قوي ليفتح الباب!
أرجوك لا تكذّبني
لا توحي إليّ بالاندهاش، فالباب المحكم
يشبه المستطيل ولا يفتح إِلَّا
بأمر
هذا الباب صُنع من حديد ثقيل
بداخله علامات كثيرة ونجمات ثمانية
يقال أنه صناعة محلية
صمّمه فنان من سلالة السبيّ
البابلي
كان مبدعا لكنه لظروف اقتصادية،
ترك الفن وامتهن الحدادة
يقال أيضا ان هذه المهنة وفّرت له مالا كثيرا
ساعده لإكمال دراسته والعمل فيما بعد
في احدى الجامعات المرموقة كأستاذٍ لفنّ التشكيلِ
في النهاية انفتح الباب ودفعني الرجل القوي خارجا
لوّح لي بالوداع ثم اختفى ..
أرجوك لا تكذّبني
لما وجدت نفسي خارجا، وحيدا، طليقا
على الفور استقام جسدي، وعاد طولي
ثمّ خطوة الى الأمام،
وخرجت من صدري عصافير كثيرة،
بيضاء، خضراء، سوداء، وحمراء ..
أرجوك لا تكذّبني
لقد حلقت بعيدا، بعيدا فوق
السّحاب.
—-
#ماجدمطرود_بلجيكا