بلبيس فى التاريخ
حامد حبيب
"١"
هذا كتابٌ قدّمتُه بخط يدى فى عام ٢٠٠٢م إلى
المطبعة لكتابته على الكمبيوتر حتى أنشره،لكنه
للأسف سُرِق من
المطبعة..لاأدرى أو تم خيانة الأمانة
وبيع لشخصٍ آخر..قمت
بكتابته مرّة أخرى ..ومع حلول انتخابات مجلس الشعب طلب أحد المرشّحين
البارزين من خلال مدير
أعماله أن أعطيه نسخة الكتاب لطبع آلاف النُسَخ منه،وسلمت مدير أعماله الاسطوانة
والصور الفوتوغرافية الخاصة بالكتاب ،
وعندما نجح فى
الانتخابات، ماطلنى مدير أعماله
فى ردّ الاسطوانة
والصور،شهر وراء شهر..ولم أحصل فى النهاية على كتاب مطبوع،ولا على حاجتى.
عزّ على أن يضيع مجهودى
هدر ، وقررتُ أن أنشره
على صفحات الفيس ، بعد
أكثر من عشر سنوات على كتابته...وسأنشره ةمختصراًعلى حلقات بإذن الله.
_________________
تُعَد بلبيس جزءًا لايتجزأ من هذا الوطن العزيز
أرضاً وتاريخاً وثقافة
، فقد كانت فى زمنٍ من الأزمان إحدى المداخل الرئيسية للبلاد وأهمها ،كما
كانت إحدى عواصم الدولة
قديماً.
وليعلم القارئ أننا حين نتحدث عن
"بلبيس" فإنما
نتحدث عن بلبيس العالقة
فى أعماق التاريخ بمُسمّياتِها المختلفة ،وحدودها المترامية المتاخمة
لحدود سيناء حتى أطراف
مصر القديمة،إلى أن صارت _جغرافيّاً_محدودة الآن بحدودها الحالية.
ف"بلبيس"..مدينة
لها جذور تاريخية عريقة..
ذكرها(جوتييه)فى قاموسه
وقال:"إن اسمها القبطى
"Becokبيكوك"
وذكر فى موضع آخر إسماً
مصرياً هو "بارِست"وقال
يُحتَمل أن يكون هذا
الاسم مدينة"بلبيس".
وذكرها (المقريزى)فى
خططه :"أن بلبيس فى التوراة :أرض جاشان 'قال:"وهى من بلبيس إلى
العلاقمة ، وفيها عدة
بساتين ، وأهلها ذوو يسار ونِعم سنيَّة".
وورد فى قوانين
"ابن مماتى"، وفى "تُحفة الإرشاد"
وفى"مُعجَم البلدان":
بلبَيس/بلبيِس..كانت قاعدة
الحوف الشرقى أيام
العرب،ثم قاعدة الأعمال الشرقية من عهد الدولة الفاطمية إلى آخر الحُكم
الچركسى"دولة
المماليك"..ثم قاعدة الولاية الشرقية
إلى سنة ١٨٢٢م،إلى أن
أصدر (محمد على)_والى مصر_أمراً بنقل ديوان الشرقية والمصالح الأخرى
إلى مدينة الزقازيق
،لتوسُّطها بين بلاد المديرية ،
ثمّ سُمّىَ مركز
"بلبيس"سنة ١٨٧١م.
وممّا رواهُ المؤرّخون
،أنّ كلمة"بل"أى:مدينة أومكان،
ومعناها: وادى الرب أو
بيت الرب ،وأنها اختُصِرَت
من "بعل"إلى
"بل"..أما لفظة "بيس"فيعنى اسماً لأحد
آلهة مصر أيام
الفراعنة، وجاء ذكره فى كثيرٍ من النقوش والآثار المصرية.
وقال(نصر الإسكندرانى):
و"بِلبِيس"بكسر البائين وسكون اللام والباء ...مدينة بينها وبين الفسطاط
عشرة فراسخ على طريق
الشام..فُتِحَت عام(١٨-١٩ه
على يد (عمرو بن العاص)
قادماً إليها من الصالحية
ثم وادى الطُمَيلات،وظلّ
محاصِراً لها ،حتى استولى
عليها،ليُنهى مرحلة
الحُكم الرومانى".
ولقد عُرِفَت بلبيس فى
الزمن القديم _أيضاً_باسم
"جوشن"أو
"جاشان" كما جاء فى التوراة ، وكانت
عاصمةَ الفراعنة ،إذ
كانت "برعمسيس"عاصمة
لرمسيس الثانى ،و
"أواريس" عاصمة للهكسوس ،
وكلاهما تقعان فى
منطقة"جوشن"التى هى"بلبيس".
وقد حدّد المؤرّخ
(جريفيت)منطقة"جوشن"بأنها
المنطقة التى تقع بين
فرعَى النيل البيلورى _مكان
بحر مويس
حالياً_والقنال الذى يبدأ من بلبيس.
أمّا الدكتور(ڤيليب)فيرى
أن أرض جاشان "جوشن"
التى اقتطعها سيدنا
يوسف لأبيه يعقوب (عليهما السلام)كانت تشمل المثلّث الواقع بين
"باستيت"_
الزقازيق حالياً_ومن
بلبيس وتل المسخوطة"التل
الكبير"حالياّ.
كما دلّت الاكتشافات
الحديثة أن منطقة بلبيس
"جوشن"كانت
المنطقة الممتدّة من قناة السويس
حتى مدينة بلبيس
والزقازيق.
كما إن هذه المنطقة
كانت تقع غرب السور المقام على طول المنطقة التى نشأت مكانها قناة السويس
الآن ،وكان هذا السور
عبارة عن حصون وقلاع يقوم
بالإشراف عليه جنود مصر
لمراقبة الداخلين إلى مصر والخارجين لحمايتها من الأعداء.
وقد قال أمير
الشعراء(أحمد شوقى) فى ذلك،فى قصيدته"كبار الحوادث فى وادى النيل":
لهُم فى الصالحية حِصنٌ
وفى بُلبَيسَ قلعةٌ صمّاء
_________________________
حامد حبيب
....بلبيس_مصر ٢٢_٧_٢٠٢١م