فشل في بيع البطيخ.. تحول لـ الطبيب الشخصي لأسرة محمد علي وأول معلم مصري بمدرسة الطب
فشل في بيع البطيخ.. تحول لـ الطبيب الشخصي لأسرة محمد علي وأول معلم مصري بمدرسة الطب
كانت نهضة مصر الحديثة
على يد محمد علي باشا حين أرسل البعثات العلمية الدراسة فى الخارج والرجوع إلى مصر
حتى يقوموا بإعداد جيل جديد قادر على تأسيس مختلف العلوم فى مصر، وقام محمد على
باشا مع بداية حكمة بجمع الأطفال المصريين من جميع شوارع القاهرة وأودعهم ثكنة عسكرية
خاصة وبدأ فى رعايتهم وتعليمهم بعيدا عن أهلهم.
وجاءت فكرة إنشاء محمد
علي لمدرسة الطب حين لاحظ محمد على باشا أن عدد ضحايا الجيش عندها أكثرها من
الأمراض وليست من الحروب ولذلك بدأ فى إنشاء مدرسة الطب لإعداد أطباء مهرة على
أفضل حال وبعث بالطبيب الفرنسي انطوان كلوت حتى يكون له ويعد نظاما صحيا وإعداد جيل
كامل من الأطباء المصريين للاستعانة بهم وقد قام بتجميع الأطفال من شوارع المحروسة
وأودعهم فى ثكنة عسكرية خاصة بالخيّالة في ابو زعبل لتكون أول مدرسة الطب ومن ضمن
التوسعات العلمية اللي عملها محمد علي باشا لنهضة مصر الحديثة .
وبعد فتح المدرسة طلبت
طلاب نوابغ لدراسة الطب وعلوم التشريح والجراحة وعلوم الطب المختلفة وجاء من
الترشيح من الأزهر فى ذلك الوقت وقد تم ترشيح 100 طالب كانوا يتواجدون فى حلقات
العلم فى الجامع الازهر من ضمنهم طفل فى مرحلة الشباب يدعي إبراهيم لاحظ مشايخ
الأزهر وجوده باستمرار فى الجامع الأزهر وحضوره حلقات العلم المختلفة وتفوقه بين
الطلاب الحاضرين فمن هذا.
هو إبراهيم النبرواى
فلاح من قرية نبروه بمديرية الغربية والمولود عام 1817لابوين فقيرين وأرسله والده
مثل معظم الأطفال إلى الكتاب لحفظ القرآن الكريم وليستطيع الكتابة والقراء وعندما
اشتد عود إبراهيم طلب منه أبوه أن يساعده فى زراعة الأرض ومثل ما تجرى العرف على
شباب القرية.
وكان ولده يزرع البطيخ
ثم يقوم ببيع المحصول كله بجملة فى طنطا فطلب الابن ابراهيم من والده أن يسافر إلى
القاهرة لبيع المحصول هناك بالقطعة الحصول على مكسب أكبر ومع رفض الأب فى البداية
وإصرار الابن وافق والده واستأجر جملين لنقل المحصول عليه إلى القاهرة وشدد الوالد
على إبراهيم أن يكون حريصا على المحصول لأنه يعد مصدر الدخل الأسرة فى العام
بالكامل.
تفاجأ إبراهيم عندما
جاء إلى السوق فى القاهرة واتصدم أن هناك نظاما وأنه لا يستطيع بيع بطيخه بدون
موافقة كبار السوق و الاسعار التي يحددوها وليس بالسعر الذى يحدده هو فما كان منه
أنه لم يستطع بيبع المحصول ولم يجد امامه غير ان يبيع البطيخ لتاجر بالجملة بخسارة
خوفآ على البطيخ من التلف ، وخاف من الرجوع الى والده بعد فشله فى تجارة البطيخ
ولم يجد له مكانا ينام ويمكث فيه سواء الجامع الأزهر وهناك تعرف على حلقات العلم
وأخذ فى حضورها والمذاكرة والبراعة فيها وهذا الأمر الذى جعل مشايخ الأزهر يرشحه
الانضمام إلى مدرسة الطب وتم قبوله بالمدرسة بعد توصية من مشايخ الأزهر.
وبرع إبراهيم فى دراسة
الطب وأخد رتبة ملازم في الجيش وأثبت نبوغ في علم التشريح بين زمايله وتخرج من
مدرسة الطب بعد خمس سنين دراسة وهو طالب مميز ومشهور بين باقي الطلاب، وبعد تخرجه
قرر محمد علي باشا بعث 11 طالبا من المدرسة لدراسة الطب بتوسع أكثر في فرنسا،
واختاره كلوت بك مدير المدرسة بنفسه عشان يكون واحدا من الeleven طالبا وفعلا
سنة 1832م بيروح ابراهيم لفرنسا عشان يدرس وبمرتب 3 جنيه ونصف شهريا ضمن أول بعثة
دراسية لأوروبا في مصر.
عندما وصلت البعثة إلى
فرنسا تفاجأ الطلاب أنهم أمام لجنة مكونة من12 دكتور من اكبر وامهر الاطباء فى
فرنسا لامتحانهم والموافقة هل سوف يسمح لهم بدراسة الطب فى فرنسا م لا وكان من ضمن
اللجنة الدكتور مارك الطبيب الشخصي لملك فرنسا والبارون ديبوا، وكبار أمراء فرنسا
وأعضاء الجمعية العلمية الفرنسية، ولكن إبراهيم أذهل اللجنة بعلمه وثقته بنفسة
لدرجة أنهم عرضوا عليه أن يستمر معهم فى فرنسا ولا يعود إلى القاهرة ولكن رفض
إبراهيم.
رجع إبراهيم إلى مصر
سنة 1838م بعد انتهاء الدراسة بصحبة زوجته الفرنسية، وبمنصب مدرس فن التشريح
والجراحة بمدرسة الطب بالقصر العيني، وبرتبة يوزباشي في الجيش ليكون من أوائل
الأطباء المصريين في تدريس علوم الطب، بالمدرسة التي أسسها محمد علي باشا بقصر
العيني وباختيار كلوت بك مدير المدرسة بنفسه، وقد قام النبراوي بترجمة 3 رسائل
علمية في الطب، ليكون أنبغ حكيمباشي مصري في ذلك الوقت.
إبراهيم اتشهر كجراح
ومترجم للكتب الطبية الفرنسية، ولأنه كان جراح شاطر فعلا كان يترقى عسكريا بجانب
تفوقه في الجراحة والطب، ووصل بسرعة لرتبة اميرلاي وعينه محمد علي باشا الطبيب
الخاص به وأغدق عليه بالعديد من النعم من أموال وقصور وممتلكات لا تعد ولا تحصى،
بجانب دخله من الطب لأنه كان الأشهر في مجاله حتى أطلق عليه "رئيس
الأطباء" وقتها، بجانب إنه كان شخصا بشوشا ومرحا وكريما مع الناس، محبا للفن،
ومقرب للأسرة الحاكمة.
بعد وفاة محمد علي
باشا، خلفه إبراهيم ثم عباس الأول الذي بقى عليه في منصبه كطبيب خاص للاسرة، مع
الابقاء على الأنعام والأموال والممتلكات التي حولته لأحد الأثرياء في تلك الفترة
دي.
كان يمتلك أراض وعقارات
وقصور ومماليك وجواري أكتر من الحاكم نفسه لدرجة أن ابنه الذي كان يدرس بالطب من
كثرة ما ورثه عن ابيه بعد وفاته ترك الطب وتفرّغ لإدارة ممتلكاته.
توفى الدكتور ابراهيم
بك النبراوي سنة 1862م بداء الربو، مخلفا ممتلكات بالملايين، وكتاب من تأليفه ترجم
إلى الفرنسية وهو كتاب الأربطة الجراحية، وكتابين من ترجمته ومن مؤلفات كلوت بك
رائد الطب في مصر.
وللدكتور إبراهيم ابنين
هما خليل النبراوي ترك الطب وتفرغ لإدارة الممتلكات، ويوسف كان ضابط في الجيش وعمل
كحلقة وصل بين مصر وفرنسا، وبعدها عاد إلى مصر وعين رئيس المحاكم المختلطة.