لماذا لا يستغل كتب الأرشيف المكتبة المدرسية
العقيد بن دحو
و كأن لا يكفي ان صار الكتاب المدرسي ينتمي الى النشاطات اللاصفية , ليزيدها كتب المكتبة المدرسية بله , حين لا يزال يعتبر قيمة مالية مادية أكثر منها ذات قيمة ثقافية تثقيفية تعلمية تعليمية. و نقصد بكتاب المدكتبة المدرسية غير ذاك الكتاب المدرسي المعد و الممنهج و المبرمج للمقرر الدراسي.
نتساءل بدورنا ما القيمة المضافة التي يضفيها
الكتاب التابع للكتاب المدرسي...... , بعد ان صار
مستحاثة أو كأي تحفة مادية نادرة , مكانها الأضلي الأصلي المتحف. بل يؤرشف
و يصير ارشيفا , و بالتالي يسقط عليه ما
يسقط على مصنفات الملفات و الوثائق التربوية التي تحكم الى الأرشيف المدرسي دوريا
, كل عامين , أو كل ثلاث سنوات , أو كل خمس سنوات. بل الأدهى و الأمر أن صار
الكتاب المنتمي للمكتبة المدرسية , و ليس الكتاب المدرسي ( متاعا) ماديا كالكرسي
أو الطاولة أو بعض الأثاث , يسقط عليه ما يسمى ( بالإسقاط) بحكم التقادم , أو يسمى
( بالإتلاف) !.
أظن من الخطأ بمكان , بل من الخطيئة أن يعتبر كتاب المكتبة المدرسية
كذلك.
كم يحز بأنفسنا و معاهد و ثانويات ومتوسطات تليدة تذخر بأمهات الكتب الناذرة , و التي لم
تعد بالأسواق اليوم , يحدث لها ما يحدث اليوم , بل تعزل من رفوف المكتبة المدرسية , ويولج بها بدهاليز
الأرشيف , و بالتالي لم تعد صالحة لا لدين
ولا لعبادة. بل احيانا تٌتلف و تٌحرق الى
الأبد ؟.
نتساءل من جديد لماذا لا يستفيد المجتمع المدني
عموما و الباحثين و الدارسين من هطه أمهات الكتب , عوضا عن هذا المآل التراجيدي
المأسوي التي تؤول اليه ؟
لابد من اعادة تحيين و تجديد مختلف القوانين و
التشريعات و المساطر التي تسير المكتبة المدرسية و الكتاب داخل المدرسة و كيفية
تسييره و ادارته ادارة ثقافية تربوية اجتماعية. و إلاّ ستكون جريمة بكل المقاييس و
مقبرة جماعية في حق الكتاب , و بالتالي في حق الثقافة بالوسط المدرسي.
الكتاب عموما سواء داخل اسوار المدرسة أو خارجها
ظاهرة اجتماعية , لا يمكنه أن يعيش ضمن الدوائر المعهودة اليه ولا سيما ( الجمهور)
, جمهور الكتاب. و إلاّ ما فائدة و ما قيمة المكتبة المدرسية , ان كان لا يقرأه
أحدا , و ان كان الأرشيف سعتبره وثيقة شأنه شأن ملف التلميذ او العامل , او
السجلات أو الدفاتر , تخضع بالنهاية الى علب الأرشيف و الى التصنيف و الترقيم , و
الى نوع الأرشيف حيّا كان أو ميّتا , فكيف يصنف الكتاب اذا ما صنف كأرشيف ميت , و
الموت الفكري اشنع و افظع حتى من الموت الفيزيولوجي أو البيولوجي أو حتى الورقي
؟!.
الكتاب المدرسي المعقود على الإنسان ,
لعبة انسانية عميقة الجذور , أخر ما يبقى عندما تخسر الإنسانية كل شيئ , و ما يجب
أن يتعلم وفقه المتمدرس بعد ان يتعلم كل شيئ , وقبل ان يتعلم كل شيئ , ابان و
اثناء التعلم.
وصدق القول الفرنسي : " رأس كامل الإمتلاء
في رأس كامل الإعداد "
" وولد تعلمه اليوم رجل تنقذه غدا "
فكيف يكون كل ذلك و الكتاب يتأرشف و يتحول الى
منحوتة , عوضا عن دوره التاريخي الإجتماعي وسيلة وغاية تعلمية تعليمية بالأمس و
اليوم وغدا.