من طقوس الاستسقاء (4)
هاني الهندي
ومن مظاهر الاستسقاء أن يطوف الأطفال الحارة ثم يتوجهون إلى ساحة تجلس فيها عجوز كبيرة بانتظارهم، يركِّبونها على حمار وعليه خرج في شقيه حجرا الرحى وأمامها ديك، ثم يقوم أحد الأطفال بجر الحمار والأطفال يرددون:
الله ألْغِيثْ يا معينْ تِسْقي زَرْعِ الفلاحين
الله ألْغِيثْ ويا بصيرْ تِسْقي زَرْعْنا القصيرْ
الله ألْغِيثْ يا غفّارْ تِسْقي زَرْعنا شو صار
يجوبون الحارات ثم يعودون إلى الساحة التي انطلقوا منها، فتجلس العجوز والأطفال من حولها ثم تبدأ بالجرش الوهمي، وتضع جناح الديك بين حجري الرحى وتطحن جناحه فيأخذ بالاستغاثة فتقول العجوز: *
يا ربي حرَّه وادي تشفق على لِجوادي
وِاْلْدِّك قعّقْ لَرَّبه عطشان يطلبْ من ربُّه
وفي حال عدم نزول المطر بعد هذه الطقوس يردد الأطفال:
يا ربِّنا يا ربِّنا وِحْنا صْغارْ شو ذنْبِنا
طلبنا خبز من أُمِّنا ضرْبتْنا على إيدِنا
ومن طقوس الاستسقاء كانت العجائز يجتمعن في الساحة ويدرن الرحى بلا حبوب، يتحاوزن أثناء عملية جرش وهميّة: *
ـ ليشْ اْبْتِطْحَني بِالْليل يا عْجيِّزْ ؟؟
: مِنْ قِلِّة اْلْمَطَرْ وِاْلْسِّيلْ يا عْجيِّزْ !!
ـ مالِ اِحْماركْ بِنِـينْ يا عْجيِّزْ ؟؟
: من قِلــِّة اْلْطْحين يا عْجيِّزْ !!
ـ مال اْحْمارْتِكْ عرْجهْ يا عْجيِّزْ ؟؟
: بِتْقَلِّطْني* لَعَجَّه يا عْجيِّزْ !! ( * بمعنى توصلني)
ـ ما اْحْمارْتِكْ بِتْفِزْ* يا عْجيِّزْ ؟؟ (* تحاول النهوض)
: منْ كثر ما أكلتْ رز يا عْجيِّزْ !!
ـ ليش اْبْتِطْحَني بلاشْ يا عْجيِّزْ ؟؟
: منْ قلِّة اْلْمَطَر وِرْشاشْ يا عْجيِّزْ ؟؟
كما شاع بين الأردنيين والفلسطينيين الاستغاثة بالأولياء والصالحين لقضاء الحاجات ومنها الاستسقاء، حيث يتوجه النساء والأطفال مع المواشي إلى مقام أو مزار في القرية، وما أكثر المزارات والمقامات في بلادنا يطلبون الغيث والبركة:
يا اْبُو اْلْدَّرْدا نِرْتِجِكْ رشقْ اْلمطرْ يهطلْ عَليكْ
يا بنت قومي اسْقينا لولا الْعَطَشْ ما جِينا
وفي مدينة السلط تقول النساء:
يا اْلْخَضِرْ جيتكْ زايْرهْ وَاْنَا بْأُموري حايْرهْ
كُلِّ اْلْقَرَايا فَلَّحَتْ وْقَرْيتْنا ظلَّتْ بايرهْ
وفي القباب من قرى فلسطين
شِيخِ اْسْليمانْ نسْتَرْجيكْ رَشْقِ اْلْمَطَرْ يُعْبُرْ فِيكْ
شِيخِ اْسْليمانْ نسْتَرْجيكْ وِحْنا صبايا جاينْ لِيكْ
وفي منطقة بيت لحم والناصره *
قصدْنا اْلْعَذْرا اْوْمارِ يعقوبْ تِسْقي زرِعْنا اْلْمَصْيوب
قصدْنا اْلْعَذْرا اْوْمارِاْلْياس تِسْقي زرِعْنااْلْيَبَاسْ
كما يتوجه المشايخ من أتباع الطرق الصوفية إلى المقامات أو المزارات في القرى حاملين الرايات ويضربون الطبول، توسلا إلى الله بأدعية دينيَّة أن يجود عليهم بالمطر من أجل الإنسان والحيوان والشجر.
وقد حدّثني بعض كبار السن الذين كانوا يشاركون في هذه الطقوس أن المطر كان ينزل عليهم أثناء عودتهم من المقام أو المزار، وأن السيول تتدفق في اليوم التالي.
ومن طقوس الشراكسة في عمان* أنهم كانوا يتوجهون إلى منطقة رأس العين يجمعون عددا من حصى السيل، ويضعونها في كيس يرتلون عليه آيات من القران الكريم بعدد حبات الحصى المجموعة في الكيس، ثم يغلقونه ويثبتونه في مكان من زوايا السيل يمكن انتشاله من جديد.
***********************
***********************