طقوس الاستسقاء (1)
هاني الهندي
بعد اكتشاف الزراعة زاد اهتمام الإنسان بأوقات سقوط المطر وكمياته، وأخذ يراقب النباتات من حوله تزين بساط الأرض. هذه النباتات التي يتغذى عليها مع حيواناته التي يستخدمها، لم تكن إلا بقوة خفية، فأخذ يبحث له عن آلهة يعتقد أنها سببا للخصب والنمو، لذلك تعددت الآلهة في الحضارات القديمة واتجهت نحو السماء، فعبدوا الشمس والقمر والزهرة وأطلقوا عليه أسماء مختلفة. وعبد عرب الجزيرة العربية الزهرة وسموها العزى، كما عبدها الفينيقيون وسموها عشتروت.
كانوا إذا انحبس المطر أو تأخر نزوله يشعرون بالقلق والخوف على مزوعاتهم، فيلجؤون إلى طقوس الاستمطار: وهو طقس من الطقوس الدينية التي كانت موجودة في الديانات والحضارات القديمة، حيث كانت تقدّم القرابين المختلفة للآلهة، ومن هذه القرابين كانوا يقدِّمون البشر. "فالعروس التي تصنعها النساء في بعض المجتمعات اليوم من الخشب والقماش لطقوس طلب المطر، كانت عروساً حقيقية في العصور القديمة، مثل العروس (آغنجا) التي كان يقدِّمها الأمازيغ للإله الوثني (آنزار) قرباناً وطلباً للمطر".
هذه العروس هي أم الغيث عندنا تصنعها النساء من الخشب وقطعة خشبية بدل الرأس، يغطى جسمها بملابس جميلة، كما يغطى رأسها بعصبة تزين بالحلى و(الدناديش) فتبدو كما العروس، ترفع بين النساء والأطفال أثناء طلب الاستسقاء.
أما الحضارات العربية فقد ابتعدت عن العنف في طقوس الاستمطار على اعتبار أنها وسيلة توسل ورجاء، فكان الكنعانيون يقومون بصب الخمور على الأرض لاعتقادهم أن السماء تتلذذ به ويمكن أن ينهي حالة الجفاف ويسقط المطر، كما كان لهم عبدا يسمى عيد فتح طاقات السماء.
ومن الطقوس التي مارسها العرب تقديم الهدايا والذبائح للآلهة طلبا للسقيا؛ "فقد كانت قبيلة خولان في بلاد اليمن القديمة تقدم للصنم (عميانس) في كل عام نصيبة من أنفالهم وحرثهم ويتوسلون إليه إذا ما الغيت انحبس، ومن طقوسهم إيقاد النار على مزدلفة، كما كانوا يعمدون إلى السلع والعشر وهو نوع من أنواع الشجر "يحزموهما ويعقدوهما في أذناب البقر، ويضرمون فيها النار ويُصعِّدونها في موضع وعر، ويتبعوها يدعون الله ويستسقون، وإنما يضرمون النار في أذناب البقر تفاؤلا للبرق في النار، وهم يعتقدون أن الله سيطفئ هذه النار بالمطر رحمة للبقر.
***********************
***********************
