عبد القادر الغريبل
الحلم
عبدالقادر محمد الغريبل
يتوقف رنين المنبه، تظل ممدودا في فراشك لا تتحرك، تغلق عينيك، أنه فعل
عفوي، أو ربما ليس فعلا على الإطلاق ،الفعل الذي تتجاهل أن تؤديه بتلقائية وعن
طواعية،نمت مبكرا غرقت في رقادك ،ضبطت المنبه على وقت الإستيقاظ ،سمعته يرن ويرن،
انتظرته لثوان حتى تيقنت أنه لن يرن مطلقا، استيقظت بسبب حرارة الحجرة أو إزعاج
الضوء،ربما ضوضاء الشارع التي لا تفتر ليل
نهار، لكنك لا تتحرك كأنك مقيد لفراشك، تفكر في بديل يقوم بكل أدوارك عوضا عنك،
يمارس ذلك الشقاء اليومي الذي داومت فعله على مضض منذ أعوام، دون تغيير ولو طفيف
في تفاصيله المملة لحد القرف( يستيقظ، يغتسل، يحلق وجهه، يرتدي ملابسه، يوضب
سريره، يفتح نوافذ شقته، يغلق بابه، يقطع شارعين، لينحشر بين ركاب الحافلة وأنفاسه
تكاد تنقطع، ينزل منها ليعاود الهرولة محاولا اللحاق بعمله، دونما تأخير.
لكن هو منتصر حتى دون أن تعرفه، أن
تخاله يفعل ذلك كأي بائس شبيهك، بأي حال لن تنبس بنت شفة، لأنك تحتمي بالتغاضي
أحيانا وأحيانا ينعدم التفكير لديك، و يبقى مكانك شاغرا، لن ينتهي شقاءك بتقاعد
مريح، ولن تستمتع بهوايتك المفضلة وما يروق لك فعله.
في المساء تحجم عن ارتياد مكانك بالمقهى الشعبي مع زملاءك وبعض معارفك كما العادة، أحدهم في اليوم التالي يعرج على زقاقك، يطرق بابك طرقات لينة ثم مرة أخرى أقوى، يذهب لحال سبيله، في اليوم الموالي طرقوا أصحابك الباب، انتظروا قليلا نادوا عليك، مرروا رسائل إلكترونية دون جدوى(تظل مستلقي على أريكتك الضيقة يديك على صدرك لا تتحرك، لقد أدركت دون أن تتفاجىء أن ثمة خطب ما، فأنت فاشل في توافق بين متطلبات حياتك و ظروفك البئيسة، الجو خانق بالداخل، تنزوي مشدوها في ركن غرفتك، تعاين في بلاهة سريرك المتداعي، حاسوبك التالف، تلفازك القديم، أريكتك المتهالكة، صورك الباهتة المعلقة، تأخذ ولاعة وتشعل سيجارة تتابع حلقات دخانها الدائرية نحو السقف المبقع بشقوق صغيرة، يغمرك شعور بالخواء، ينتابك إدراك أن ماضيك، حاضرك، مستقبلك في انعدام كلي مريع،
المغرب
اكتب تعليقاً