جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

مسؤولية الحكومات في تثقيف الشعوب

 

مسؤولية الحكومات في تثقيف الشعوب

العقيد بن دحو

 العقيد بن دحو

رغم التطور الحضارى و الثقافي التي شهده العالم ؛ بل و منذ الدفاع عن الثقافة و الفن و الأدب سنة 1933 في مؤثمر البندقية ايطاليا ، و حُرِّمَ منه التيار / المذهب السيريالي ، بل طُرِدَ السيرياليين من المؤتمر شر طردة .

منذ ذاك العهد تعاهد المؤتمرون بالنضال و الدفاع عن الثقافة ، تم بموجبه دعوة كافة حكومات العالم الى تبني الثقافة عموما كقيمة اساسية في بناء تأسيس الدول و مأسست الفكر  ، الأدب ، الفن ، الجمال  ، اللغة ، الدين ، المعتقد ، و كل ما هو موروث مادي و لا مادي الى كل ماهو سياسي اجتماعي اقتصادي ، و كذا نقل الثقافة و تحويلها بشكل سلس من الفئة الإنتلجنسيا المثقفة الى الدائرة الشعبية حتى لا تكون حكرا على فئة معينة ؛  غبر مختلف الوسائل و الوسائط المتعاهد عليها.

الا أن ظلت الريبة و الإحتياط و الشك قائما يراود الجميع  ، بين كل ما هو ثقافي و ما هو سياسي الى أن أطلق زعيم (الرابخ) الألماني النازي (جوزيف جوبلز)  Paul Joseph Goebbelsl 

سنة 1945 عبارته الشهيرة : " كلما ذكر لي مثقف أتحسس مسدسي " !

كانت هذه العبارة بمثابة.  رصاصة الرحمة التي اطلقت على مقتل (كعب أخيل) و كل ما هو ثقافي.

غير ان المؤتمرون لم يستسلموا و كذا أصحاب المذهب السيريالي  لم يهدأ لهم بال حتى رأوا بأم اعينهم الثقافة سلطة تتصدر بقية السلط الأخرى ، نجري مجرى الدم في قلوب الناس أجمعين .

اليوم وبعد مرور 79 سنة زهاء (يوبيل ذهبي) على نهاية الحرب العالمية الثانية ، و بعد انهزام النازية الألمانية و استسلام قادتها ، و رغم التطور الحضاري التي شهدته الثقافة في مجرى التاريخ الإنساني ، سواء قبل التدوين أو بعد التدوين ؛ أذ لم تعد المشجب التي تعلق عليها الحكومات فشلها و سوء تسييرها بحجة الحلقة الأضعف في مجموعة القيم التي تسير دواليب الحكم في أية حكومة ، لم تعد فلكلورا توفر الرفاه للسيد المنتصر سواء اثناء الحرب أو ما بعد الحرب ؛ انما الثقافة صارت توعية...تعبئة...وسلاح.

ورغم الحداثة و مابعد الحداثة التي تشهدها اليوم المعمورة ، و الإنقلاب الجذري التي يعيشها انسان الصورة اليوم و انسان انفجار المعلومة ، لا تزال الثقافة في بعض دول العالم الثالث ، تقوم مقام الفلكلور ، يحكمه السلوك العابر المنعكس الشرطي البافلوفي مع أية مناسبة تذكر !.

هي وزارة غير سيادية ، تقوم بدور الوسيط الكيميائي في أي متخلل او تفاعل سياسي حكومي ،  لا تضبطه مدخلات خريطة ثقافية معينة تضبط العمل الثقافي ، و من خلاله يتم تقييم و تقويم المخرجات الثقافية كتغذية راجعة هذا ان كان للثقافة مشروع قومي وطني تتبناه هذه الحكومات.

لم نسمع منذ مؤتمر البندقية مؤنمرا حكوميا أو أمميا أو أي مجتمع مدني موسوم بالدفاع عن الثقافة !.

كما لم نسمع رغم هذا الإنفتاح العالمي المعولم ، و مختلف الوسائط الإعلامية التماثلية و الرقمية ، و رغم شبكات التواصل الإجتماعي ، و الحضارة الديمقراطية عن حكومة ثقافية ، ما من حكومة تنشأ الا و تتبنى مشروعا اقتصاديا أو اجتماعيا أو سياسيا في حين الغائب الأكبر المشروع الثقافي ، على اعتبار الثقافة الخلاص المنقذ الذي ينقذ جل القطاعات التي تعاني من الركود  المعرفي و الترشيد العقلاني الواع الوازن.

صحيح الثقافة كانت حتى القرن الثامن عشر مسؤولية شخصية فردانية فالشخص هو الذي يريد أن يكون مثقفا ، لكن بعد أن صارت الناس يراجعونها فيما يخص مشاكل حياتهم اليومية ، و من أجل تقرير مصيرهم صارت  الثقافة متعلقة بوجدان الأمم و الشعوب ، تمس الوعي و الضمير الجمعي و الوازع الاخلاقي. يطلبون منها الناس أن تحسن من واقعهم المعاش ، و أن نجيبهم على بعض الأسئلة العالقة..و لتلك  الأسباب و لهذه النتائج أصبحت الثقافة مشكلة دولة ، مسؤولية الحكومات المتعاقبة ، تلك التي تتخذ من الإستثمار رأس مال ؛ بينما الإستثمار الحقيقي و الرأس المال الحقيقي يكمن في الإنسان و تكوينه الدائم و أنسنة الإنسان.

الى حد الساعة الثقافة الجادة الواعية كانت فقط مناسباتية ، تظهر في زمن الإنتخابات ، و بالضبط حين ينوي (المترشح) انتخابه لعهدة ثانية ، حينها تتكشف لدى عموم الناس مدى صدقه و مصداقيته و مدى زيفه و كذبه ، و كدا مدى الوعود التي قطعها على نفسه.

و لهذا في كل مرة كان الناخب يصاب بخيبة امل حين أبعدت الثقافة عن التقييم و التقويم ، و هكذا تم العزوف عن أي استحقاق قومي وطني في عموم دول العالم الثالث.

الثقافة مسؤولية حكومات و برامج و مشاريع ثابثة ، و ليست مسألة بعض الوقت و انما كل الوقت.

و الا ستظل الحكومات تكرر نفسها صعدا نحو الأسفل ، تعيد أسطورة (سيزيف) ، و لا هي تلك الأسطورة (ميداس) العاشقة للذهب ، الشخص الذي عاقبته الألهة كأن جعلته كل ما يلمسه يتحول الى ذهب ، حتى صار يتضرع الى كافة اعضائه التي تحولت كلية الى ذهب.

نريدها حكومة ثقافية ترعى الشأن العام الثقافي ، و تنقذ ما يمكن انقاذه مادامت - في المقام الأول - الثقافة انقاذ.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *