تيسير المغاصبه
صعود الملائكة
-٤٢-
(لن تشرق الشمس أبدا )
قصة متسلسلة
بقلم :تيسيرالمغاصبه
٢٠٢٤
الفصل الرابع
--------------------------------------------------------
يصل يحيى ومعه مأمون إلى الجبال ..تسير العربة إلى جانب القناة حتى تصل إلى عمق الوادي .
يصعدا إلى مغارة نوال ..يجثو يحيى على ركبتيه إلى جانب فراشها بينما فرح
وغادة تجففان دموعهن لحظات ومن ثم تجريان
إلى الخارج.
يقبلها على رأسها ويقول لها بحب وعطف :
-الف سلامه عليكي ياخالتي.. لاباس عليكي ؟
فتمد يد مرتعشة من شدة الاعياء فيمسك بيدها ويضمها بين كفيه وتقول له بصوت
ضعيف:
-يحيى..اسمعني يمه ..يمكن إني ماأقدر إني أعيد الحكي مره ثانيه؟
-إحكي ياخالتي هيني سامعكي إحكي.
-أنا..أنا وصيتي إلك هي بنتي فرح ..بدي إياك توعدني إنك تجوزها بأسرع وكت؟
-موافق يخالتي موافق؟
فقالت بأرتياح:
-الحمد لله..الله ..يوفقك يمه.....
-موافق بس إنتي شدي حيلكي؟
لكن ..وقبل أن ينهي كلامه تغمض عينيها وتنام إلى الأبد.
* * * * * * * * *
وفي قرية أم الطين وبينما الشيخ بلال ساجدا يناجي ربه عن قرب مغرق سجادة
الصلاة بدموعه المنهمرة بلا توقف .
يباغت وهو ساجد فوق سجادته من قبل
مجموعة من الحاقدين ويطعن عدة طعنات في ظهره ومن ثم ينحر بخنجر حاد .
وكانت تلك الطريقة نفسها التي قتل
بها الشيخ عبد الكريم قبل سنوات وهو يصلي.. لأنها الطريقة الأسهل والأظمن.
وفي نفس اللحظة التي يطعن بها
الشيخ بلال ترتعش يدا يحيى وهو في قريته ويسقط المعول من يده ويخفق قلبه بشدة .
* * * * * * * * *
تتم مراسم جنازة ودفن نوال في نفس مغارتها المرتفعة جدا حسب وصيتها.
يأخذ يحيى وصحبته راحة إلى جانب قبر نوال ومن ثم يهبطون إلى القناة فيغسلون
وجوههم ويجلسون على حافتها واضعين أقدامهم فيها .
بعد التحدث عن محاسن نوال واخلاقها وجمال قلبها وكفاحها ومناقبها ومقاومتها
للعدو يقول يحيى أخيرا:
-ياجماعه هاظا حال الدنيا وكلنا على هاظا الطريق..وإنسانه عظيمه مثل الخاله
نوال عاشت مكافحة حرام إنا نبكي عليها ..بعد شوي بدنا نترك لجبال وما نرجع هونا
إلا بس مشان إنزور قبر الخاله نوال بالعيد ونقرا الفاتحه على روحها..هاذي كانت
أمنا كلنا..والحياه لازم إنها إتظلها ماشيه ماتوقف بموت عزيز ..أمنا العفيفه نوال
هسى في مكان أحسن من المكان إلي إحنا بيه ..هي بالجنه ..في دار الحق وإحنا في الدنيا
..بدار الباطل؟
ثم يخرج من جيب قميصه خاتم ويقول موجها كلامه لفرح:
-فرح..أنا طالب إيدكي على سنة الله ورسوله..شو رايكي يافرح؟
فترد فرح :
-طبعا موافقه يايحيى يعني هو أنا بدي ألاقي أحسن منك؟
-إعطيني إيدكي يافرح؟
فتمد فرح يدها ويضع يحيى الخاتم في أصبعها.
تقول غادة وهي تحاول منع دموعها من الانهمار:
- مبروك يختي يانوال ؟
ثم تجري من أمامهم مبتعدة حتى لايرون دموعها ،لحظات ويجري يحيى وراؤها.
وعندما تراه تقف أمامه وهي تذرف دموع الخيبة وتقول له بغضب :
-طيب ..طيب ليش ماهي أنا إلي طلبت
إيدها يايحيى؟
-.............. ؟
-ليش.. بئيش بنقص عنها؟
ثم أخذت تصفعه على وجهه بغضب وهو ينظر إليها مستسلما ومنتظرا كعادته حتى
تفرغ شحنات غضبها،أخيرا يمد يده إلى جيبه ويخرج
خاتم آخر ويمسك بيدها ويضع الخاتم في أصبعها وهي تنظر إليه بدهشة وقال لها
بحب ورقة:
-أنا بطلب إيدكي ياغاده موافقه؟
ثم احتضنته بقوة كما وأنها تريد أن
تخترق صدره لتنفذ إلى قلبه.
قال يحيى وهو يضمها ويمسح شعرها
بكفه:
-أنا بحبكن إنتن الثنين ياغادة
مشان هيك جبت لكل وحده بيكن خاتم لهاي اللحظة قبل ماأصل هون .
وبالفعل كان يحيى وبأحساسه يعلم
ماهي وصية نوال ولهذا السبب احضر خاتمان ؛أحدهما لفرح والآخر لغادة .وهو يعلم
أيضا أن غادة الآن وحيدة بعد فقدها لعائلتها .. وأخيرا تفقد الأم الطاهرة نوال..أم
الجميع.
* * * * * * * * * *
عندما مشى يحيى وصحبته مغادرين الجبال تظهر ثلاثة ظلال طويلة لثلاث أشباح تمتد من فوق الصخور إلى الوادي ،
كانت تلك الظلال للغولة الرهيبة التي أطلت مع إبنتيها وهن يحملن الهراوات
المدببة..فتزفر الغولة بأرتياح.
* * * * * * * * * *
تنتهي جواهر من أداء كافة شعائر الحج بالرغم من الإرهاق الشديد وحرارة الجو
التي لاتطاق .لكنها واصلت حتى النهاية .
فقررت أخيرا الصعود إلى جبل عرفات ..فبدأت بالتسلق وسط دهشة الجميع بالرغم
من الاعياء الشديد البادي عليها ،فأستطاعت المرأة الحديدية الوصول إلى قمته ..كيف
وهي المرأة التي إعتادت على الصعود واقتحام المصاعب .
فوقفت على قمته رافعة يديها إلى السماء طالبة المغفرة بخشوع ،وماأن إنتهت
من الدعاء وذرف الدموع حتى وقعت أخيرا المرأة التي لن يصدق أحد بأنها يمكن أن تقع
..أو أن تسقط..وقعت جواهر أخيرا لتخرج روحها إلى بارئها فتنبعث من جسدها الطاهر
رائحة المسك والطيب، وتحوم الحمائم حولها مكبرة.
يحدث ذلك تزامنا مع جلوس يحيى
ليستظل تحت شجرة في حقله ويسترح قليلا ويعزف على نايه مؤلفته "جواهر "،لكن يخفق قلبه بشدة كما وأن
سهما قد أصابه ليخترق قلبه .
فيسقط الناي من بين أصابعه المرتعشة ويقول محدث نفسه:"يالله ..إيش
مالني؟".
* * * * * * * * * *
بعد كل مافعله يحيى لقريته ولبلده تتم إقالته من منصبه وتنتشر الأقاويل
الكثيرة حول سبب إقالته، منها بأنه لايصلح لذلك المنصب.
فيمضي يحيى معظم أوقاته في العمل بحقله .يمر بعض شباب المحافظة بالقرية
ويتجولون بها دون إكتراث ويتحدثون بتبجح على أسماع أهل القرية فيقول أحدهم:
-مهو إحنا حكينا من البداية إنو
يحيى مابصلح لهاظا المنصب لأنه حمار ؟
-ههههههههه والله إنك صادق مهو كل أهل قرية أم الملح حمير ..يعني وقفت على
يحيى.
-يارجل كل واحد بستلم منصب خلال مده بسيطه بملين "أي يصبح
مليونير"عمنهم بعرفو كيف يشتغلو ..بس هاظا البني آدم مابفيد ولا بستفيد؟
-والله هاظا البني آدم حطوه مشان يصير عبء على البلد؟
-يله إن شاء الله مايتكرر هاظا الإشي؟
-لا خذ مني مابتكرر ..مقلتلك يارجل إحنا الأسياد بهالبلد ؟
-أي والله.
-إمشي..إمشي خلينا إنشوف إلنا بنت من القريه مشان نتسلى بيها ؟
-والله قولتك ههههههههه.
* * * * * * * * * *
ما أن يخرج الشيخ عمير من مسجده حتى ينطلق عيار ناري من مسافة قريبة فيصيبه
في صدره مخترقا قلبه فيرديه قتيلا على باب مسجده.
في تلك اللحظة يصحو يحيى من نومه فزعا كما وأنه رأى ماحدث عن كثب ويردد
:" اللهم إجعله خيرا".
لكن الحقيقة المؤلمة هي أنه لاخير يحدث
في تلك القرى.
* * * * * * * * * *
يتزوج يحيى من فرح وغادة في يوم واحد فتعيش فرح وغادة بسعادة ويتعاهدن بأن
يكن أخوات بالله كما كانت حياتهن في الجبال .
ويتفقن بأن يسمى الولد الأول لكلاهن يحيى..على اسم ابوه.
لكن تشاء إرادة الله بأن تحمل فرح بابنها الأول أما غادة فتكون عاقرا.
* * * * * * * * * *
تصاب إبنة زبيدة الغير الشرعية بمرض خطير يهدد حياتها فتعيش زبيدة بقلق
وخوف على ابنتها الجميلة المدللة..فتخشى من فقدها بأي لحظة بسبب المرض الذي لاشفاء
منه.
وهي التي كانت تحمل أجمل ذكرى في حياتها..ألا وهو عشيقها ابن المحافظة.
من جهة ثانية تستمر أعمال المداهمات لكل تجمع للشباب في المساء بمحاولة
لأكتشاف مصدر الأقراص المخدرة .وتلك المداهمات التي كان قد فرضها يحيى عندما كان
في منصبه..وقد إستمرت حتى بعد إقالته.
لكن أحد لم يتمكن من إكتشاف مصدرها بالرغم من أنها كانت في تزايد مستمر.
فكثرت حالات الوفاة بين الشباب المدمنين بسبب الإفراط في تناولها وزيادة
الجرعات.
وبسبب عذاب الفقد تعود حوادث حرق الفتيات لأنفسهن وتكون أيضا في تزايد
مستمر.
وتنتشر ظاهرة جديدة وهي ارتداء الخمار من قبل المومسات والمنحرفات كي
لايتعرف عليهن أحد ،ويتم إرتداء الخمار أيضا من قبل أي فتاة يتخلى عنها حبيبها أو يرفض من قبل أسرتها
فيصبح الخمار تعبيرا عن الحزن والنهاية.
فكثرت حالات الحمل الغير شرعي بين الفتيات المخمرات.
* * * * * * * * * *
في قرية أم القنافذ يعثر على جثة الشيخ عثمان ميتا بين الحفر بعد
تعرضه لعدة ضربات بالحجارة على رأسه .
وقد كان القتلة قد أخفوا جثته بالطين لكن السيول كشفت جثتة عندما جرتها إلى القرية فيتم التعرف عليه
من قبل الجميع.
(يتبع...)
تيسيرالمغاصبه
٢-٨-٢٠٢٤