فكرة (دَرِّجه في المسؤوليات....)
العقيد بن دحو
تعود فكرة (درجه في المسؤوليات.....) الى سياسة تسعينيات القرن الماضي
الجزائرية ، زمن بواكير الإنفتاح السياسي الإجتماعي الإقتصادي الثقافي الجزائري
على مختلف التيارات و الرؤى الأخرى المحلية الوطنية و العالمية.
زمن تولي فيه الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد سدة حكم البلاد و العباد.
و بالضبط تعود الى حكومة
(1988-1989).
أين تدرج المرحوم السيد قاصدي مرباح في عدة مسؤوليات مدنية و أمتية و
عسكرية ييادية مهمة ، من رئيس المخابرات العسكرية (S.M) الى أمين
عام وزارة الدفاع الى نائب وزير الدفاع الى وزير لعدة قطاعات دولة الرئيس المرحوم الشاذلي بن جديد الى أن
تولى رائاسة الحكومة.
فكرة درجه بالمسؤوليات ، يوم حاول الرئيس الشاذلي بن جديد ان يعزل و التخلص
من رجل رئيس المخابرات العسكرية قاصدي مرباح فكان قد أشاروا الى الرئيس الشاذلي بن
جديد أن يتريث قليلا ، و بأن الأمر ليس بالسهولة كما يتوقع مع رجل ثعلب المخابرات
الجزائرية التي شبّ و شاب قي دواليبها و يعرف عنها و من خلالها أكثر مما يتنفس أو
يتكلم . يدرك جيدا سر سحر تلافيف دهاليز متاهاتها. بل ان اصّر الرئيس على اقالة
قاصدي مرباح المكنى به عن اسمه الحقيقي : خالف عبد الله ؛ قد تعني الإنقلاب بشكله
المباشر !.
أما الحل أقترح أحد مقربيه خلاصا و حلا دبلوماسيا لينا - لايفقد للود قضية
- يحسبه الظمآن ماء ! و يحسبه صائد الكنوز الثمينة - و الحكم كنزا- تبرا ، ظاهرة رحمة و عسل. عندما يتدرج المسؤول
في السلم الاداري التنفيذي السياسي سلمة سلمة ، درجة بدرجة حتى اذا ما وصل الى سقف
معين ، أين تكون احداثيتيه عند محور التراتيب و عند محور الفواصل فاصلة اللاعودة ،
من ثمة يبدا العد التنازلي العكسي السلمي السلس ؛ صحيح لا يشعر بهذه اللعبة
السياسة على اعتبار السياسة فن الممكن. محور ومركز ثقلها الميكيافلية : الغاية
تبرر الوسيلة ، بل الماكلوهانية: الغاية هي الوسيلة ، و أين يكون الشعار القائم :
لا عداوة دائمة و لا صداقة دائمة و انما مصالح دائمة ادرك عن كل سبب و مسبب و عن
طيب خاطر ، ووفق جميع القراءات (...) الممكنة أن السيد خالف عبد الله المكنى
بالسيد قاصدي مرباح أن مهمة رئاسة حكومة الرئيس الشاذلي بن جديد انتهت بكل ابعادها
الميكيافلية و الماكلوهانية.
و هكذا وجد السيد قاصدي مرباح خارج قواعد اللعبة رئيس حكومة سابق ، دون أن
تمكن خلايا تفكير مخه في تفكير آخر خارج علبة التفكير التي لُعِبت له ضد سباق
الساعة و العرق البارد يتصبب من جبينه. وضع الرجل عن سبق اصرار وترصد في موضع
القابلية لتخلي الفارس عن دوره بهدوء الى الكواليس حتى لا يشعر الجمهور بهذا
التسلل.
كان لا بد من انقاذ المسرحية برمتها بعد أن نسي البطل دوره و تخلى الملقن
عن تلقينه. أن يتوهم الممثل بأن ما يقوم به عين الصواب و كذا الجمهور في شكل ضمني
القابلية أو الاتفاق على فن الممكن أو الممكن الفن.
وفق هذه الفكرة الجزائرية العبقرية السياسية : "درجه في
المسؤوليات" تم تدرج العديد من المسؤولين الذي كان يشكل تغيينهم في مناصب
عليا بالدولة شر لابد منه ، و اقالتهم تتم بنفس الآلية شر لابد منه أيضا !..غير ان
هذه السياسة حين تتاثر بعدة عوامل أخرى خارج قواعد المألوف و المعهود ، على هواتها
و محترفيها و (مبدعيها) أن يقبلوها كما هي ؛ فهي ليست شرا كله و لا خيرا كله ،
ليست ملائكية و لا بشرا كله انما خرافة/ أسطورة ميراث الفنون ، نفس جماعية لافردية
، حجر فلاسفة قادرة على تحويل عناصر الكون الأربع : (الماء-النار- الهواء- التراب)
الى وظائف أخرى.
قادرة على تراسل الحواس و تداعي الافكار (الايكولاليا) و (السونستاسيا).
الترقية في المناصب قد يحسبها "المرقى" تشريفا و تكليفا و أن
ملفه سوف يحال الى خزائن الأرشيف و لن يغادر الكرسي الا وهو محمول عليه الى أفول
لا يؤوب منه مسافر.
و لكن ما حتى أن يدار (الدولاب) حتى تدور عليه الايام و تأخذه الفكرة بغثة
خارج ترانيم جوقة / كورس المعبد.
صعب أن تكون حاكما أو رجل سلطة في الجزائر -تشابه مع الفارق- نفس جوقة
الشرف التي شاركت افراح ترقياتك المتوالية المتسارعة هي نفسها الشاهد الوحيد على
سقوطك المدوي ، بإبتسامة زائفة مليئة بالكيد و الغل و الحقد و الشماتة.
صحيح العالم العربي عرف و شهد هذا النوع من الصعود نحو الأسفل
: لكن بأكثر قساوة "الصفعة
نحو الأعلى" Slap neckho
up
هي صفعة توجه لمن يتقلد مسؤولية لكنها مع رتبة الشرف ، الشرف نحو الأسفل.
الشرف (السيزيفي) ، نوع من انواع القيام بالعبث. المصيبة ان المتوج يعرف بأن العمل
الذي يقوم به (هرطقة) و عبث ، و مع ذلك هو سعيد ، خاصة عندما تظهره نشرت الظهيرة و
الثامنة مساءا أخباره المسموعة المرئية المقروءة ؛ ومنصات شبكات التواصل الاجتماعي
تتعالى الزغاريد و البيت يتحول الى مرقص شعبي يتم فيه توزيع الحلوى و القبل و
أشياء أخرى.
وما هي الا أيام معدودات و يتحول نفس هذا البيت العائلي بيت تراجيدي ، يقوم
على مبدأ تثنية الفعل الدرامي و نقيضه !.
مشكل هذه السياسة هل هي حلم أم علم ، هل هي فلسفة أم فن
، هل هي سلطة استولدتها الأستعارة أم مؤارخة للأسطورة ......!؟
وسواء كانت "درجه في المسؤو ليات" أو " صفعة الى أعلى"
تبقى فكرة ؛ بل مجموعة أفكار اجتهادات فردية او اجتهادات جماعية (عصف ذهني) وصول
الحاكم الى سدة الحكم و النزول عنه بدم بارد دون اراقة دماء !
تلك الفكرة التي تغير وجه المحيط (بريخت)؛ و تغير عنا أولئك الأوجه التي
كنا نحسبها أبد الابدين ، قضاء و قدر بالمعنى الارسطي الأغريقي القديم للكلمة.