السبونسور الثقافي
العقيد بن دحو
العقل السليم في الجسم السليم ، ليس هذا مجرد شعار تلاميذة صعار المراهقين
اليافعين ، قصد التدريب على كتابة موضوع انشائي ما.
انما بغية ايجاد معادلا ما أو توازنا
ما ، لا سيما الأخلاقي المالي المادي الإجتماعي الأقتصادي التجاري ، و بالتالي يصير ما يميز الرياضة من لعبة و
سياسة و منهاج و تنافس بطولات محلية ووطنية و عالمية. يميز أيضا الثقافة و قطاع
الثقافة عموما.
صحيح فكرة التجارة الثقافية أو الإقتصاد الثقافي و حتى الأشهار الثقافي
(السبورسورينغ الثقافي) أو (الإشهار الثقافي)
Publicité Culturelle .
يطرح البُعد التجاري
الإقتصادي في قطاع الثقافة و الفن اجمالا اشكالات و تأويلات اخلاقية ؛ اذ لا يمكن
تصور المثقف الأديب الفنان المفكر أن يبيع قطعة من روح روحه و جزء لا بتجزأ من
كيانه ، حتى قيل العملية الهرطقة شبيهة (بالتعهر) أو شبيهة بييع الجسد كما يقول
(بلوت).
غير أن على ما يبدو عميد الأدب الدكتور طه حسين يكون قد وجد معادلة مقبولة
ان تقترب الثقافة من التجارة. ففي مؤثمر البندقية سنة 1952 تدخل طه حسين بمداخلته
الشهيرة ، عنوان حول الدفاع عن الثقافة :
" أن نصير الأدب يعطي ذهبا أو فضة ينفقها رجل الأدب كلما حصل عليها ، بينما
رجل الأدب يعطي فنه و فكره اللذان لا يمكن أن يزولا تحت أي سبب من الأسباب ، و لا
يطولهما زمن و لا تقدم في السن ".
شأنهما كأولئك الذين هبطوا مصر ، و بدلوا المَنّ و السلوى بما تنبث الارض..
! ما هو عند ربك خير و أبقى .
فكيف نسوي معادلة كفتي ميزان تجاري أو اقتصادي بين رجل الأدب و بين نصير
الأدب ، بين (بائع) و ليس ككل بائع ، يبيع شيئ من عمق اعماقه و بين (مشتري) ،
يشتري أي شيئ و لا يتوانى أن يضع جميع مشترياته في قفة واحدة !؟
مادامت سائر المواد صارت قابلة
للإستهلاك البافلوفي ، المنعكس الشرطي كتلة ... مساحة...حجما....لونا....وضوءا...
وتغليفا.
صحيح سياسة الدعم و رعاية الأداب و الفنون منحت شيئ من أنسنة أو أخلقت
العملية ، گان حفظت نوعا ما على ماء وجه الفنان المثقف ، كيما لا يجلس خلف
ابداعاته انفسية الروحية على قارعة الرصيف اشترت المارة منه أو امتنعوا ، ساوموه
على اعضائه و عرضه و على شرف و تبل ودفء خرفته !.
هكذا يفهمنا السوسيولوجي في علم الادب و التاريخ من العلامة "بن
خلدون" الى "دور كايم" الى "روبيرا اسكاربيب".
غير أن جائزة أو تكريما أو وظيفة عليا تلك التي تمنحها الدولة من حين الى
آخر الى أديب أو كاتب أو فنان محظوظ لا يمكن انكار أهميتها في رفع المعنويات أو من
باب التشجيعات و الإزدهار الفني و المعرفي، و لعل جائزة كبيرة مثل جائزة نوبل
كفيلة أن تجعل المبدع في طريق (رجل الأدب) على غرار رجل الدولة و رجل المال و
الأعمال.
و منذ أن أصبح الأديب سلطة ومُنح (الماناليزمية) Manaleisme. اقتربت الثقافة من الانتاج و الإنتاجية ، و صار يسقط عليها ما
يسقط على الرياضة ، فإذا كان من جهة رياضة كرة القدم مثلا اللاعب فيها لا يكفي ان
يكون نجما لامعا لا يشق له غبار أن لم تقف امامه مؤسسة اقتصادية ذات رأس مال ناجح
و شجاع - على أساس رأس المال جبان - سيكون بالمقابل المثقف الفنان الأديب (لاعبا)
ممتازا ناجحا بالضرورة ، لعبة انسانية عميقة الجذور ؛ يقصد من خلالها اعادة
التوازن ببن الانسان و المحيط ، بين الثقافة و التجارة و الإقتصاد. سيكون هو أيضا
في حاجة الى مؤسسة اقتصادية قوية تحمي ظهره و هو يكتب ، و هو يرسم ، و هو ينحث ، و
هو يعزف ، و هو يغني ، و هو يرقص ، و هو يمثل....
و بالتالي ما الذي كان يضير صاحب مقهى أو اي مؤسسة خدماتية اجتماعية دعمت و
رعت و رفعت اسم أديب أو مثقف أو رفعت صورته على لوحة واجهة محله التجاري أن تخفض
له من قيمة الضريبة كسائر العائل الرسمي لقطاع الرياضي.
يجب اعادة النظر في تلك القوانين الداعمة و الراعية لأهل الثقافة و الأدب و
الذي يعود بعضها الى قوانين (آنا) Ana العهد التايلوري البريطاني أو الى قانون
نابليون بونابرت أوديب فرنسا 1792.
متأخرين جدا عن ركب حضارة الدعم و الرعايا.
الأدب و الفن و الثقافة العالمية العولمية ،
من ضروريات البلد ، حاجتها كحاجة
العائلة و العشيرة و القبيلة المكون الأساسي للمواطنة. شعور المواطن بالإنتماء ،
من خلال الديمقراطية التشاركية ، بل من خلال الحضارة الديمقراطية العالمية حرية و
مساواة و عدالة. حرية الفرد مع مجموعة من الافراد مساواة ، وفردانيته مع المجموعة
حريته.
دون ان ينسينا هذا ان الحرية و المساواة ، شانهما سأن اللغة و الدين ،
شانهما شأن الرياضة و الثقافة قيمتان سياسيتان لا يمكن الدولة الاستغناء عنهما.
فالأشهار الرياضي يليق ايضا بالإشهار الثقافي ، ما دامت الرياضة مبكرا
أستطاعت التخلص من عقدة اطراح الحياء ، حيث يذوب الإستغلال الفني الأدبي الفكري
الثقافي في الإستغلال التجاري الإقتصادي ،
ليتدخل الإشهار الثقافي أو السبورسورينغ Sporsouring وسيطا
اعلاميا اعلانيا بين الدائرة الثقافية الإنتلجنسيا و الفئة الشعبية.
المثقف أيضا يلعب من حيث الإبداع لعبة الله.... فمن ذا الذي يرعى و يدعم و
يخفض الضرائب.....
!؟