صفير
( صفير)
حميد حسن جعفر )
حميد حسن جعفر
قطيع الأبقار الذي أقوده كل صباح نحو المراعي بصفيري المتواصل،
في إيابه قبيل المساء الى زرائبه لم يكن بحاجة الى رعاة يفتتحون أمامه
الطرقات،
قطيع يدخل الغابة ،و يخرج منها ،كأي لصوص سكارى ،من غير فوضى،
بهدوء تام لا يثير عواطف الفلاحين
،ولا فزع المتنزهين،
هل كان على شكل فراشات ،حين تخرج مجهدة من شرانقها،فيتلقفها التيه ،الى حيث
غبار الطلع ،و أزهار النارنج،و أزاهير بتلات القرع،؟
البقر الداخل الى الغابة ،البقر الخارج من الغابة ،
من ذا يتابع دخولا على شيء من الاضطراب ،و خروجا مضاء بالانشراح،
وحدي أنا الذي لا وجود له من غير قطيع الأبقار ،
أشير الى الإناث منها ،تسمع صفيرا اطلقه ،فتتذكر اجهزة الحلب،و رائحة العجول،
و الأعلاف الجافة ،تسمع صفيرًا اخر لا يشبه ما أطلقته،سابقا ،تحسب ان الوقت ما
زال مبكرًا ،وان صوتًا مرتبكًا يشبه الصمغ يحاول إطلاق تخيلاته ،فيفشل في
اثارة
الفضول ،
لا المرعى يثير انتباههاولا القطيع يتفاعل مع الدخيل ،القطيع يعود الى
المرعى ،
من غير إشارات ،هكذا كان الاتفاق ،
صفير في اول الأمر ،لا صفير في اخر الأمر ،
المرعى كفيل بترتيب اياب الأبقار
الى زرائبها،
قد لا تكون حياة الأبقار هكذا ،
قد لا تكون حياتي ،أنا الذي أقود
قطيع الأبقار كل صباح الى المرعى هكذا،
قد لا تكون الغابة ،ولا الفلاحين ،و لا المتنزهين، و لا اللصوص السكارى
هكذا،
و لكنه تكرار الفعل ،حيث تتحول
التفاصيل الى آلة بحجم العالم،
حيث تتحول الحياة الى ساعة—روكلس —
حميد حسن جعفر /واسط،