قصيدة رقصة الدب للشاعر العربي فؤاد حداد الجزء الرابع:
بقلم بنصغير عبد اللطيف
المقال قصيدة رقصة الدب للشاعر العربي فؤاد حداد الجزء الرابع:
دائما مع الشاعر الكبير من مصر أم الدنيا فؤاد حداد ,هذا الشاعر الذي توحد بالفقراء ,وتعاطف معهم و مع بؤسهم و ألم جوعهم وقلة حيلتهم ,و معاناتهم من سيطرة الطبقة البورجوازية التي بسطت سيادتها على كل منافذ المال و لم تترك إلا الفتات للفقراء حتى أصبح الفقر يشكل عائقا أمام تطور الطبقة الشعبية التي لم تعد تطمح إلا إلى الرغيف لسد رمق الجائعين وتكتفي بالقليل فيما الأغنياء يعيشون في حال من البذخ والثراء الفاحش إنها مشكلة فؤاد حداد التي شغلته طوال حياته وقد عانى بسببها من الأسر والإعتقال غير أن ذلك لم يزده إلا صلابة في محاربة الحيف الذي تتعرض له الطبقات الفقيرة ,ولقد شغلت القضية الفلسطينية الشاعر بعمق شديد مما جعله يتبنى ما يسمى بالقومية العربية التي أسس لها الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله,مما جعل فؤاد حداد يحاول تأسيس لغة عامية فصحى تجمع بين اللغة العربية والدارجة المصرية والبحث الذي أقوم به هو محاولة لفهم هذا المشروع اللغوي الذي تبناه فؤاد حداد وأسس له كواحد من رواد الشعر العربي المعاصر وسأسترسل في محاولة شرح قصيدة رقصة الدب و الوقوف على هذه الفكرة اللغوية العربية الطموحة ,والذي لاحظته هو أن عشاق فؤاد حداد من الأخوة المصريين يلقون قصائده دون محاولة تقريب معناها للمتلقي العربي الذي يجد إشكالا لفهم بعض مصطلحات اللغة العامية المصرية الغنية بحقولها الدلالية فنجدهم يقرؤون و يستلدون بجمالية المعنى و نحن العرب لا نستطيع تفكيك البناء المصطلحي للقصيدة للظفر بالمعنى و هنا أشير إلى مصطلح (البتاع) الذي أسس به الشاعر أحمد فؤاد نجم لقصيدته التي اشتهرت و داع صيتها حيث أننا نجد هذا المصطلح يتكرر في قصيدة (البتاع)مرات عديدة ونجده يأخد معنا مختلفا في كل سياق على حدة ولقد سماه الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم بالمصطلح العبقري الذي ينم عن عبقرية اللغة العامية المصرية ,سأعود لقصيدة رقصة الدب و سأدرس الحقل الدلالي للجزء التالي:
(دا كـُله د اكله في بطن الدبّ)
هذا الدبيب أو الحركة المتواصلة التي يقوم بها الباحثون عن قوت يومهم,في بطن دب مفترس لا يترك لا أخضرا ولا يابسا فحركة الفقير ودبيبه في بطن دب كاسر يأخذ منك بمجرد أن تأخذ لكي لا يترك لك شيئا تسد به الرمق أو يكاد
(وكمـثل الـدبّ كمـثل الــدّبّ)
إنه تأكيد على تشبيه الأغنياء بالدببة
(يجُب في جُب يعّبيو في عبّ)
جبا المالَ ونحوَه :جمعه من المكلَّفين، حصّله، استوفاه,المعنى هنا هو الجباية فأنت الفقير بمجرد ما تأخذ ينتزع منك الغني وجوبا لكي لا يترك لك إلا أكلة واحدة في اليوم ,فمصطلح يجب غني بالدلالات إلا أن الشاعر قصد به في هذا السياق الإستيلاء و الهيمنة ,وترك الفتاة لأن قصد الدب الذي هو الغني أن لا يترك للفقير إلا وجبة واحدة في كل يومه, و عَبَّى الْمَتَاعَ : جَعَلَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ,وعَب الشَّيءَ: أخذه بأجمعه، ولم يَدَع منه شيئًا,إنها مصطلحات تحيل على الشره الشديد فالفقير يدب والغني يأخذ ويجمع ويستولي ولا يترك شيئا
(طلعـت أدب نـزلــــــت أدبّ
طلعت أدب…)
إنه دبيب و حركة متواصل يصفها الشاعر بتأكيد شديد فهو يدب في صعود ونزول لا يتوقف
(طلعـــت أدبّ أدبّ دبـيـــب
ونـزلت أدب سبع سراديب
انا اخوك الدبّ ماانيش الديب
ومفنجلْ عيني تقول دا أديب
والاَّ دا عاشق داب في دباديب
الحلو اللي بيغطس ويقبّ
طلعت أدب …)
هذا الجزء عبقرية لغوية شديدة الجمال فالشاعر صلاح جاهين وصف فؤاد حداد بالشلال اللغوي الذي لا يتوقف إنه متدفق تدفقا لغويا جماليا يعطي المتعة والتشويق للقارئ ,ونحن نلاحظ في قصيدة رقصة الدب كيف استطاع الشاعر أن يستشف المصطلح من معجم عربي أصيل جدا يستوجب البحث والتدقيق .
