أحمدحسن محمد
عِيدٌ بِأَيَّةِ حَالٍ..
شعر أحمد حسن محمد
..
عَدَّت عَلَى كَفَّيَّ سِتَّ أَصَابِعٍ (أمِّي..)
وَقَالَتْ:
بَعْدَهَا نَصْحُو نُصَلِّي الْعِيدَ..
..
عَدَّ اللهُ خَمْسَ أَصَابِعٍ؛ وَالْعِيدُ فَاجَأَنَا بِطَرْقِ الْبَابِ..
بَلَّ الدَّمْعُ طَعْمَ الصَّوْتِ فَوْقَ لِسَانِ أُمِّي..
وَاسْتَعَدْنَا بَسْمَةً مِنْ ذِكْرَيَاتِ فُؤَادِهَا الأُمِّيِّ
فِي
إِحْسَاسِ نَبْضَتِهِ بِدَغْدَغَةِ
السَّعَادَهْ
قَالَتْ لَنَا فِي الدَّارِ
بَعْدَ الْفَرْحَةِ الصُّغْرَى الَّتِي فَاحَتْ مِنَ الإِفْطَارِ:
"عَوَّادٌ عَلَيْكُمْ -يَا صِغَارُ- بِسُكَّرِ الْفَرَحِ
الزِّيَادَهْ"
فِي لَيْلَةِ الْعِيدِ:
الْبُيُوتُ بِقَرْيَتِي السَّمْرَاءِ تَرْقُصُ فِي عُيُونِ الْبَاحِثِينَ
عَنِ ابْتِسَامَاتٍ آرَامِلَ
مُنْذُ جَدَّ الْجَدْبُ..
وَازْدَحَمَتْ مَوَاسِمُ مِنْ هُمُومٍ لَوْ زَرَعْنَاهَا بِفَدَّانٍ
كَرِيمٍ الحَبِّ..
لاعْتَنَقَ الرَّمَادَةَ..
وَارْتَجَاكَ بِأَنْ تُعَجِّلَ -قَبْلَ مَوْعِدِهِ- حَصَادَهْ
الآنَ تُعْقَدُ هُدْنَةُ الآلامِ..
أجَّلَتِ الْبُيُوتُ شُعُورَنَا بِالضِّيقِ فِيهَا..
دَارُ جَدِّي عَجَّزَتْ
لَكِنْ تُجِيدُ سُنُودَ خَدِّيْهَا إِلَى عَامُودِ شُرْفَتِهَا
الْمُفَتَّلِ
(كَالذِّرَاعِ إذا اسْتَعَادَ خَيَالَ صِحَّتِهِ)..
وَسَانِدَةً تُدَنْدِنُ دُار جَدِّي مَا يَجُودُ بِهِ تَذَكُّرُهُ عَلَى
شَفَتَيْهِ
مَحْلِيًّا بَفَرْحَةِ أُمِّ كِلْثُومٍ بِـــــــ"لِيلْةِ
الْعِيدِ..."..كَالْعَادَهْ
وَبُيُوتُ عَمِّي رَغْمَ سِمْنَتِهَا تَمَايَلُ حَسْبَ إِيقَاعِ
الرَّوَائِحِ
وَهْيَ تُعزَفُ تَحْتَ أَغْطِيَةِ الْقُدُورِ عَلَى الْمَشَاعِلِ..
كَانَ عَمِّي مُمْسِكًا بِعَصًا يَقُودُ بِطَيْفِهَا أُورْكِسْتِرَا
نِسْوَانَهِ
فِي الْمَطْبَخِ الْمَرْدُومِ بِالسَّادَهْ
قِفْ جانبي -يَا شِعْرُ- فِي
شُرُفَاتِ أَخْيِلَتِي تَرَى
-فِي مَطْبَخِ الْعَمِّ-
اللحُومَ تَهِيمُ فِي رَقَصَاتِهَا مَحْفُوفَةً بِشَبَابِ أَمْوَاجِ
الْحِسَاءِ الْفَائِرِ الْمَغْلِيِّ فِي حَوْضِ الإِنَاءِ..
وَأَنْفُ شَارِعِنَا تدسُّ طموحنا في فتحة الشباكِ
وهي تمد من أغلى الروائحِ سلم الإيقاعِ للفقراءِ..
حتى يرقصوا من فوق سلمة الخيالِ..
وَمَا سُلامَى الرَّاقِصِينَ عَلَى السَّلالِمِ غَيْرَ عَظْمٍ سَاقِطٍ مِنْ
صَدْرِ أُمِّيٍّ!
صَار شارعنا امرأً متمّنيًا كالجهل..
لو
عَلّمتَهُ رسم اسْمهُ لجرى
ليَكْتُبهُ عَلَى أَضْرَاسِ "شِيكْ"..
قِفْ جَانِبِي فِي شُرْفَتَيْ أُذُنَيَّ
إِنِّي سَامِعٌ عَيْنَ ابْنِ عَمِّي وَهْيَ عَاجِزَةٌ عَنِ التَّعْبِيرِ
لِلثَّوْبِ الْجَدِيدِ
بمُنْتَهَى صَمْتٍ تُقَلِّبُهُ يَدُ الإِعْجَابِ بِالنَّظَرَاتِ..
وَالنَّظَرَاتُ مَائِلَةٌ إِلَى بَرْقِ انْتِظَارٍ بَاتَ مُشْتَاقًا إِلَى
صُبْحٍ وَشِيكْ
لا تُلْقِ بَالَكَ نَحْوَ هَذِي الدَّارِ..
هَذِي دَارُنَا...
رَقَصُوا فَوَدَّتْ أَنْ تُسَايِرَ دُورَ جِيرَتِنَا وَتَرْقُصَ..
كَانَ حِمْلُ الْهَمِّ أَثْقَلَ مِنْ عَزِيمَةِ مَيْلِهَا الْفَرْحَانِ..
لَكِنْ كُلُّنَا ظَلْنَا نُرَاوِدُ سَقْفَهَا السَّهْرَانَ عَنْ
أَحْمَالِهِ...
وَنحَدِّثُ الْجُدْرَانَ
(وَهْيَ مَلِيئَةٌ بِثُقُوبِ آذَانٍ تُسَمِّعُنَا حَدِيثَكَ مِنْ وَرَاءِ
جِدَارِنَا الْوَاشِي بِأُسْرَتِنَا)
إلى أن قَالَتِ الْجُدْرَانُ مِنْ شَفَةٍ مُشَقَّقَةٍ عَلَى وَجْهِ
الْحَيَاءِ:
"الْعِيدُ فَرْحَهْ .."
******
فِي لَيْلَةِ الْعِيدِ: الْبُيُوتُ بِلا مَلامِحَ..
فَالْمَسَاءُ يُفَرِّحُ الْبَيْتَ الْفَقِيرَ بِنَفْسِ مَا يَكْسُو بِهِ
بَيْتًا غَنِيًّا..
لا يَرَى الْمِصْبَاحُ تَحْتَ عَمُودِهِ الْمَشْبُوكِ فِيهِ سِوَى
رُسُومٍ فِي الظَّلام تَشَابَهَتْ!
لَيْسَ الْبُيُوتُ لِوَحْدِهَا..
بَلْ وَالصِّغَارُ فَلا يَرَى الْمِصْبَاحُ -مِنْ فَوْقِ الْعَمْودِ-
قَمِيصَ مُحْسِنٍ الْمُرَقَّعَ مِنْ قَمِيصِ (سَلامَةَ) الْمَنْسُولِ..
مِنْ نَسْجِ الْحَرِيرِ عَلَى (السَّعِيدِ) وَإِنْ أَصَرَّتْ لَمْعَةٌ
فِيهِ..
فَنَادَتْ أَعْيُنَ الأَصْحَابِ مُشْبَعَةً بِنَبْرَتِهَا السَّمِينَةِ..
تَنْقُرُ الْعَيْنَ الْفَقِيرَةَ
–دُونَ قَصْدٍ مِنْ (سَعِيدٍ)-
نَقْرَة فِي صَمْتِهَا اللمَّاعِ بُحَّهْ
وَنَسِيلُ لَحْنَ طُفُولَةٍ حُمْرَ التَّشَوُّقِ فِي شَرَايِينِ
الشَّوَارِعِ..
وَالْخُطَى نَبْضٌ..
تُفَتِّحُ عَيْنُهَا الطُّرُقَاتُ مُبْصِرَةً بَأَضْوَاءِ الْفَوَانِيسِ
الَّتِي
كُنَّا نُقِيمُ لَهَا احْتِفَالاتِ
الْوَدَاعِ.. وَرُبَّما كُنَّا نُحَاوِلُ كَسْرَهَا الْعَفَوِيَّ..
حَتَّى لا يُفَكِّرُ أَهْلُنَا فِي أَنْ يُبَقُّوهَا إِلَى رَمَضَانَ فِي
الْعَامِ الْجَدِيدِ..
وَيَشْتَرُوا أُخْرَى لَنَا دُونَ التَّمَرُّغِ فِي تُرَابِ بُكَائِنَا
مِنْ أَجْلِ فَانُوسٍ شَبَابٍ..لا عَجُوزٍ لَيْسَ فِيهِ أَيُّ صِحَّهْ
وَبُيُوتُنَا وَقَفَتْ عَلَى قَدَمِ انْتِظَارِ صِغَارِهَا..
عُدْنَا وَنِصْفُ الليْلِ يُخْفِي فِي الثَّيَابِ جَرِيمَةً عَذْرَاءَ
مِنْ لُعَبِ التُّرَابِ..
فَيَا لَنَا فِي مِهْرَجَانِ الليْلِ مُنْفَرِطِينَ حَبَّاتٍ صِغَارًا قَدْ
أَضَأْنَ..
وَيَا لَهَا مِنْ عَادَةٍ ضَوْئِيَّةٍ فِي الليْلِ
إِنْ فُرِطَتْ عَلَى وَجْهِ الدُّجَى حَبَّاتُ سُبْحَهْ
لِلنَّوْمِ سُلْطَانٌ.. وَلَكِنْ لَمْ يُبَقِّ الْعِيدُ سُلْطَانًا
لِنَوْمٍ.
مُنْذُ شَهْرٍ وَالْقُرَى مَشْغُولَةٌ –أَصْلاً- عَنِ الْإِغْمَاضِ..
كَانَ يَؤُمُّهَا السَّهَرُ الْمُصَلِّي..
عَدَّ لِي أَخَوَايَ آخِرَ أُصْبُعَيْنِ تَبَقَّيَا
فِي كَفِّ سَاعَةِ حَائِطٍ لَمْ يَشْكُ مِنْ طُولِ الْوُقُوفِ..
وَظَلَّ مُنْتَظِرًا مَعِي صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ بَعْدَ آخِرِ أُصْبُعَيْنِ
يَشُقُّ مَاءَ الصَّمْتِ فِي أُذُنِ الظَّلامْ
وَبُخَارُ الاسْتِحْمَامِ يَمْلأُ آنُفَ الدُّورِ الرَّوَاقِصِ..
بَلَّتِ الآيَاتُ -قَبْلَ الْفَجْرِ- رِيقَ الصَّمْتِ فِي شَفَةِ
الْمَآذِنِ..
وَالدُّيُوكِ تَمُدُّ أَيْدِيَ صَوْتِهَا تُلْقِي بِهَا التَّرْحِيبَ فِي
أَيْدِي الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّوَارِعِ..
جَرَّدُوا الأَقْلامَ حَتَّى يَكْتُبُوا أَسْمَاءَ مَنْ مَرُّوا بِشَوْقٍ
لِلْمُصَلَّى فِي الْعَرَاءِ..
قَطَفْتُ آخِرَ تَمْرَتَيْنِ تَبَقَّتَا بِيَمِينِ أُمِّي..
وَهْيَ تُوصِي إِخْوَتِي كَالنَّخْلَةِ الْحَمْرَاءِ حِينَ تَطُولُ
عَنْ أَيْدِي صِغَارِ الْعُشْبِ
مُلْقِيَةً عَلَيْهِ مِنَ الْوَصَايَا كُلَّ يَوْمٍ أَحْمَرَ الْبَلَحَاتِ
وَالرُّطَبَ الَّذِي
يَسْوَدُّ عِنْدَ الشَّيْبِ فِي رَأْسِ النَّخِيلِ..
وَكُلَّمَا شَابَتْ عُيُونُ الأُمِّ لَمْ تَبْخَلْ عَلَى أَوْقَاتِهَا
بِقُطُوفِ دَمْعٍ
حَبُّهَا نَبْضٌ قَدِيمٌ؛ قَدْ تَدَلَّي وَهْوَ مَعْصُورٌ..
وَأَثْمَرَ طُولُهَا مِنْ حَوْلِنَا رُطَبَ الْوَصَايَا..
فَوْقَ كِتْفَيْهَا ارْتَمَى سَعَفُ الضَّفَائِرِ تَحْتَهُ بُومٌ مِنَ
الأَفْكَارِ
يَصْطَادُ الْعَصَافِيرَ الصَّغِيرَةَ
شَارِبًا فِي كُوبِ لَيْلَتِهِ عَصِيرًا مِنْ حَمَامْ
نَامَتْ أَصَابِعُ أُمِّنَا مَا بَيْنَ أَزْرَارِ الْقَمِيصِ..
وَلَيْسَ تُوقِظُهَا أَغَانِيَّ الَّتِي ضَاعَتْ حُرُوفُ الرَّاءِ
مِنْهَا..
وَالصَّفِيرُ احْتَارَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ السِّينِ فِي نُطْقِي
وَبَيْنَ الشِّينِ..
...........
نَائِمَةُ الأَصَابِعِ لَمْ تَكُنْ أَصْلاً تَنَامْ
ناديتُها فَصَحَتْ أَصَابِعُهَا..
وَأَلْقَتْ قُبْلَةَ اللمَسَاتِ فِي كَتِفَيَّ..
وَاسْتَلْقَتْ عَلَى الْجَنْبَيْنِ فِي الْجَفْنَيْنِ أَطْفَالُ الْغَمَامْ
لأَخِي الْكَبِيرِ صِحَابُهُ ضَمُّوا شِفَاهَ الرَّفْضِ
حِينَ رَأَوْا وَصِيَّة أُمِّنَا مَرْبُوطَةً فِيهَا يَمِينُ أَخِي
بِيُسْرَايَ الصَّغِيرَةِ
رَبْطَةً أُسَرِيَّةً
لَوْ أَنَّهَا قُرِئَتْ بِعَيْنَيْ شَاعِرٍ
لَرَأَى يَمِينَ الْحَاءِ تَسْحَبُ -رَغْمَ أَنْفِ الأَبْجَدِيَّةِ- حَرْفَ
بَاءْ
وَعَقَدْتُ أَطْرَافَ الْحَوَاجِبِ مَاسِكًا عَيْنَيَّ بَعْدَ تَكَدُّسِ
النَّظَرَاتِ
وَالشَّكْوَى بِصُرَّةِ
مُقْلَتَيَّ..
وإنْ هوى من صُرَّتَيْ جَفْنَيَّ
فوق وجوههمْ نَظَرَاتُ جِرْوٍ مَلَّ مِنْ طَوْقِ الْمَسِيرِ وَرَاءَ
صَاحِبِهِ الجريء على مُعَامَلَةَ الْجِرَاءْ
وَتَعَاوَنُوا ضِدِّي مَعِي..
وَحَلَفْتُ أَنِّي لَنْ أَقُولَ لأُمِّنَا أَنَّا افْتَرْقْنَا..
وَاتَّفَقْنَا.. فَافْتَرَقْنَا..
شَرَّبُوا أَقْدَامَهَمْ جِهَةً..
وَسَالَتْ خُطْوَتَايَ عَلَى فَمِ الطُّرُقَاتِ أسرعَ مِنْ فَمِ
الْعَطْشَانِ
حِينَ يَذُوقُ -مِنْ نَهْرِ التَّخَيُّلِ- طَيْفَ مَاءْ
جِهَتِي الْمُصَلَّى فِي الْعَرَاءْ
وفتًى ضحوك الروح.. فِي رُكْنِ الْمُصَلَّى حَوْلَهُ الأَطْفَالُ أَوْرَاقٌ
مُلَوَّنَةٌ بِرُوحِ الْوَرْدِ.. وَهْوَ الْقَلْبُ...
قَلْبُ الْوَرْدَةِ الْمَشْغُولُ بالتعطيرِ..
مُلْقِيًا الْهَدَايَا بَيْنَ أَسْرَابِ الصِّغَارِ..
وَنَلْقُطُ الْقَمْحَ الَّذِي يُلْقَى بِمِنْقَارٍ يَمِينٍ أَوِ شمَالْ
هِيَ رَقْصَةُ الْعِيدِ الَّتِي لا عِيدَ إِلا حِينَ نَرْقُصُهَا
وَمُوسِيقَى صَدَى التَّقْوَى الَّذِي يَرْتَدُّ فِي الإِحْسَاسِ
مَعْزُوفًا
عَلَى أَوْتَارِ حَنْجَرَةٍ يُضَفَّرُ حَبْلُهَا الصَّوْتِيُّ
بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالْحَمْدِ الْمُضِيءِ عَلَى لِسَانِ الشَّيْخِ..
وَهْوَ يَؤُمُّ كُورَالَ الرِّجَالْ
.....
(وبأي حالْ)
هِيَ قِصَّةٌ مَكْرُورَةٌ؛ أَبْطَالُهَا مُتَغَيِّرُونَ..
فَأُمُّنَا لَبِسَتْ فَسَاتِينَ الْجَمِيلَةِ.. وَاكْتَسَى الأَبُ
بِالتَّوَحُّشِ فَهْوَ غُولْ
فِي الليْلِ : أَوْلادُ الْجَمِيلَةِ سَلَّمُوا دِفْءَ الأَسِرَّةِ كُلَّهُ
للهِ..
وَاسْتَلْقَوْا عَلَى فُرُشِ الْبُرُودَةِ مُنْفِقِينَ الْجُهْدَ فِي
أَيْدِي الْمُصَلَّى
قَبْلَ أَنْ يَضْحَى مُصَلَّى..
قُلْ: أَتَعْرِفُ كَمْ مَلاكًا كَانَ حَوْلَهُمُو يَجُولْ
يُعْطِيهُمُ عِيدِيَّةَ الْحَسَنَاتِ..
أَعْطَوْا لِلْمَكانِ –بِبَسْمَةٍ- عِيدِيَّةَ اسْتِعْدَادِه..
وَقَمِيصَهُ السَّجَّادَ كَيْ يَسْتَقْبِلَ الْعُبَّادَ إِنْ حَانَتْ
صَلاةُ الْعِيدِ..
قَدْ جَعَلُوهُ يُمْسِكُ لافِتَاتٍ هَنَّأتْ نَاسًا..
وَأُخْرَى قَلَّبَتْ -مِنْ صُورَةِ الْقُدْسِ- الْمَوَاجِعَ..
حِينَ كَانَتْ غَيْرُهَا تُحْيِي كَلامَ اللهِ فِي قَلْبِ الْعُيُونِ..
وَلا يَكُفُّ عَنِ الْهَدِيلِ حَمَامُ مَا نَقَشُوهُ مِنْ هَدْيِ
الرَّسُولْ
......
....
ما زال
فِي رُكْنِ الْمُصَلَّى
حَوْلَهُ الأَطْفَالُ أَوْرَاقٌ مُلَوَّنَةٌ بِرُوحِ الْوَرْدِ..
وَهْوَ الْقَلْبُ... قَلْبُ الْوَرْدَةِ الْبَيْضَاءِ كَالإِيمَانِ
وَاقِفَةً تُعَطِّرُ بِالْهَدَايَا رُوحَ طِفْلٍ..
وَالشَّبَابُ الْحُلْوُ يَعْصِرُ قَلْبَهُ عَصْرًا حَمِيمًا
كَيْ يُسِيلَ عَلَى مِلامِحِهِ ابْتِسَامَاتٍ بِطَعْمِ النِّيلِ..
يَسْقِي النَّاسَ –مِنْهَا، فِي صَلاةِ الْعِيدِ- نِيلَهْ
.....
.....
دَعْنِي أَعُدْ لِلْعِيدِ أَبْحُثُ عَنْ ذِرَاعِ أَخِي..
وَأَلْثمَ كَفَّهُ شُكْرًا لِرَبِّي.. لَنْ أُفَارِقَه..
وَحَتْمًا لَنْ يُوَافِقَ صَحْبَهُ إِنْ حَاوَلُوا تَمْزِيقَ رَبْطَةِ
أُمِّنَا بِمَقَصِّ حِيلَهْ
أُمِّي الَّتِي لَنْ تَعْرِفُوا مَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذِرَاعِهَا
وَالشُّغْلِ..
وَانْتَهَزَتْ صَبَاحَ الْعِيدِ
حَتَّى تَسْتَدرَّ قُرُوشَ عَطْفٍ مِنْ صُدُورِ الشُّغْلِ
فِي مَكِنَاتِهَا الْمُنْهَدَّةِ الظَّهْرِ الذي نَحَلَتْهُ مَا حَمَلَتْهُ
مِنْ تَعَبِ الْحِيَاكَهْ
دَعْنِي أَعُدْ طِفْلاً بِجَيْبِ قَمِيصِهِ قِرْشانِ فِي قِرْشينِ في قرشين
لَيْسَ يَعَدُّهَا إِلا بِعَدَّادِ الأَصَابِعِ..
مِثْلَمَا عَدَّتْ لَهُ أمِّي قُرُوشَ سِنِينِيَ السَّتَّ الَّتِي
فِي جَيْبِ جِسْمِي..
قَبْلَما أَرْجُو -بِلا وَعْيٍ- هَلاكَهْ
قُلْ: كَانَ -يَا مَا كَانَ- أطفال تحبُّ الله صُبْحَ الْعِيدِ..
سَالُوا مِثْلَ أَسْرَابِ الْجَرَادِ إِلَى مَصَبٍّ دَافِئِ السَّجَّادِ..
صَلَّوْا..
مَازِجِينَ اللعْبَ بِالرَّكَعَاتِ بِالسَّجَدَاتِ بِالصِّدْقِ الَّذِي
تَرْعَاهُ
فِي عَرَقِ الصِّغَارِ السَّابِحِينَ بِلِعْبِهِمْ...
وَتَشُمُّهُ إِنْ كُنْتَ تَمْشِي جَنْبَ شَاعِرْ
فِي الْعِيدِ تَجْتَذِبُ الأَيَادِي بَعْضَهَا فِي حِلْفِ صَفْحٍ..
والخدودُ تُحَكُّ فِي التَّسْلِيمِ
حَتَّى يَسْقُطَ الْغَضَبُ الَّذِي احْمَرَّتْ خُصُومَتُهُ عَلَى
الْخَدَّيْنِ قَبْلَ الْعِيدِ في ودٍّ مُجَاهِرْ
وَأرى الدُّمُوعَ تَبُلُّ خَدَّكَ مِنْ صَفَاءِ الرُّوحِ..
تَارِكَةً لِحُمْرَةِ فَرْحَةٍ بَيْضَاءَ فُرْصَتَهَا لِتَخْضِيرِ الْمَشَاعِرْ
حَتَّى خُدُودُ جَرَادَةِ الْعِيدِ الصَّغِيرَةِ..
بَعْدَ تَسْلِيمِ الإِمَامِ مِنَ الصَّلاةِ تَظَلُّ تَبْحَثُ عَنْ:
فَمِ الْخَالِ السَّخِيِّ..
وَقُبْلَةِ الْعَمِّ الكَبِيرِ..
وَقَرْصَةِ الْجَدِّ الْغَنِيِّ بِثَرْوَةِ الرَّحَمَاتِ وَالْبَرَكَاتِ..
تَبْحَثُ عَنْ فَمٍ أَضْحَى يُجِيدُ كِتَابَةَ التَّقْبِيلِ مَوْزُونًا
بِشَخْشَخَةِ الْيَدِ الْخَضْرَاءِ فِي جَيْبٍ نَرَاهُ مَغَارَةً صُغْرَى..
وَنَرْجُو اللهَ يَجْعُلُنَا "عَلَي بَابَا"..
وَتَلْمَعُ مِنْ وَرَاءِ جِدَارِهَا عِيدِيَّةٌ تُغْنِيكَ عَنْ (شِيبْسِي)
اللئِيمِ...
وَتَفْتَحُ الْبَابَ الْكَبِيرَ لِحَفْلَةِ اللُعَبِ الَّتِي مَا زِلْتَ
تَسْمَعُ صَمْتَهَا
فِي رُكْنِ دُكَّانٍ..
وَلَمْ يَنْقُصْكَ مِنْ أَجْلِ الدُّخُولِ سِوَى جُنَيْهَاتِ التَّذَاكِرْ
الْعِيدُ مَمْلَكَةٌ مِنَ الأَفْرَاحِ..
وَحْدَكَ أَنْتَ سُلْطَانٌ لَبِسَتَ الْحُلَّةَ الْمَلَكِيَّةَ..
الْقِرْشُ الَّذِي فِي جَيْبِكَ الصُّوفِيِّ كَانَ مِنَ الأَسَاسِ رَغِيفَ
عَيْشٍ
قَدْ حَشَوْهُ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَاللحُومِ فَصَارَ فِضِّيًّا..
وَأَنْتَ الآنَ دُونَ ضُغُوطِ أُمٍّكَ أَوْ أَخٍ ضِمْنَ الْحُكُومَةِ
سَوْفَ تُنْفِقُهُ عَلَى حُرِّيَّةِ السُّلْطَانِ يَا سُلْطَانَ نَفْسِكْ
حَاسِبْ عَلَى الثَّوْبِ الَّذِي يَحْتَاجُ (كِمْيَائِيَّ) أَلْعَابٍ..
يُعَادِلُ فِي الصُّعُوبَةِ بَيْنَ جَرْيِ الْمُهْرِ بِالطُّرُقَاتِ فِي
مَوْجِ التُّرَابِ..
بِدُونِ أَنْ يَبْتَلَّ مِنْ أَلْوَانِهِ السَّودَاءِ..
أُمُّكَ فِي انْتِظَارِكَ
بَعْدَ إِعْلانِ انْتِحَارِكَ مِنْ أَعَالِي اللِعْبِ فِي الطُّرُقَاتِ..
فِي يَدِهَا عَصًا شَقَّتْ بِهَا بَحْرًا مِنَ الصَّبْرِ الْعِمِيقِ
لَنَا..
تَهُشُّ بِهَا عَلَى أَطْفَالِهَا..
وَلَهَا مَآرِبُ أُخْرَيَاتٌ فِي الإِشَارَةِ بِالْعَصَا دَوْمًا إِلَى
سُبُّورَةِ الدُّنْيَا..
لِتَحْفَظَ
-يَا صَغِيرُ-
خُلاصَةَ (الطُّبْشُورِ) فِي دَرْسٍ يُضِيءُ لَكَ الْحَيَاةَ بِلَيْلِ
يَأْسِكْ
الأُمُّ شَاهِرَةٌ عَصَاهَا..
كَيْ تُقِيِّمَ مَا تُحَقِّقُهُ مُعَادَلَةُ اسْوِدَادِ الثَّوْبِ..
إِنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْمُهْرَ زَائِدَ كَأْسِ لِعْبٍ
(فِي طَرِيقٍ مُغْرَمٍ بِتُرَابِهِ الْقَرَوِيِّ فِي ثِقَةٍ يُسَاوِي)
ثَوْبَكَ الْخَجْلانَ مِنْ
نَظَرَاتِ أُمِّكَّ...
فَاسْتَعِدَّ لِكَسْرِ رَأْسِكْ
مَا زَالَ عِنْدَكَ فُرْصَةٌ حَتَّى الْمَسَاءِ لِكَيْ تَصِيدَ حَمَامَةَ
الأَعْذَارِ..
وَهْيَ تَطِيرُ فَوْقَ حُقُولِ فِكْرِكَ..
جَنْبَ أَسْرَابٍ مِنَ الأَفْكَارِ هَائِمَةٍ بِمَوْسِمِ لِعْبِهَا
الْبَرِّيِّ..
فِي جَوِّ تُثَرْثِرُ فِيهِ حَنْجَرَةُ النَّسِيمِ..
وَكَفُّهُ فِي طِيبَةٍ
رَاحَتْ تُرَطِّبُ جِلْدَكَ الْمَبْلُولَ منْ عَرَقٍ يُمَلِّحُهُ التَّعَبْ
مَا زَالَ عِنْدَكَ فُرْصَةٌ.. وَالليْلُ يَرْبطُ أَعْيُنَ الطَّيْرِ
الوَسِيمَةَ بِالسَّوَادِ..
فَلَنْ تَرَاكَ حَمَامَةُ الأَعْذَارِ إِنْ أَمْسَكْتَهَا فِي الليْلِ..
أمُّكَ لَنْ تَنَامَ سِوَى إِذَا رَأَتِ الْحَمَامَةَ..
عِنْدَهَا تَغْدُو عَصَاهَا غُصْنَ زَيْتُونٍ وَيَلْقَى ثَوْبُكَ الْعَاصِي
رِضَاهَا
عَنْ قَمِيصٍ لا يَكُفُّ عَنِ اعْتِرَافِ نَسِيجِهِ بِسَوَادِ تُهْمَتِهِ
الَّتِي سَالَتْ تُرَابًا مُشْبَعًا عَرَقًا...
أَيُنْكِرُ خَيْطُهُ هَذَا الدَّمَ الْمَفْصُودَ مِنْ عِرْقِ اللَعِبْ
حَتَّى وَإِنْ غَفَرَتْ تُرَابَ الثَّوْبِ أُمُّكَ فِي مَسَاءِ الْعِيدِ..
(فَالْغَسَّالَةُ) الْعَصَبِيَّةُ الْغَضْبَى عَلَى طُولِ الْغَسِيلِ..
إِذَا فَكَكْتَ رُمُوزَ صَرْخَتِهَا الْقَدِيمَةَ لَنْ تَرَى مَعْنًى لَهَا
إِلا الدُّعَاءَ عَلَيْكَ (فِي لُغَةِ الْعَرَبْ)
****
عَدَّى النَّهَارْ
حِينَ اطْمَأَنَّتْ شَمْسُهُ أَنَّ الْبَيَاضَ الْغَضَّ بَاقٍ فِي مَسَاءِ
الْعِيدِ..
مِنْ ضَوْءِ الْمَصَابِيحِ الَّتِي سَتَظَلُّ تَلْعَبُ فِي الشَّوَارِعِ..
شَكْلَ أَطْفَالٍ صِغَارْ
- مَنْ يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ فَوْقَ الْخَطِّ..
- أَنْتَ تَشُوفُ مِنْ بَيْنِ الأَصَابِعِ..
- غَمِّ عَيْنَكَ..
- كَهْرَبَا..
- اثْبتْ..
- مَنْ سَيَلْعَبُ "قِطَّتِي الْعَمْيَا.."
- اسْتَعِدَّ لِجَوْلَةٍ أُخْرَى مِنَ الْجَرْيِ الَّذِي سَأَفُوزُ فِيهِ
عَلَيْكَ..
- قَدْ لَعِبَا "الْعَرُوسَةَ وَالْعَرِيسَ"..
- اسْكُتْ!
فَأَيُّ عَرُوسَةٍ
حَمْقَاءُ تَلْبسُ فِي الزّفَافِ الْبَنْطَلُونَ "الـﭽـِنْزَ"؟
- ها.. ها !!
- وَالْعَرِيسُ أَيَرْتَدِي فِي الْعُرْسِ "بَدْلَةَ ضَابِطٍ.."
- مَمْلُوءَةً بُقَعًا مِنَ الْحَلْوَى..
- وَفِي كَفَّيْهِ بُصُّوا يَا عِيَالُ!! بِكَفِّهِ مَصَّاصَةٌ حَمْرَاءُ..
- دَعْكَ مِنَ الْعَرُوسَةِ وَالْعَرِيسِ..
وَقُلْ بِرَبِّكَ:
كَيْفَ تَرْجِعُ دَارَكُمْ وَقَمِيصُكَ الْمَدْهُونُ طِينًا شَابَ مِنْ
أَثَرِ الدَّرِيسِ
- أَنَا..؟!
سَأَرْجِعُ بَاكِيًا لِلدَّارِ..
خَالِعًا الْحِذَاءَ،
وَمُخْرِجًا طَرَفَ الْقَمِيصِ مِنَ الإِزَارِ..
مُنَادِيًا: أُمِّي،
الْحَقِينِي.. فَابْنُ "خَضْرَةَ" دَقَّ جِسْمِي بِالْعَصَا الْكُبْرى
وَأْوَقَعَنِي على الأوحال في
جرنِ "الغريبةِ"..
فَالْحَقِــيــــ
- مَلْعُوبَةٌ يَابْنَ الَّذِينَ ..
- اسْكُتْ وَإِلا سَوْفَ يَسْمَعُنَا سَلامَةُ..
- يَا نَدَامَةُ!!
- أَنْتَ تَنْطِقُهَا كَخَالَتِكَ الْعَجُوزِ!
أَلَمْ تَزَلْ تَمْشِي وَرَاءَ الْجِنِّ تَبْحَثُ عَنْ عَرِيسٍ فِي دُخَانِ
"الزَّارِ"!!
- هَا...
- هَا..
- اثْبتْ كَرِيمُ، اثْبتْ مُحَمَّدُ!!
- هَلْ رَأَيْتَ!! فَأَنْتَ قَدْ أَسْمَعْتَهُ بِلِسَانِكَ الشَّاكُوشِ
وَهْوَ يَدُقُّ فِي فَمِكَ
الْخَشَبْ
وَتَفُوحُ
-مَا بَيْنَ الصِّحَابِ الْخُضْرِ-
أَلْفَاظٌ تُرَبَّتْ فِي الشَّوَارِعِ دُونَ أَبْ
وَالْعِيدُ يَمْشِي أَوْلُ الأَيَّامِ مِنْهُ
دَاهِنًا قَسَمَاتِهِ مِنْ صَوْتِنَا زُبْدَ الشِّجَارِ..
وَكَفُّ شَمْسِ غَدٍ تُذِيبُ شَتَائِمَ الأَمْسِ الْمُخَاصِمِ...
نَلْتَقِي فِي الصُّبْحِ لَيْسَ
-عَلَى لِسَانِ فَتًى وَلا شَفَتَيْ فَتَاةٍ-
أَيُّ آثَارٍ لِسَبْ
ونعودُ نَجْرِي فِي شَرَايِينِ الشَّوَارِعِ..
سَاحِبِينَ وَرَاءَنَا سُحُبَ الْحَيَاةِ بِكُلِّ مَا فِي الرُّوحِ مِنْ
مَطَرٍ مُحِبْ
*** ***
***
**
"لا تَنْظُرُوا لِي هَكَذَا...."..
فَأَنَا رَسُولٌ مِنْ بَقَايَاكُمْ إِلَيْكُمْ..
لا يُجِيدُ الكِذْبَ فِي حَرَمِ الْوَرَقْ
أَجْرِي مِنَ الْكَلِمَاتِ يُغْنِينِي..
وَأَجُرُؤُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ عَلَى مَوَارِيثِ السَّعَادَةِ فِي
طُفُولَتِكُمْ..
وَآخُذُ مَا أَسدُّ بِهِ الرَّمَقْ
أَوَ ضَرَّكُمْ أَنِّي اسْتَعَرْتُ النَّكْهَةَ الْبَيْضَاءِ
مِنْ ضَحِكَاتِكُمْ..
وَرَسَمْتُهَا فِي وَجْهِ حَرْفِي..
رَغْمَ مَا أُخْفِيهِ تَحْتَ مَلامِحِ الْكَلِمَاتِ
مِنْ جِلْدٍ قَلِقْ
لا رَيْبَ أَنِّي لَمْ أَخُنْكُمْ فِي حِكَايَةِ عِيدِكُمْ..
أَوْ فِي حَلاوَةِ طَعْمِهِ..
أَنَا ذُقْتُهُ بِشِفَاهِكُمْ..
وَكَتَبْتُ فَرْحَتَكُمْ بِمَعْنَاهَا الصَّحِيحْ
مَاذَا يَهُمُّ قَصِيدَتِي إِنْ تُخْبِرُوهَا أَنَّنِي مَا كُنْتُ بَيْنَ
صِغَارِكُمْ
فِي الشَّارِعِ الْمَجْنُونِ بالأَلْوَانِ يَوْمَ الْعِيدِ..
كُلُّ قَصَائِدِي قَالَتْ لَهَا مِنْ قَبْلِكُمْ..
وَإِذَا نَظَرْتُمْ تَحْتَ أَحْذِيَةِ الصِّغَارِ
(وَقد مشوا من فوق سطري، حِينَ عَادُوا فِي مَسَاءِ الْعِيدِ)..
سَوْفَ تَرَوْنَ بَعْضًا مِنْ دَمِي الْمَسْفُوحِ..
كُنْتُمْ لا تَرَوْنَ سِوْى دُمُوعِ الْفَرْحِ فِي جَفْنِ الْقَصِيدَةِ
وَهْيَ تَرْقُصُ رَقْصَةَ الدِّيكِ الذَّبِيحْ
سَأُرِيحُكُمْ: أَنَا لَمْ أَكُنْ فِي الْعِيدِ بَيْنَ صِغَارِكُمْ..
أَنَا كُنْتُ فِي صَحَرَاءِ نَفْسِي عَارِيًا..
ثَوْبِي قَدِيمٌ لَيْسَ يَسْتُرُ جِسْمَ طِفْلٍ يَوْمَ عِيدٍ جَاءَ..
يَا كَمْ جَاءَ ذَكَّرَنِي بِفَقْرٍ لا يَرُوحْ
أَقْنَعْتُ عَجْزِي بِالتَّمَتُّعِ
قَاطِفًا تُفَّاحَةَ النَّظَرَاتِ فِي شَجَرِ اخْتِلاسٍ مُحْرَجٍ مِنْ
خَلْفِ شُبَّاكٍ جَرِيحْ
إِنْ كَانَ جَرْحِي بِالْحُرُوفِ يُرِيحُكُمْ..
فَلأَجْلِكُمْ سَأَشُقُّ جِلْدِي أَلْفَ شِعْرٍ عَامِدًا
مُتَعَوِّدًا طَعَنَاتِ أَقْلامِي بِقَلْبِي..
وَاسْمَحُوا لِي -فِي الأَخِيرِ- بِكِذْبَةٍ بَيْضَاءَ...
حَتَّى يَطْمَئِنَّ النَّاسُ إِنْ
قَرَأُوا نَزِيفِي..
حِينَ أَكْتُبُ آخِرَ السَّطْرِ الَّذِي احْمَرَّتْ خُطَايَ عَلَيْهِ:
"إِنِّي مُسْتَرِيحْ!!"
..
البرد ينسج معطفا, ٢٠١١