جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

المثقف عقوبة لأشباه المثقفين

 

المثقف عقوبة لأشباه المثقفين

العقيد بن دحو

العقيد بن دحو

تقول (ليلى عتراتي) في كتابها "المدينة الفارغة" : "وحدتي ناتج عن فراغ الآخرين ، فراغهم من أي شيء يجعلني أتعلق بهم أكثر من مدة ".

عداء المثقف تقليديا ، بل تاربخيا. ذاك ان الدولة الشمولية الدكتاتورية تُكن عداءا تقليديا ، يعود الى ما قبل الحرب العالمية الثانية. و انموذجا الى زعيم الرايخ وزير الدعاية و الحرب النازية الهتليرية ؛ الذي اعلنها جهارا نهارا في مقولته الشهيرة : " كلما ذُكِرَ لي مثقف أتحسس مسدسي" !.

لكن غير المفهوم هو عداء المثقف لأخيه المثقف ، أو عداء الشخص العادي للمثقف الحقيقي في عصر التنوير هذا العالمي المعولم. عالم تكافؤ فرص الفضاء الازرق.

"المثقف عقوبة لأشباه المثقفين". المقولة هذه تعود الى المفكر الألمعي المهندس الجزائري ، مهندس الروح و النفس و العقل ، البنيات التحتية و البنيات الفوقية ، صاحب مشكلة الحضارة المرحوم "مالك بن نبي".

الحالة تكاد تكون خاصة دون سائر المهن و الحرف ؛ و دون سائر القيم الأخرى....

ان تكون رجل أعمال ، أو كأن يكون رجل مال أو رجل سلطة...او أيا كان... لا يثير و لا تبعث عن اي قلق!.

لكن أن يكون الحالة مثقفا في ظل الانفتاح على مختلف المعارف و العلوم ، يثور العالم ، و يقوم و لا يقعد على مجرد شخص بسيط ، يمشي بين الناس في الأسواق ، لا يشعر داخل قرارة نفسه بأي تميز او أية خاصية تميزه عن العامة. زاده العلم و الابداع و ديدنه البحث و حب الإطلاع ، و سلاحه اليراع و الكتابة.

 و حتى ان كانت صفاته الخارجية لا تشير و لا تبعث عن أي افرازات اجتماعية ، و لا عن أي حزازات سيكولوجية سوسيولوجية غير أن أشباه المثقفين و أنصاف المتعلمين (الأشباه و الأنصاف) ، يرون فيه تلك العقوبة الكأداء كلما رأوه أو ألقوا عليه التحية و السلام على مضض أو كما يقول الشاعر:

يقولون لي أهلا و سهلا ومرحبا *** ولو ضفروا بي وحيدا لقتلوني.

تراهم كخفافيش الظلام الجياجير و القتامة ، الأماكن المهجورة التائية يلزمون الصمت كلما لاح لهم بصرهم بألد أعداءهم ، تراهم يبدون له ما لم تبديه أنفسهم ، لا يحدثونه الا طيب الكلام و الكلم ، يفسحون له بالمجلس ، يدفعون ثمن قهوته مسبقا ، يخدمونه و كأنه ولي حميم ، و  قلوبهم عنه شتى ، شئ من حتى....يضمرون له العداء ، يمزجون عسل الود و التقرب بعلقم الكراهية و المقت. يتمنون يوما لو انهم ناموا و استيقظوا على نبأِ موته ، اغتياله ، سجنه ، ونفيه ، حتى يخلوا لهم وجوه بعضهم بعضا. يكررون المكرر و يجربون المجرب.

ذاك ان المثقف أن حدثهم لم يحدثهم بما كانوا يبصرون ، وهم اولى و سادة قدراتهم و طاقاتهم المحدودة بما يعون و يسمعون.....! في حين المثقف لا يرى الحدث كما هو كائن و انما كما يجب أن يكون ، لا يتوقف نظره حول (الزخرف) انما عابر للزخرف ، ما بعد الحدث و الأثر الذي يخلفه الحدث.

المثقف الحقيقي العقوبة لأشباه المثقفين لا يكتفي بالتطهير و التكفير انما يتعدى الى طقس التفكير و التغيير. يرى وراء كل ألم جديد أمل جديد.

 و لأنهم لا يقرأون ، و حتى ان فعلوا لا يعرفون المقروء كيف قُرئ فهم في أريحية في أمرهم دون وجود هذا الشخص المزعج حتى ان لم يتكلم ، حتى ان كانت سريرته و نيته خالصة ، غير أن الاحكام الجاهزة و المسبقة سبقت العدل.

لذا أحيانا ورعم تضحيات المثقف الجسام الدبلوماسية و تنازله عن اشياء كثيرة من ميزاته و خصوصياته في سبيل التأقلم نع الرداءة (...) ؛ غير أن اصابع الإتهام تطارده بأبشع النعوث ، و تكون رضى هؤلاء الاشباه و الأشباح و الأنصاف غاية لا تدرك.

من الصعوبة أن تضع جميع الرؤوس في قبعة واحدة ، فالعالم قائم على التعدد و التجدد و على اختلاف وجهات النظر ، و على التنافس النزبه الشريف و الحياة تتسع الجميع.

غير أن حالات شاذة و قميئة عقابيل ، ترى في ملح الخليقة المثقف عقوبة لها. سجنها الابدي ، شرطي و القاضي و المحامي و السجان الذي أقام عليها الحد ؛ حتى ان كان هذا الحد معنويا أخلاقيا مع وقف التنفيذ !.

المثقف هو ايضا يعي ما يفعل فكل حلم يتحول الى كلمة الى صورة الى فكرة الى فعل هو بمثابة رصاصة مسدس انطلقت من مسافة صفر.

يقرأ في حيت هم يعجزون عن قراءة سطر واحد من سجلات الحياة ، و يكتب في حين يعجزون عن كتابة أولى طلائع أحرف أسماءهم!

فحتى بعد أن يغتال أو يموت أو يُنفى او يُسجن المثفف تبقى لعنته تطاردهم فرادى وجماعات و يتمنون يوما لو أنهم عاشوا مردة ظلمة جهلاء جاهلية جهلاء دون مثقف ، كلما رأوه ، سمعوه ، قرأوا عنه شعروا بالعقوبة تطاردهم بدنيا و نفسيا و ذهنيا . أنه السبب الحقيقي بعُقدهم النفسية التي ألمت بهم في جميع الإتجاهات.

تماما كما عوقب الجمل بوضع على ظهره السمان لتشككه الدائم كما تقول الأسطورة.

وحدة المثقف تحصيل حاصل فراغ الاخرين ، فراغهم من أي شيء و من كل شييء ، من رؤوسهم و من كراسيهم....

و على الرغم ان بعض السلطات السياسية و بعض الافراد يكرهون المثقف لأسباب أو لأخرى ، نجهلها و نعلمها غير أنهم يتمنون داخل سرائر أنفسهم لو أنهم  نالوا شرف كلمة لقب مثقف مع حفظ الالقاب و الرتب !.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *