ما بعد الديمقراطية
العقيد بن دحو
ما الديمقراطية (ديموس) (قراطوس) ؛
حكم الشعب . إلا نتاج مجهودات فكرية ابداعية فردانية و جمعية لحكم الشعب او سبيلا
للوصول اليه..و ما ادرانا ربما الآنساتية جمعاء ستصل يوما الى حكم آخر أكثر حرية و
عدلا و مساواة.
تعتبر الديمقراطية التي نعيشها اليوم متأخرة جدا ، بل أستنفذت كافة قدراتها
السياسية و الإجتماعية الإقتصادية ، و أن البشرية جمعاء .
،
لا سيما المنظرون و الباحثون.. و السياسيون اذا ما قورنت بقيم أخرى علمية
تقنية فنية التي شهدت تطورا وتواترا متقدما على محوري الزمن و التاريخ.
صحيح يعود الفضل للأغارقة و للحضارة الأغريقية ، أن تتخلص من عصر حكم
الآلهة و النبلاء ، الأبطال ، نصف الألهة أو حتى الآلهة بالمرة. كما استطاعت
التخلص من هيمنة و سطوة و السلطة المطلقة للحزب الواحد الأوحد - في يوم واحد و في
مكان واحد يتم فعل واحد- الحزب الأورستقراطي. و من أولئك الحكام القضاء و القدر ،
الشتات الذين كانوا يحكمون و يتحكمون في المقاطعات و كأنها ملكيات خاصة مجموعة
افراد أو جماعات في العرق و الييئة و التاريخ او ما قبل التاريخ.
يوم و في العهد (البيستراطوسي) ، نسبة الى الحاكم المستبد الديكتاتوري
بيستراطوس ، لما عاد من منفاه استطاع أن يوحد كافة المقاطعات في مقاطعة واحدة
عاصمتها (أثينا) ، و رغم دكتاتوريته إلا أنه استطاع أن يمنح بعض الحريات و
المساواة ، و أن يشرك كافة العمال و الفلاحين و البوليتاريبن بالمعنى الحديث
للكلمة. مما أستطاع أن ينتهج في حكمه بمساعدة بعض مساعديه و أعوانه في حكم بقية
المدن الأخرى نيابة عنه.
كما أستطاع أن يمنح الحرية للحكيم الكبير الشاعر القانوني (سولون) و هو أحد
الحكماء السبعة ، الذين كتبوا اثرا (....) يخلد اسماءهم و ذكرهم في معبد (دلفي) أو
يسمى معبد (دلف) : " معظم الناس أشرار و من بفعل الشر في الآخرين يفعل الشر
في نفسه أولا".
بل سمح مواصلة سولون الحكيم في سن قوانينه و تسطير مساطره خدمة لأفراد
الشعب السفلية و الفلاحين و من أجل اللا يفقدون حربتهم و يصيرون عبيدا جراء ديون
على عاتقهم عن الدولة عجزوا عن تسديدها.
كما سعى الى تدوين الملحمتين
الشعريتين " الأليادة" و " الأوديسا".
كما يعتبر بيستراطوس أول من جلب عبادة ديونيسيوس نزولا عند رغبة عامة الشعب
الأثيني ، كما منح اهمية للفن المسرحي كغبادة و قيم أخلاقية.
تعتبر هذه الأفكار كبواكير الفعل الديمقراطي .
لقد كفٌ الشعب الأغريقي عن مجاراة ما قبل التدوين و صار الديمقراطية من
مجرد سعار و كلمة يتغنى بها الى فكر و الى فعل ..كما صارت المدن من مجرد مقاطعات
الى (بوليس) Polis بمعنى المدينة : أحسن معلم .
كما أُعتبر الحكم (كنز) ثروة قومية لا تقل أهمية عن العائلة و القبيلة و
العشيرة. يحب حمايته و الدفاع عنه.
- أليست الدولة لمن يحكم !؟
- الدولة لم تخلق لرجل واحد.
- على من تحكم اذا كان البلد فارغا !
هذا الحوار الدرامي عن حاكم و ابنه في اشارة الى تقدم الحكم و في سبيل
الوصول اليه او البقاء فيه.
بمعى ان ديمقراطيتنا التي نعيشها اليوم الا مخرجات مجهود تضحيات جسام مجموعة افراد او جماعات في مجرى التاريخ. وصولا
الى الحضارة التي تشهدها عصرنا هذا الذي أثقله منطقه.
الحضارة الديمقراطية الحرية ضرب المساواة [الحرية × المساواة].
الحرية هي حرية الفرد ضمن المجموعة، و مساواته ضمن الجماعة هي حريته ايضا.
غير أن يجب أن نعي أن رغم اجتهاد المجموعة البشرية في ترسيخ قيم
الديمقراطية إلا أنها تظل هشة و سريعة العطب ، لذا أوجب المجتمعات المدنية عبر
فجاج المعمورة الدفاع عنها في مجرى الزمن ، بل ترقيتها عبر توعية و تعبئة و تثقيف
الشعوب عبر انتشار الوعي و تشجيع العنصر
البشري والانتماء الى المجموعة أياً كانت هذه الجموعة ذات اهداف سامية نبيلة تخدم
الانسان على اعتباره مخور ومركز ثقل النماء و التنمية البشرية سياسيا اقتصاديا
اجتماعيا ثقافيا..فلا ديمقراطية دون ثقافة و كلا هما جبهتان هشتان في حاجة الى
ظهير و الى خلفية دفاعية تساندهما و تعاضدهما. لا سيما في هذا الزمن (المعولم) أين
توقفت الكعكة الاقتصادية السياسبة الدباوماسية عن النمو ، و أصبح الانتاج يتحكم في
الشخص المنتج ، و أنتقل ما يميز البضائع
كتلة و مساحة و حجما الى ما يميز للبشر. لقد أغترب الانسان منذ ظهور الانطباعية و
صار لونا وضوءا. لقد اغترب الاتسان و صار حالة (....) كحالة الطقس قابلا للرصد و
السبر و المسح و القياس "المتري" ، " النانومتري" ، "الترمومتري"،"
البارومتري" ،و "الرختري" و مقاييس أخرى....!
لكن رغم العراقيل و العوائق و الصعاب التي تجابهها الدينقراطية كالحروب ،
الفقر ، الاوبئة ، التلوث ، يبقى الدفاع عن الديمقراطية مبدأ انساني نبيل عميق
الجذور لا لبقاء الحكم الكنز انما الوصول اليه بالطرق الشرعية السلمية حيث لا
سيادة الا سيادة الشعب و من حيث الشعب هو السيد..قي الأخير ما الديمقراطية التي
نعيشها اليوم الا سلسلة اجتهادات بشرية مما قبل التاريخ الى هذا التاريخ الذي يبدو
اوشك على نهايته. يتطلب من المحموعة البشرية المزيد من الاجتهادات و التضحيات الوصول
للى سبيل آخر للحكم أكثر انسانية ، أكثر حرية، أكثر مساواة ، و اكثر عدلا. حكم ما
بعد الديمقراطية.
هذه ليست قيم جمهورية أفلاطون الفاضلة ، لكن التجارب التي علمتنا اياها
للاتسانية ، ان الاتسان هو اكبر مخلوق عرف بأنه مفكر و انسان عارف و انسان لعوب و
انسان اجتماعي قادر بفعل عبقريته ان يخلق المعجزات فالأمل دائما سيكون قائما مادام
لا نقول اني افكر بل نقول اني اكون موضعا للتفكير. رائز الجيمقراطية الحديثة الاي
تخضع للى الحالات الثلاث : الابداع ، التفكير ،
و المحاكمة.