إبراهيم بجلاتى
مصر
أنا سيد مصيري
١-
أنا سيد مصيري
أنا قائد روحي
هذا ما قاله نيلسون مانديلا
برواية مورجان فريمان
في نهاية الفيلم
بعد ان رفع الكأس عاليا
انڤيكتوس
نصف إله تقريبا
غير قابل للكسر أو الهزيمة
قصيدة للإنجليزي وليام ارنست هنللي
انا ايضا قائد روحي
لا احب الفوز
لأن ذراعي اليمني ثقيلة
ولا تستطيع
أن ترفع الكأس عاليا
لكن مازال بإمكانها
أن تلوح من بعيد
-وبصعوبة ما-
أن تضبط ياقة القميص
٢-
الفائز والخاسر
كلاهما يملك بداية عظيمة
وكلاهما يصل إلى خط النهاية
بفارق ضئيل من الدقائق والثواني
وكلاهما يستحق الجائزة
أما أنا
فأقف حائرا
أو خائر القوى
بعد البداية بقليل
أو في المنتصف.
٣-
بعد الخروج من التراك
يلبس المنسحب -مثلي-
طاقية الإخفاء
أو حزام الفلسفة
٤-
مبكرا جدا
وقعت في الفخ الصوفي عن الطريق
البيت جميل
الوصول ليس حتميا
والمشي في حد ذاته
معجزة
٥-
في نص سابق
نسيت أننا جميعا
نحب العيون الواسعة
ونسيت أيضا
استدارة الكتف المغوية
يا أخي
كأنها استراحة
على الطريق
بين حلمة الأذن
ومنخفض الحنين
٦-
قربة الماء الساخن
اختراع قديم
توسع الأوردة والشرايين
ترخي العضلات المشدودة
تخفف الصداع
وجع البطن
وآلام التبويض
قربة الماء الساخن
قد تدفيء السرير في الشتاء
لكن -كما تعلم-
ليس للماء رائحة
تشعل الدم
أو توقظ البهجة في الحواس
٧-
لا تطل الجلوس
أو النوم على جانب واحد
قم من مكانك
كل ثلاثين دقيقة
اصنع لنفسك شايا
أو قف أمام الثلاجة المفتوحة
كما يفعل طفل زهقان
لا تستطيع أن ترفع ذراعك بالموس
لكي تحلق بقايا الشعر في رأسك
الحلاق قريب
لكن تبقى المشكلة فيمن يحك ظهرك
في الحروف القريبة من بعضها
على الكيبورد الصغير
عشر مرات
أضع إصبعي على حرف الحاء
لكنها تسقط على الخاء
هكذا
بنقرة إصبع واحدة
يتحول الحلاق إلى الخلاق
وتتحول من إلى كن
وهكذا
تقضي نصف وقتك
في البحث عن المراد
تلعن المفاصل المعطوبة
تتهم الهاتف الذكي بالغباء
ولأنك تحب نفسك دائما
تقول ببساطة
لا يهمك
فأنت لا تعرف
كم حيوانا ضاع في الطريق إلى البويضة
٨-
وماذا يفعل "العلاج الطبيعي" في النسيان
أو ضعف الذاكرة؟
٩-
في البار
جلس شيخان
واحد رأسه بيضاء
والثاني أصلع تماما
وكلاهما يعيش وحيدا
تحدثا في كل شيء من الحزب الشيوعي
إلى نقابة الأطباء
وفائدة الكمامة
في الوقاية من كوفيد ١٩
وقبل أن تنفد البيرة الباردة
قال وحيد لوحيد
لماذا لا تبحث لنفسك
عن صاحبة
أو شريك
يقضي ما تبقى من الليل معك؟
١٠-
كلما تداعى جزء من هيكلي العظمي قلت:
ما يزال قلبي قادرا على العمل
أو سأغير "الشاسيه"
في الحياة الآخرة
كأن ديكارت لم يكن مخطئا
في الشك الرياضي
أو تشريح البقر في مجزر آلي:
القصبة الهوائية تشبه الفلوت أو الناي
دون ثقوب تؤرخ للحزن أو الشجن
الذراع رافعة
والقلب مضخة
تتسارع في الخوف والحب والغضب
والعروق انابيب
والدم يشبه الفحم او المازوت
والرئتان كير اتوماتيكي
يلين الحديد
ولا يعرف الفارق بين المسك والنار
شهيق
زفير
شهيق
زفير
نفس عميق
الإنسان آلة
في سباق
أو في رحلة للصيد
والحياة أرنب شاهق البياض
هكذا سقطت أليس في الجحر
فماذا لو بقيت للأبد في بلد العجائب؟
١١-
قال صاحبي:
خرجت لكي تحكي لنا حكاية
قلت: خرجت من الجحر
لكي نقع كلنا فيه.
١٢-
كيف وضعت الحب-بغرابة-
بين الخوف والغضب؟
وكيف ذكرت الجحر والأرنب
دون ذكر قدمه السعيد في الأساطير
وغضبه من الخس والجزر
-في قصص الأطفال-
ورغبته التعيسة
في أن يأكل اللحم كالأسد
١٣-
العين صندوق أسود
فكرة الحسن بن الهيثم
عن سريان الضوء
عن المناظر
الصورة المقلوبة في العدسات
المعدولة في المخ البشري
آلة التصوير
الكاميرا
السينما
صالة العرض صندوق أسود
حزم الضوء
تمر من ثقب الباب
تنتشر في الظلام
تسقط على شاشة بيضاء
عالم ملون
أيهما أسبق: ثقب الباب أم جحر الأرنب؟
كلاهما يغري بالتلصص
أن ترى العالم
أن تحب أو تكره ما ترى
بدون ألم
وبدون ورطة.
١٤-
بعد تأمل الهيكل العظمي
والذراع التي لا ترفع الكأس عاليا
أتأمل بياض السقف
المروحة تدور
ورأسي أيضا
تصور يا أخي
أنني عرفت الآن فقط
أن الشاعر الفيكتوري
الذي قال: أنا سيد مصيري، أنا قائد روحي
عاش حياة كاملة
يمشي
ويصنع قدره بنفسه
على قدم
وساق واحدة.
..
2020