مسرح الصحراء الغربية - الخطوة و التأسيس
العقيد بن دحو
أعتقد أن أكبر خطوة تكون قد خطتها الصحراء الغربية ، بعد سلسلة من الخطوات
، سواء على جبهات القتال ، أو المعارك السياسية و الدبلوماسية ، أن تتوج هذه
الإنتصارات و النجاحات بمخرجات خطوة عملاقة لا
تقدر بثمن ، و هي التأسيس الرسمي
للمسرح القومي الوطني لدولة الصحراء الغربية ، في ظل التراجع الدولي للسياسة و
للدبلوماسية و للحقوق البشرية على وجه هذه البسيطة . بإمكانية الفن ، الكلمة التي
هي غضة ، أن تقوم الإنسان من جديد في هذه المعمورة الى كل ماله قيمة انسانية ، بل
الى صناعة الإنسان مجددا . له قيمة
انسانية ، متصالحا مع قوالب دواليب تسيير عصره، الى انسانية الإنسانية ، و الى
عودة التاريخ بإتجاه حريته عدالة و مساواة
و من حيث لا حرية لأعداء الحرية.
لم يكن غروا على الشعب الجزائري و جمهور الفن و المسرح خاصة أن يكون معقلا
و قبلة للفن و المسرح الصحراء الغربية . أن يُعلن تأسيسه و على خشبة المسرح الوطني
الجزائري تاريخ يوم 24/01/2024 ، لتمتزج روح القلبين معا ؛ روح من ضحى بالأمس على
أرض الجزائر مليون و نصف مليون شهيدا ، و
من ضحى و قدن روخه قربانا من أجل أن يعيش الشعبين هذه اللحظات التاريخية و ما بعد
التاريخ ؛ و على أرض الصحراء الغربية.
ما أشبه البارحة باليوم وجمهورية الصحراء الغربية الديمقراطية الشعبية تعلن
عن ميلاد مسرحها القومي الوطن ، و تتخذ من مسرحية "الخطوة الأخيرة"
نموذجا.
هي نفسها تلك المسرحية الجزائرية الأولى "أونتجون" التي عُرضت
على الجمهور الجزائري 1953 ، و لم ينتظر الجمهور الجزائري طويلا حين عُرضت عليه
المسرحية مجددا ، و ما كاد ينتهي العرض حتى ضجٌت الجماهير بالبكاء و العويل لتتدخل
السلطات الإستعمارية الإستدمارية آنذاك و توقف المسرحية نهائيا عن العرض. في حين
أغلبية الجمهور لم يعُود الى ديارهم انما ألتحق بصفوف ثوار جبهة التحرير الوطني
بالجبال و الأودية و الهضاب و الصحاري و عبر ربوع كافة الوطن.
و اليوم تُعرض علينا "الخُطوة الأخيرة" عن المسرح التأسيسي
لجمهةرية الصحراء الغربية على خشبة المسرح القومي الوطني الجزائري ، نتذكر تلك
المسرحية الأبية الجزائرية الثائرة "أوننڤون" التي هبً على أثرها الشعب
الجزائري 1954 في سبيل استرداد كرامته و حريته من قيد مستعمر كولونيالي مصاب بداء
متلازمة ارض بلاشعب و شعب بلا أرض.
ما أخطر و أصعب و أذكى شعب يسترد وعيه المسلوب عن طريق المسرح ، لعبة فن
المحاكاة العميقة ااجذور ، من خلالها يتم اعادة التوازن بين الانسان و محيطه ، بين
الانسان و تقرير مصيره ، يعيد من خلاله مكونات شخصيته الفردانية و الجمعية
المستقلتين.
ضربة لازب هي ، استباقية ورمية من غير رام ، عجلت بها سلطات الجمهورية
العربية الصحراوية ، و على أية أرض و على أية مسرح ، و على أية خشبة .... !؟
على ارض الجزائر و على خشبة المسرح "محي الذين باشتارزي".
ما اشبه البارحة باليوم و ما أشبه أونتجون "بالخطوة الأخيرة"
ليصير المثقف (غرامشيا) عضويا ملتزما بقضايا بلده..مسافة ألف ميل تبدأ بخظوة ، و
الخطوة هي مسافة بين قمتين .
و هكذا....لم يعًُد المسرح لهوا و لا ترفا يبدو أنه بدأ حياته هكذا... و
لمن التطور الثقافي و الحضاري حعله ثقافة و حضارة... أما اليوم فهو
توعية...تعبئة...وسلاح.
و ها هو من جديد الشعب الصحراوي
يشهر سلاحه الجديد البديع الناعم الأستراتيجي المتقدم جدا. العابر للقارات و محطم
الحدود و كل جُذر عازلة و ستائر دسائس وهمية.
أخير صار للشعب الصحراوي بالجمهورية الصحراوية الغربية سلاح ذو حدين سلم
لمن أرادها بردا و سلاما ، و حربا لمن أرادها حربا ، و في كلتا الحالتين ما هي الاخسارة و انتكاسة
على الظالمين.
و لأننا في زمن الكلمة ، و في زمن
الصورة ، و في زمن الحركة ، و في زمن الايقاع السريع و الابداع الساحر الآسر
البديع ، بإمكان الفن عامة و المسرح خاصة أن يقوم مقام الجندي المحارب على جبهات
القتال ، و أن يكون ذاك الدبلوماسي المحنك المحامي ، المدافع على قضايا أمته ووطنه
بالمجالس و المقاعد الأقليمية و الأممية المحلية و العالمية.
كما بإمكانه أن يكون ذاك السياسي النحرير الألمعي ، المتفهم لقواعد ألاعيب
السياسة أين بكون كل شيئ ممكنا ، و أين يكون كل شييء لا شيىء ، أين تكون الغاية
تبرر الوسيلة ، و أين تكون الغاية ذاتها هي الوسيلة !.
صعب اليوم ان تحارب بسلاح ردعي استراتيجي معلن غير مموه و لا هو بذاك الشبح
الذي تتجاوز سرعته سرعة الصوت.
الآن بإمكان جمهورية الصحراء الغربية أن تتخذ زمام المبادرة و أن تسمي
مسرحها و تنطلق في ملكوة رحاب الابداع الخلاق الجالب للانتصار الخالد ، للحرية و
المساواة و القضايا العادلة الانسانية نصيرا وضهيرا صوته من صوت الانسان ، و اذا
تعلق الشعب بشيئ صار قانونا كما قالت الاغريق القديمة.
و اذا للشعب يوما أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر.