جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

  وعْد ٌ ...  يفوزُ

**وعْد ٌ ...  يفوزُ  **

إلى روح شهيد الإنسانية

قصة قصيرة

سيدة بن جازية   تونس

 


  **وعْد ٌ ...  يفوزُ  **

ركن دبابَتَه في مرأبها المثقلِ بالدماء والآثام ،  انتزَع الكوفية وغادر بخطواتٍ مثقلة متجها  نحو المطعم الداخلي، يلتهم طبق اللحم نيئا بنهم شديد  ثم يرمي البقايا الدامية للغربان الحائمة.

 

تركها وحيدةً تطحن الندمَ  ،  نظَرَتْ يمنة و يسرة، في كل الاتجاهات ثم زفرتْ زفرة  عميقة  صَمَّت آذان الأخريات، تمتمتْ في سرّها  " قدر أحمق رمى بي هنا . من قال لهم أنني أريد أن أشاركهم النزاعَ؟ لماذا لم يطلبوا  إذنا؟ أليس لي الحق في تقرير مصيري؟ أ مقابل براميل الوقود التي التهمها أفقد كرامتي؟  رغم... أنها  تنفذ بين الأزقة الحمراء في الحملات اليومية  ؟ أأنا جعلتها تطحن الهامات الشامخة كل جولة تحت مسمّى الوطن ؟

 

 سَئمَتْ كل قطعةٍ  مني  دَوْسَ طريق بًسَّ بالدماءِ الزكيةِ والورود النديةِ والضحكاتِ البريئة ،  ككل يوم، أنفضُ عني ما علق بي من شوائب آدمية و صليلِ الويلاتِ ،أخجل من رميها هنا وهناك على أرض ملغومة بالمؤامرات ،  أرمق من بعيد كومة العظام المسحوقة للتوِّ و الأكفان المتعثرة، كم يُربكني طنينها و وجع الأرحام المتقطعة "

لطمةٌ قاسيةٌ تأتيني من الخلف ، رَدَّدَ معها  الصدى " اصمتي، اصمتي، لن يرحموك إن سمعوا لغطك، أقسم بالسبت ،  لن يمرّ يومك بخير "

- ليس بيدي الأمر  ،

- الكل التزم الصمتَ  لأنه يخاف ، يا للغرابة، بعد جولة التمشيط والتخريب تعودين آخر المهمة للنحيب والتقريع...

 

-  إلى الجحيم  مللت هذا البقاء ... أفكر أن أثور....

  - كيف؟ ستثورين ؟

-  أغمز لفوهة مدفعهم ، أبوحُ لصوت التكبير "إني هنا ، سدّد،" فيسدّدُ و يُزيحُ  عني هذا العار ...

-  إذا بقيةُ الدباباتِ كانت تفعل ذلك ،  فتنجح رمياتهم .

خيانةٌ عظمى ، لن أسكت. لن أسكت...

- اهرع إليهم ،  بلِّغْ! بلِّغْ ...

 

كانت كاميرات المراقبةِ  تلتقط الإشاراتِ الصوتيةَ، لحظة  من الزمن نُسِفَ المكانُ بكل الوحدات ، لكنها لم تغمز بعدُ  ، أتى  من السماء صوتُ التكبير مدويا  ...

 

حضر كبير الكهنة يحمل رفشه ، جمع كل الشظايا ، حفر حفرة عميقة بعمق الصحراء، اَلقى بها ما جمع ، سكب عليها البنزين  وبعضا من مسحوق  العِظام  ثم ردمها و اختفى عن أعين الغربان.

صفَّرت صافرات الإنذار عن خطر داهم، لم تقلع  أية دبابة  ، لم تحلق الطائرات  و بعض الصواريخ ظلت تحوم بين الأرض و السماء تلتقط الإشارات في ارتباك ....

لحظة  الصدمة  قُلِبَ الكيانُ  مهزوزا  ...

 

انتشرت البقراتُ  تكتسح المكان ، تلتهم الموت التهاما شبقا.

فازدادت  القريةُ اخضرارا  ، أصوات كثيرة تتعالى شوّشت فكري، فرقعة ، قعقعة و غبار الخيول يربك ما بقي في المرأب.  كنت أسمع كل ما يدور في القاعات المغلقة و خلف الجدران  بوضوح تام. و ظل  أمهر المُعَبّرين يبحث  عن قفلة مدهشة يهدي بها بطولة مزعومة لدبابة آثمة. لكنه فشل أمام كوابيس باتت تهدّد الجميع ...

 

تذكَّرتْ  أصولها العربية و الحكايات وقد وخزها الذل  مقابل تلك الحفنة اللعينة من الدولارات ... قبلت بالمقام، نسيت للحظة أنها تنبض عشقا  لكن رمال الصحراء أعادت لها ذاكرة الضباب الأصفر ، انتحبت هباءات تبحث عن طوفان يطهِّر من العار...

 مازالت تهطل ، ارتفع منسوب المياه عمَّ الصحراء... لكنه لم يقتلع جذور الأشجار.

 

سيدة بن جازية   تونس


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *