لماذا المسرح الجهوي لولاية ادرار
العقيد بن دحو
منذ قوانين
(صولون) ، ولُت ُالدولة الاغريقية القديمة
، سواء قبل التدوين و بعد التدوين أهمية بالغة للمسرح كهيكل فني مقابل كل معبد
ديتي ، اذ اللغة و الدين طرفان في قضية واحدة . و لما كان صوت الشعب من صوت الإله
اعتنت بمختلف الفنون الزمكانية الاخرى و لا سيما المسرح كمادة أدبية فنية .
كما كان
مقابل كل غزو اغريقي لمدينة من المدن ، تعمد الدولة لبناء مسرحا قوميا يخلد و
يترجم نجاحاتها و انتصاراتها ، يذكر دوما باثار الامة و الدولة الأغريقية الخالد
في مجرى ما قبل التاريخ و التاريخ ايضا و الشبييه بالتاريخ و جنو التاريخ و الصفر
التاريخي ايضا.
و اليوم
الدولة الجزائرية تعمد للى تاسيس مسرحا جهويا قلبا و قالبا ؛ معقودا على فكر و فن.
ذاك أن مسرح
أدرار ، و نظرا لاهمية موقعه الإستراتبجي اللوجستيكي التاريخي الجغرافي .
يختلف كليا عن بقية المسارح الجهوية في مختلف
ربوع ولايات الوطن.
كون رسالته
الحضارية ، و حواره المرجو منه ليس محليا او جهويا او وطنيا فحسب ، انما موجها و
متفتحا على مختلف دول الجوار الإفريقية :
الموريتانية ، مالي ، النيجر ، نيجيربا ووصولا الى افريقيا الغربية الكونغو
السينغال و كينيا ، حيث حضار الجد او الاب القائلة : " كلما توفي عجوز افريقي
تحترق وراءه مكتبة".
و حيث حكمة
(إميه سيزاري) القائلة : " انه يمسك بالحياة و يعيد توزبعها حسب قاعدة الغناء
و عدالة الرقص".
وحيث
(القناع) الإفريقي الغني و الثري الملئ
ببواكير العبر و المعاني اعماق العمق ، متقدما حتى عن القناع الأغريقي :
"اسقاط اللامرئي عن المرئي ".
وحيث اشعار
الرئيس السبنيغالي الاسبق (سيزار سنغور).
وحيث الرقص
الإفريقي الغني و المختلف عن كل رقص آخر غربيا كان أم عربيا ، ليس رقص هز أكتاف و
أرداف أو بغية اشباع فضول ثقافة اهل زردة و هردة كما يقول العلامة النحرير موسوعة
الجزائر (مولود قاسم نايث بلقاسم) . انما عندما يرقص الزنجي الإفريقي نيابة عن صورة الجد او الأب ، هو الذي يرقص !.
و يكفي ان
أهالي جنوب افريقيا ، السكان الأصليين اتخذوا من رقصاتهم و همهماتهم ، ترانيمهم ،
و طقوسهم سلاح سلمي فني
مقاوم و مكافح أعداء الأمس التمييز العنصري نظام
(الأبارتيد).
يجب ان يتفطن
لهذا كله المسرح الجهوي لولاية ادرار ، ناهيك عن أثار اجدادنا التي لا تزال تذكر
بأن الإنسان الجزائري Homo algeria
، و بكل تصنيفاته الأنثربولوجية من الانسان العارف الى الانسان الخرافي ، مرٌ ذات
يوم من هناك ، من الشيخ عبد الكريم المغيلي الى العصموني الى ابن اپٌا المزملي....
و العديد من العلماء و التجار الجزائريين ، لم يكونوا مجرد رجال دين او رجال حرب
اورجال تجارة دعاة ، ينشرون و ينقلون الدين و اللغة فحسب و انما كانوا ينقلون
القيم الأخرى.
الدور الخطير الذي قد يجهله الكثير ، انما جاء
المسرح الجهوي لولاية ادرار سواء كانوا يدرون او لا يدرون من فكر و خطط و رسم كيما
يكون هذا (البٌعد) لمدينة وولاية ادرار (لاحظ هنا كلمة "مدينة") موضعها
الإستراتيجي ، كانت تعني عند الإغريق القدامى (بوليس) Polis
; بمعنى احسن معلم ، فلكم ان تتخيلوا مدينة بحجم ادرار كلها صارت
مدرسة ، أين ادرت و جهتك فيها معلما ، تتعلم منه ، بالشارع ، المحيط ، المرافق ،
الأحياء ، الأسواق ، بزواياها ، زياراتها و مزاراتها ، و لكل شيئ ستاتيكي او
ديناميكي او ميكانيكي
جاء المسرح
الجهوي لولاية ادرار ليعيد الازدهار المرفق الجامد العام ، قلبه النابض و لينشر
الحياة.
طبيعي ان
يكون لهذا المرفق الثقافي العام بولاية ادرار نشر فلسفة الحياة ، الهدف من الحياة
، صيرورة الحياة ، و فعل الحياة و يجعلها تسري في ادمغة الناس ، في كيانهم في روح
روحهم و تهزهم من أعماق أعماقهم.
كان طبيعيا
ان يكون ادرار ولاية و مدينة هذا الصرح
المسرحي ، و المدينة و الولاية تشهد هذه التنمية الشاملة الأعم الخلاقة للثروة و
لأنسنة الإنسان و صناعة الإنسان. الثروة القومية العالمية العلمية الفلاحية
الحديثة الاستراتيجية ، و كذا أهلها لتكون
مدينة و لاية ادرار (كارتل) اكبر تجمع
هيدروكربوني نفطي عابر للقارات ، عندما
يعبر أنبوب النفط من النيجر أرض الجزائر
الى مختلف دول العالم. فانظر ان الاتبوب النفط هذا لا ينقل النفط فقط و انما ينقل
ثقافة المادة و ثقافة الساكنة.
كان لزوما أن
يكون لمدينة وولاية أدرار مسرحا جهويا و السيد رئيس الجمهورية ، السيد عبد المجيد
تبون يفكر في القطار و السكك الحديدية العابرة للصحراء داحضة ؛ وفوق تلك الفكرة
الكولونيالية ، بل متقدما عليها (مير نيجير) Mer - Niger.
القطار و
السكك الحديدية معادل بحري ، يوم ذاك لم تعد ادرار و لا و لايات الجنوب تتحدث عن
بعدها الأقليمي الجغرافي عن الساحل او شاطئ البحر ، كون جل الحضارات شٌيّدت على
شواطىء البحار كما يقول العلامة المفكر صاحب المقدمة بن خلدون.
كل هذا جعل
من المسرح الجهوي لولاية ادرار بمثابة حد من حدودها الداخلية ان جد الجد ، يشع
أبعد من اجنحته . مثابة القلعة و الحصن الحصين ، الحارس الشفيع الوريث ، المخلص و
لا سيما حدودنا الجنوبية تشهد فتن نائمة.
كل هذا جعل
من مسرح ادرار أن يعيد التوازن بين كل هذه المنجزات و الإنسان. استباقيا مستشرفا
لما قد يحدث
لذا لا غرو
أن عينت الدولة على رأس هذه المؤسسة الخطيرة الأستراتيجية أحد جنودها و كوادرها و
اطرها المخلصين النزهاء الوطنيبن الذي يرى ما بعد الرؤية ، هادئ ورزبن ، يستشير من
يشبهه من الناجحين ؛ و بعد تخطيط ، تنظبم
، المراقبة ، المتابعة ، المعالجة يتخذ القرار المناسب في المكان المناسب و الوقت
المناسب.
هو الرجل
المناسب الفنان المثقف خريج معهد الرعيل الأول من استسهد على شرف الكلمة و الأرض
برج الكيفان ، فنون العرض المسرحي ، السيد محمد حاج. كل شيء يخضعه لمدخلات الفكرة
المسرحية ثم لمتفاعلات العصف الذهني و لمخرجات العرض ثم الى التغذية الراجعة
لتصحيح معلومة ما أو يؤكد صوابها.
كل هذا جعل
من المسرح الجهوي لولاية أدرار ، لمدينة ادرار الحدودية الإستراتيجية القلعة
المدنية و الأمنية العسكرية مختلفا.
لم يكن
المسرح يوما عند الأغريق مهد الحضارة المسرحية لهوا و لا ترفا بافلوفيا ، ليكن
عندنا اليوم ، انما كان فكرة توعية و تعبئة و سلاح متخندقا مع قضايا وطنه.
قد انشد
الوردة و الجٌعل ، لكن اذا ألم مكروه بوطني أستخدم شعري كسلاح (عابرائيل غارسيا
ماركيز).