جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

الأدب الشامل الأعم

العقيد بن دحو


* - يصل كل ادب و كل فن و كل فكر الى الضيق بذات نفسه ؛ إن لم تلحقه نفائس الأداب و الفنون و الأفكار الأخرى لتهز الخلق من ديباجته(هوراس)..

فيما أذكر حتى ثمانينيات القرن الماضي ، و نحن طلبة جامعات ومعاهد مدن الشمال الجزائري ،  المدن الساحليه ، و من حيث أعز الله المدن . كنا ندرس  المواد العلمية و الإنسانية مقابل كل ماهو  جمال جميل و فن أصيل و أدب و فكر من أُسٌِه و أساسه.

 الطالب منا كان يتخرج وهو مزود بكل مرحعياته و خلفياته الحجائقة الغناء ، من مل بستان زهرة ، و من كل قطر أغنية و من كل فج عميق فكرة و كلمة و من كل تاريخ عيرة ، و من كل فلسفة تصورا و قضية. ما يجعله شخصية تقييمية تقويمية ناقدا و منتقدا ، يعرف ما الذي له و ما الذي عليه.

كان ان كتب مقالة كانت مقالة فكرية ، و ان كانت شعرا كان شعرا فكريا ، و ان كانت قصة كانت قصة فكرية ، و ان كانت رواية كانت رواية فكرية ، و ان كانت مسرحية او تمثيلية كانت فكرية الى غير ذلك....

صعب أن تُقنع جيلا ذهبيا ثمانينيا، أي يتتمي الى جيل الثمانينيات بما يُكتب اليوم !.

صعب على جيل درس مقابل العلوم التجريبية و التجربدية ، العلوم الطبيعية و العلوم الفيزيائية التكنولوجية و الرياضية ، العلوم الحداثية و ما بعد الحداثة التحليلية ، التناصية ، المقارناتية ، التركيبية ، فكرة التدوير و التكعيب و التسطير و الهروب و التغريب ، مقابل الفنون الزمكانية  و التخييل العجائبية الأخرى.

من الصعب أن تُقنع جيلا فارسا مارس كل الفنون ، مما يكتبه هذا الجيل التعِس الذي تشعر بأنه قدِم من مدار فلكي آخر دون وزن ثقلي و لا جذب عام يشده نحو الأرض. لا أحد يدري من أين جاءوا ، فقط أنهم جاءوا مثل هكذا جيئة و كفى  !.

جيل تراه يتأبط كتابه و كانها يوم القيامة ، يبحث عن نصف قارئ ، تائه لا يدري من كتب الآخر ، ألكتاب كتب الكاتب أم الكاتب كتب الكتاب !؟

جيل مفصول عن جذوره الإبداعية ، عن سوسيولوجيته الأدبية الإجتماعية ، عن قرباه و عن مصلاه الفنية ، عن دوائره الثقافية و الشعبية ، لا يدري من دفعه الى أتون الكتابة ، فقط أنه كتب !.

لطالما كان ينادي فخرا و اعتزازا بقتل (الأب) و لما قتله بشكل سادي ، هاهو اليوم عبر المعارض و النوادي و أسواق الكتب مناديا عن قارئ مجهول يشاركه جاهليته الحديثة على أرض مجهولة بلا طائل و لا فائدة و لا هوية أدبية ثقافية فنية تميزه عن باقي التجمعات البشرية ، عن باقي السلط و القوى. عدا صوته المبحوح من الوريد الى الوريد ، كلمات متحجرجة تتدحرج من بين دفتي كتاب باهت ، دفتي  هجينة  ظلا حسيرا لقارئ ضائع يبحث عن شيئ آخر (....) غير هذا ....!.

ذاك الآخر الذي لم يجد نفسه فيما كتبه هؤلاء (...) !.

من الصعوبة بمكان أن يقنع كتاب اليوم على الرفوف أو أي كاتب جيلا درس و أطلع على الكلاسيكيات ، درس و أطلٌع على أمهات ينابيع الفكر التقليدي الأخلاقي اليوناني ، الروماني ، الفارسي ، والهندي. جيل قرأ ودرس " الإليادة" ، "الأوديسا" ، "الإنيادة" ، "الشاهنامة" ، و "المهابهارته" ، و ملحمة "الهند الكبرى" ؛ أن يقرأ مما يكتب اليوم !.

من الصعب على ذاك الجيل الذهبي الذي قرأ و درس و مثل الدراما اليونانية بشقيها التراجدية و الكوميدية أن يقرأ مما يُكتبه اليوم من هرطقات و هرولات.

جيل ذهبي مارس جميع أنواع الفنون. على غرار هذا الجيل الذي قام من اضغاث كوابيس أحلام نومه فوجد نفسه كاتبا (....) لا يشق له غبار ، بل قام و وُلِذ و ملعقة ذهب بفمه ، من أول سقطة له تحصل على جائزة وطنية و لما لا تكن اقليمية و حتى عالمية ، مادام (اليُتم) الأدبي الفني الثقافي يُغيب الأب الورقي أو السوسيولوجي.

لا غرو اذن اذا كانت بدورها المطبعة الجزائرية تطبع و تنشر 500 رواية في السنة ، الكم الكفيف دون الكيف ، مادام الطابع الصنمي الذي يميز للبضائع ، كتله و مساحة و حجما ولونا ونوعا  صار يميزالقيم ؛ بل انتقل الى الإنسانية ة أصبح أنسان بلاصفات (ألبير كامي) !. فليس كمن يبدع كمن يبيع ! و ليس كمن يشتري كمن يقرأ !.

القراءة فعل عمل رابع على وزن الجدار الرابع عند المسرح الملحمي التجريبي.

القضية و ما فيها تطرح أبعادا اخلاقية ، قام بمعالجتها د.طه حسين في مداخلة له بالبندقية ايطاليا1953.   تحت عنوان : " في سبيل الدفاع عن الثقافة". نشرتها هيئة اليونسكو U N E S C O سنة 1954. القضية تشبه بيع الجسد حالة (التعهر) كما يقول (بلوت) !.

من الصعوبة بمكان أن تُقنع جيلا ذهبيا تلقى و أًعد اعدادا (ستانسلافسكيا) و(دي لامارتيا) ، كل انواع الفنون الزمكانية على ركح المسرح ، سواء مسرح وهران أو مسرح سيدي بلعباس او مسرح مستغانم (الموجة) أو على ركح المسرح الوطني الجزائر العاصمة او مسرح قسنطينة أو مسرح عنابه..هذا هو المسرح أبا الفنون (أعطوني مسرحا و خبزا أعطيكم شعبا عظيما). هو من أعطنا الجيل العطيم و منح الديمقراطية للجميع (ترف الأغنياء و خبز الفقراء) فأروني على أي ركح مسرحي أبدعتم أو  مثلثم أو تعلمتم !؟

حتى اذا ما سألت أحدهم هل تمارس هواية أو تملك موهبة اخرى فنية غير الكتابة ؛ بمعنى آخر هل عزفت على آلة موسيقية في يوم ما ؛ هل رسمت لوحة فنية ، هل نحثت منحوتة ما ، هل مثلت على ركح مدرسي صغير ، هل غنيت أغنية ، هل رقصت رقصة ما !؟

فمن أين تأتيك هبة الكتابة يا صاحبي !؟

فاقد الشيئ لا يعطيه !

الفنان الحقيقي مثقف يجب أن يكون شاملا ، أو ما هو الا بوقا ببغاويا يردد أصوات الآخرين أو من سبقوه من ديانات -(على اعتبار الأدب دينا) في المقام الأول  ، حتى ان كان الاديب ملحدا او علمانيا - أخرى الى بعد حين.

على الأديب الكاتب الأديب الأريب اللبيب الفنان المثقف الأعم أن يكون شاملا مُلما جامعا ، أن تكون كتابته لسان هذه الشمولية التي يشهدها العالم أ

و هي ليست معبرا عنها ، ليست لأحد ، فالنار أولى بها . ليست لذاك الجيل الذهبي الذي لا يتكرر و لا لهذا الجيل المكرر لنفسه و لا الذي ياتي من بعد هذه الرتابة المملة التي فرضها (الكبار) بحجة : داريهم مادمت في ديارهم ، و ارضًِهم مادمت في أرضهم   ،

داربهم و باريهم !.

صحيح هذا العصر يوصف بعصر القارئ ، قارئا نهما لكل شيئ و لكل شيئ لا شيئ حتى لدليل مسرد ارقام هواتف البريد و النواصلات ، ومواعيد تنقلات قطارات االمترو و السكك الحديدية و مواعيد الخطوط الجوية الدولية ، غير من الصعب عليه أن يكون عصرا للقارئ الأثار الكلاسيكية اليونانية.

لقد امٌحا المؤلف النمطي تدريجيا و صار القارئ مشاركا للمؤلف ؛ بل صار المؤلف الحقيقي فأين الكاتب المؤلف اذن !؟

من صعب على من قرأ هوميروس أو من قرأ هزيود او فرجيل أو القردوسي او قرأ صوفوكل أو اسخيلوس أو يريوبيدز أو ارستوفانز أن يقرأ اليوم أي كتاب إخر ، حتى ان كان كاتبه مؤلفه حاصل على حائزة نوبل للاداب.

الكتاب الكلاسيكي يكسب لقارئه حصانة ممانعة و مقاومة لاية قراءة اخرى ؛ مما يٌكتب اليوم !.

دعنا نقر ان ادابنا و فنوننا و أفكارنا و ثقافاتنا في خطر وصلت الى نهايتها كنهاية التاريخ (فوكوياما) ؛ اِن لم تلحقها نفائس الأداب و الفنون و الأفكار الأًخرى ، تهز الخلق من ديباجته.

كل ما هو أمام الأفكار و الأداب و الفنون اليونانية إلا تكرار مكرر ، لا يخيف أحدا و لا يسعد أحدا و لا يغيٌر و لا يحسن من أمر الواقع في شيئ !.

وفي الأخير ليس أمامي سوى هذه الحكمة الشعبية : " اللي ماعندو كبير يشري اه كبير " !.

و في قول آخر : " اللي ما عندو كبير قليل التدبير " !.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *