جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحو

الحلم الفردي و الحلم الجمعي

 

الحلم الفردي و الحلم الجمعي

العقيد بن دحو



ليس صحيح كما يراد شيوع قوله  : في البدء كانت الكلمة. كلمة توراتية -  (ليست تراثية)-  في الأصل، بل كان الحلم ثم الكلمة ثم الفكرة ثم الفعل.

وسواء كان الحلم ، حلم يقظة أو حلم نوم ، قيمة ضرورية لأي مكون ابداعي فكري أو أي رائز يضع "المنتج" في حالة محاكمة ما.

الملموس لدينا ، و مما تقدم من دراسات و بحوث ان الشخص الأوحد المبدع لا يستطيع أن يخلق بفردانيته الصرفة ، الخالصة اسطورة ، انما يصنع حلما.

فالحلم يصير عندئذ اسطورة الفرد المبدع.

بينما الحلم الجمعي لجماعة معينة بالزمان و المكان يصنع او يبدع اسطورة أم خرافة .

الاسطورة الحقة هي نفس جماعية لا فردية كما يقول (يانك).

ان الشخص الفرد في مجرى التاريخ لا يستطيع بواسطة حلمه الاعزل الا ان يبدع حلما(...) ، في مقدوره ان يحلم كما يشاء.

غير ان هذا الحلم بفعل التراكم و الاضافات كما كان جاريا به بالتراجيديات الاغريقية القديمة و كذا الملاحم المطولة تتغذى بالتراكم و الاضافات ، بحيث ياتي شاعر دراميا ليضيف على الذي قبله على العنوان ذاته حتى يصبح (الحلم) أسطورة ، حتى اذا ما تعلق الشعب بشيئ صار قانونا ، أو حتى اذا ما تعلق (الشعب) بحلم ما صار هذا (الحلم) الجمعي اسطورة.

و البطل المنفرد ، يصير بطلا جمعيا ، نصف اله او اله بالمرة.

من حيث صوت الشعب من صوت الاله.

عموما الفرد (المبدع) لا يستطيع ان ببدع او يصنع او يخلق حلما جماعيا او اسطورة. الاسطورة لا تهدي هدايا لامعة لأشباه المثقفين و لأنصاف المتعلمين ليخطوا عليها او يرسموا او ينحثوا او يعزفوا او ليمثلوا عليها احدى قوالب خربشاتهم.

الاسطورة تهدي لكل فرد شيئ ما ، تثبت مصيرا ما و تجعل نهايته مفتوحة على كل الاحتمالات.

لا اقول الحلم الجمعي بديلا عن الوعي الجمعي بمعنى "العصف الذهني" لحل مشكلات القربى الثقافية أو اصحاب المصلى الأدبي ، المتعلقة منه بالابداع و التفكير و المحاكمة.

كما لا يمكن لنا ان تكون الاسطورة بديلا عن الموت ، لكن تقرب مفهومه للوعي البشري ، و جعله متفهما للمخيلة البشرية او قريبا منها. و هو يوما عن يوم يصير واحدا من عناصر المخيلة البشرية ان (الموت) بدوره يبحث عن سبب اخافته من الأحياء. عندما يصف الادب اليوناني بالشخصانية و يسميه (هادس) ، يسكن مملكة تحت الارض تسمى (هيديز).

قد يخلق الشارع ، حينما نسمع من حين الى اخر ان اللاعب الفلاني اسطورة ، و ان الممثل العلاني اسطورة... و غيرهم .كما يعلق بالذاكرة الشعبية او الشعبوية.

هذا اعجاب فقط او مجرد حلم معلق رياضي او خبر صحفي عابر معلقا على الحدث : الخبر عنه (مقدسا) و التعليق عليه واجبا.

كما ان خرافات الجدات و الاجداد و ابطال الحكايات الشعبية المحلية ليست حلما جماعيا ، كما انها ليست اسطورة.

فمعظم جهابذة و علماء الميثولوجية و كذا نقاد الاغراض اللعب اللغوية و الخرافات يشيرون الى ان الأسطورة الحقة ما وردت في مسرد فهرس الاساطير اليونانية و الرومانية ، و ما اورده الشاعرين الملحمين هوميروس و هزيود في تاريخ انساب الالهة و خاصة في "الثيوغونيا" Theogonie.

كما تنسب اليهما خلق هذا الحلم الشامل الاعظم.

الحلم الجمعي لا يكون البطل فيه الا  اذا كان يلون النص الادبي ، يلون الطبيعي بما هو خارق للطبيعي. نص أدبي او هي عقدة استولدته استعارة مكثفة.

هذا من جهة من جهة اخرى جسدت له الذهنية الشاعرية تمثالا او ايقونة او نصبت له معبدا بأكمله.

تماما كما هو وارد لا يغدو ان يندرج تحت باب حكاية العجائز كحكايات ما قبل النوم قي ليالي شتاءات طويلة باردة قارصة ، او يسمى بأدب الهروب ، سواء كان مكتوبا او مسموعا او مشارا اليه.

ما هي الا احلام وردية لا يمكن اعتمادها في صنع ذاكرة بديعة جماعية.

و في حين يشكك (اديسون) في الحلم عامة ، قدرته على صنع جمالا ما او قصيدة مغناة او مكتوبة او مرسومة او منحوثة....ناجحة .

يدعو عبر مرسومه الساخر يحرم على الشاعر العصري أن يتوسل بذكر أي اله او الهة (سبكنثير)

على القصيدة ان تتحمل مسؤوليها ازاء كل صدق فني. كما ينبغي على الادباء أن يتجنبوا اباطيل الوثنية و ان يتذكروا أن لا شيئ ابعث على الاستهزاء عن التوسل بالجوبيترات و الجونوات.

غير ان (يونك) يرى الاسطورة اكثر نتاج البشرية الفنية نضجا. عندما يدرك الادباء ، الفنانون ، المققفون ، المفكرون و حتى كبار الساسة و الدبلوماسيون و كبار قادة الجيش الاسطورة انقاذ. عليهم ألا يتوقعوا النمو بعيدا عن الأسطورة ، بل عليهم أن يتعلموا النمو الحضاري بشقيه المادي و المعنوي بأتجاهها.

سوف تنتصر النيو الكلاسيكية مجددا و يصير الطفل أبا للرجل ؛ كما يصير الطفل أبا للانسان.

كما علمتنا الحضارة ، او المدرسة السيريالية منذ زهاء مئة سنة مضت ان اليافعين و صغار المراهقين الحالمين باليقظة او النوم ليسوا بالشعراء و لا ينبغي لهم ذلك. عند سن (18 - 20) سنة ، لكنهم يكونوا كذلك اذا ماحولوا احلامهم الى صور  و كتبوا عند سن (20 - 30) سنة ، ثم يكونوا نوابغ عند سن (40 - 50) ، ثم يصيروا فلاسفة اذا ماحولوا صورهم الى افكار.

فالفيلسوف هو شاعر متفدم تعهد الفكر ليعبر ما يختلجه من احاسيس و خواطر تكتب من ذاكرة المستقبل.

اذن كل حلم لم يرق ان يصير حلما جمعيا هو مجرد اضغاث احلام و كوابيس لا تمس الواقع في شيئ و غير معبر عنه ، حتى ان نفخوا بالطفل الغرير وصار اماما خطيبا او اديبا لبيا اريبا او غير ذلك مما تحاول عبثا ان تمليه وسائل الاعلام الخفيفة و الثقيلة و منصات شبكات التواصل الاجتماعي على مسامع و مرأى الكبار ، الطفل هذا لم تنجب النساء مثله!

بالطبع هذه اخبار حالمة لا تضيف و لا تفقد الاسطورة العالمية دورها التاريخي (مؤارخة) الاسطورة و احالة الاسطورة الى تاربخ) و كذا دورها الفلسفي حين صارت الفلسفة فنا من الفنون ، و صارت الفلسفة حرة طليقة بعد ان كانت حبيسة ادمغة المفكرين و الفلاسفة عند عامة الناس و خاصة المسرح الملحمي عند الطبيب المسرحي برتولد بريخت.

عبر حجر الفلاسفة حين فسرت الاسزورة تفسيرا فلسفيا.

حين احالة الاسطورة الى استعارة مكثفة.

بل انقذت الاسطورة سائر الفنون و السياسات و مختلف المدارس و المذاهب الفنية الانسانية الاخرى.

الاسطورة ميراث الفنون (نيكولاس فريده). معنى الحلم الجمعي.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *