من الخطأ قوله بماذا تفكر
العقيد بن دحو
من الخطأ يا فيسبوك ياعم Brother Face لا نقول بماذا تفكر ....؟
انما القول الصحيح اني اكون موضعا للتفكير !
الفرق اذن واضح بين ان تفكر و بين ان تكون موضعا للتفكير.
واذا كانت قطعة من الصفيح تتحول الى مزمار تبعث الحانا بديعة تسر تشتف
مسامع الناظرين ؛ فليس ذلك الفضل لها ،
انما الانسان هو الذي يضع انامل اصابعه موضع مخارج الانفاس . يتتبع ازدهار افكاره
، فيراقبها و يستمع اليها و هي تزدهر . ثم يضرب ضربة واحدة بالقوس ، فاذا
بالسينفونية تتحرك من الاعماق .
هذا حتما يقودنا الى أهم مبدأ من مبادئ (رامبو) " اذ أنا انسان اخر
" و هو القائل : " سبب تفوقي على الاخرين لاني بدون قلب .
ترك احاسيسه و نشاعره نع الذات الاخرى المادية الترابية الطينية و بدا
يسامت كل ما هو أعلى العليين".
الانسان الاخر Homo L'autre او كما يسميها السيكولوجي (سيقموند فريود) ب
: " الأد" / Ad ؛ القادمة من اعماق عوالم سحيقة الضاربة
جذورها اعماق التاربخ ؛ بل ما قبل التاريخ أي ما قبل ميلاد الشخصية الفردانية
الاولى للذات المبدعة.
حتى يبدو هذا "الأد" او هي (أنا) تنأى بنفسها عن الوعي ، بعيدا
عن المتابعة و تحمل المسؤولية. نابع من ماض سحيق.
ان الاعتماد على الذات الاخرى (القرين الادبي) او الفني او شيطان الشعر كما
هو وارد بالمخيال الجمعي الشعبي. واسطة
كيما يجعل الانسان الاشياء تتكلم !
فهو لم يعد يعتمد و لا حتى يثق في وعيه ، انما صار يعتمد على ما يسمى
" تداعي الخواطر في اللاوعي" او كما صارت تسمى " الايكولاليا"
اكلينيكيا او تسمى بلغة الاسبان "السونستاسيا" Senstassias.
ان التفكير المنطقي اللوجيستي ادنى بكثير من العقل السابق على المنطق . لان
هذا النوع من التفكير اعمق ينبعث عن مصدر
أبعد ؛ من العصف الحلم الجمعي ، اي من الشبيه بالتاريخ ، أي من الأساطير سذاجة
البداية ، هي الكلمات الاولى ، و الرموز البدائية، هي اللمحة الاصلية للنظرة
الاولى ، انها العالم بأسره في صورة واحدة لا تتجزأ.
ان المتحدث بالصور البدائية ، اللمحة الأصلية للأشياء يتحدث بألف صوت
(يانك).
ان الشاعر المنحل ، الأديب المنحل ، المفكر المنحل ، المثقف المنحل الذي لم
يعد يؤمن بالهيئة الاجتماعية يخترع او يخلق هيئة اخرى بديلا عنها اسطورية قديمة
كونية. المنبع الحق للشعر و للتاريخ و الفلسفة و للفكر جميعا.
اختفت ياعم بافيسبوك في عصر اثقله منطقه و لا سيما انتم ايضا في عالم غربي
لا يؤمن الا بالقوة. القوة الاقتصادية ، القوة العلمية ، القوة العسكرية و اللا
انسانية ، ليبرالية متوحشة ؛ حين صارت الاشياء اقوى من الانسان ، تبدو كأنها اغوال اودية و قفار ، قضاء و قدر ، الهة تلقي
بظلالها الطويلة ، تتحكم في مصائر البشر ، بل أحالته الى لون و ضوء و كتلة و مساحة
و حجما يخضع لرصد و سبر المقاييس الترمومترية البارومترية النانومترية الريتشرية
الميركالية..... ناهيك عن التجريب البافلوفي الميكيافلي الماكلوهاني....!
فعلى اي ذات تريدني با عم يا فيسبوك أن اكونه مفكرا (....) ! أ على الذات
الاولى " أنا " او انا الاخر
" الرامبوية" دون قلب ، او هي الذات "الفريودية" التي سماها
" أد" !؟
المهم كتبت من حيث سلمت باني انا لم اعد انا !.
Je est un autre
هي شعر الافكار التي كانت تنبثق من كينونة كائن اخر.
اني فكرت بما كنت تدعوني اليه و تدعو كافة ساكنة نعيم و جحيم الفضاء الازرق
، غير اني فضلت ان تكون موضعا للتفكير لا ان افكر . اكتب من ذاتي ا الأخرى ، من
لغة اخرى ، و من اسلوب اخر.
عبر تداعي و تراسل الحواس و الخواطر باللاوعي . اجعل من المرئيات مسموعات ،
و من المشمومات اذواقا ، و من الاذواق ملموسات و هكذا دواليك بنا يغني اللغة
الشعرية.
هي دعوة ايضا لتقبل الاخر المختلف ، المختلف عنا بشريا و جنونيا و ملائكيا.
و لن يتسنى لنا ذلك ، الا اذا عملنا جاهدين مجبرين لا مخيرين حقن الجسم
بالسم ، حتى تتغذى ذاكرة الخلايا بالمادة السامة ، و يتعود الجسم بافراز مادته
الفيزيولوجية الممنانعة الدفاعية. كيما يكتسب الجسد لغة اخرى ، و تجربة اخرى عن
الحياة و كذا متى و كيف و لماذا و اين يكون مجنونا و يطلب المحال..اكون موضعا
للتفكير لا ان افكر ، كون الذات الاولى "أنا" اصبحت عاجزة كل العجز عن
التفكير. اصابها التسنه و مسها الانزهايمر المبكر و لم تعد تعي شيئا من امور
الحياة الزائفة هذه.
و الان بماذا تفكر !؟
او بأي موضع تفكير تفكر !؟