قالت :أريد إجابة لسؤالي
نسيم السعداوي
كمساء كل يوم سبت اصطحبته الى مطعم قبل الذهاب الى السنما لمشاهدة فيلم.
كانا يسيران ببطء متدثران تحت معاطف صوفية. سالته : "ماذا سنشاهد الليلة
؟" قال :كالعادة فيلم هوليودي". قالت وهي تتاكد مما تقول بشاشة هاتفها :
"ولكن المركب السينمائي يعرض اكثر من
خمسة افلام بينها فيلم عربي… مصري !". فقال مقهقها : "لم احمل معي شيشة
لمشاهدة فيلم مصري…!".
فجأة وهما يعبران الساحة ذات الارضية المرمرية المزدحمة بشرفات المقاهي توقفت وامسكته من
ذراعه ونظراتها متجهة نحو شارع ضيق على يسارهما… تقدمت نحور ركن شبه مضلم وتشبّثت
بذراعها كمن اصابه ذعر. على قطع من
الكردون كانت تجلس امراءة ثلاثينية وحولها يتمدد اربعة اطفال اكبرهم بسنته الرابعة ورضيع بين ذراعيها… حينها سالها همسا : "كيف لك رؤيتهم عن بعد
؟". شدّت اكثر على ذراعه وقالت بصوت هافت : "سمعت بكاء الرضيع !".
تقدمت نحو الام وانحنت على ركبتيها وقالت
: "ساساعدك سيدتي بشيئ من المال شرط الاجابة على اسئلة بسيطة"
ابتسمت الام وهي ترتجف بردا… قالت لها : "ما الذي جعلكم دون بيت يأويكم
؟".اجابتها الام : "طردنا منه لعدم خلاص الإيجار ورفض الاهل
مساعدتي". سالتها ثانية : "واين زوجك ؟ قالت : "انه عاطل عن العمل
وخرج ولم يعد منذ شهور ! " عندها اخرجت من حقيبة يدها بضعة اوراق نقدية ووضعتها
امامها ووقفت وعادت الى ذراع زوجها تضغطه
بعنف.
أمام مدخل قاعة السينما التفتت
نحوه وقالت : “بربك، بكل مقدسات هذه البشرية صارحني… كيف يمكن لشخصين يتوحلان بطين
الفقر… انجاب خمسة اطفال دون انقطاع ؟ “. صمت وتقدم تجاه شباك التذاكر. شدّته
والعين بالعين قالت بصرامة : "أريد
اجابة لسؤالي !". حينها رفع كتفيه وابتسم خانعا وقال : "ربما ينجبون
لقتل الوقت… وربما اصابهما فيروس خطير ….فيروس
الأرنبة… او التأرنب وعلاماته التزاوج عند حلول الظلام !". امالا
راسها لائمة وانفجرت ضاحكة. بعد صمت طويل تبخر إثره ضباب الغضب من عينيها، عدّلت
رقبة معطفها … وقالت : "حقا الانسان سجين نفسه مدى حياته !" عندها رفع
راسه الى السماء كمن يشكرها لتدخلها… واضاف : "ويا ما في السجن مظاليم يا…
هانم !" وهرع هاربا نحو شباك التذاكر… صائحا : "لو سمحت يا سيدي، تذكرتين
للفيلم المصري أرجوك !".