جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

الأدب البرجوازي

العقيد بن دحو



*- ألم تعد تحبني !؟

- البوليس السري: لا أفهم لهذه العبارة معنى ، و هل فهمها أحد في يوم من الأيام !

ولنفرض اني أحبك ، فماذا بعد ؟

ربما لا أحبك في الشهر القادم..... فكيف يكون الحال ان كنت ساذجا ،  ولو فعلت ذلك و ألقي بي في السجن فسيتأكد لي اني قمت بدور الساذج ، أما اذا ارسلتك أنت الى السجن فسوف احزن و اسف و أقضي ليالي قلقة..... ، لكنها سوف تمر " . / الاديب الأمريكي (داشيل هاميث) Dashiell Hamett (1894- 1961).

كانت هذه نهاية رواية الكاتب الاديب " هاميل شاميث" في روايته الشهيرة " "صقر مالطة".

و نحن نرى أحد رجالات البوليس السري ، و هو يقود حبيبته ، عشيقته الى الكرسي الكهربائي بدم بارد ، دون ان يرف له جفن  أو تدمع له عين. من (دون قلب) او " لأن سبب تفوقه على الأخرين ؛  كونه بدون قلب"! او كما يقول (رامبو).

يسلم عشيقته للعدالة و لحكم الاعدام سلفا ، و هو يشرح لها ، بمنطق بارد ، لماذا يفعل ذلك . لأن المال ، و النجاح ، و حياته نفسها أهم من أي شعور و احساس ولطف ووجع قلب.

يصور لنا الكاتب الرأسمالية القاسية بل باشمئزاز و قرف  ، قائمة على قبول اللاانسانية. وهو يعرض لنا عملية تحقير الانسان بلا قناع ، بلا حواش فلسفية.

ان ابتعاد الفن و الادب و الفكر و الثقافة عن الاتجاهات الانسانية لا تتجلى في اختفاء الانسان او تشويهه او حياده على امتيازه الاخلاقي الخلقي الاختلاقي ، او حتى في انحطاط "الأنا" Ago ، و السعي صعدا نحو الاسفل الى " الأد" Ad  السيزيفي (سيزيفون) الخرافة و الاسطورة ، بل تتجلى ايضا في صورة توجيه النقد القاس الموغل في الوحشية الى المجتمع.

ان تلك الاسئلة التي واجهتها السيريالية منذ ما يقرب عن مئة سنة من النضال التحرري " الديدالوسي" و " البروميثوسي"  و كذا الاستشهاد بين الحرب و السلم ، بين غضون الطبيعة و ما وراء الطبيعة ، بين الحلم الفردي و الحلم الجمعي ، بين التعبير عن الذات او النفس (الانا) و (الأد) عجلت عن ذاك السؤال : لماذا السيريالية ؟

نتيجة ادت الى امراض المجتمع و الى جنون التاريخ ، نجم عنها النزعة الى الاسطورة ، الى التفكك ، التفتت ، الاغراب ، العدمية ، الهروب من المجتمع. عجلت بدورها النزوع الى اللانسانية في الادب الحديث البرجوازي هذا كما اغترب الانسان و صار نوعا من  الزراية او سقط متاع او حالة من حالات المجتمع او مجرد برغي صغير في ترس من تروس الالة الضخمة المنتجة لعصر ما بعد الانسان . لقد قال (سيزار) يوما ما : لا ينبغي ان يظهر الانسان في الصورة !

لقد قالها من قبله رامبو و اليوار وبروتون و كافكا و غيرهم..... بكيفية او بأخرى.

لقد انتصرت اللوحة الفنية عن الرسام ، و انتصرت المنحوثة عن الناحث ، و انتصرت الرواية عن الروائي ، و انتصرت القصيدة عن الشاعر ، و انتصر الدور عن الممثل و اغترب الانسان.

انتصر الادب البرجوازي عن المجتمع و اقتطع لنفسه شيئ من حتى مصرف التاريخ و صارت هي راس المال ، بينما بدى شعار الاستثمار في الانسان ، و الانسان هو رأس المال اكبر اكذوبة عرفها التاريخ في مجرى الزمن.

صار النجاح هو الشيئ يينما ولى دور النجاح البشري ، النجاح هو كل شيئ و غيره لاشيئ او كما يسمونه اله العصر الحديث.

بينما نجد على طرف نقيض تراجع الاله الاغريقي ، بل ردة المعجزة الاغريقية الروحية ، و تقدم المارد المادي الموحش الغربي.

تراجع (زيوس) كبير الالهة الاغريقية ، سيد النظام عن ظلم البشر فتراه يشرك في حكمه العديد من اخوته و ابنائه ، بل شعر بثقل حجم المسؤولية المستقرة في راسه.

و هكذا بين اله العصر الحديث (النجاح) و اله العصر القديم (زيوس) ضاعت (الأنا) التي راهن عليها العديد من الأولياء في تربية و نمو شخصيات ابنائهم ، بعد ان صارت (الأنا) وحدها لا تكفي و الحواس الخمس الكلاسيكية لا تكفي و كذا الافكار لمعرفة الذات او النفس و في اي معبد. لا في معبد (دلفي) باليونان القديمة و لا أي من اقاويل الحكماء السبعة.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *