خليل الشلتوني
الطبيبة البطلة ،،،،،
بدون ادنى شك ، كل أبناء وبنات ونساء ورجال غزة تفتخر البطولة والرجولة أن
تنتسب إليهم .
أصوات الطلقات لا تتوقف وقتلة الجيش الأكثر خِسةً ونذالة في العالم يعتلون
المباني المتبقية بعد الدمار يرقبون كل من يتحرك أمام مستشفى ناصر في خانيونس
فيقتلون ويقتلون وكأن سفك الدماء هي حياتهم ومتعتهم .
وقف المسعفون وبعض الشباب في مدخل المستشفى حائرين واجمين يخاطبون الشاب
المصاب في الطرف الآخر من الشارع ،
_الاصابة فين يا ولدي ؟ صاح أحدهم
جاء الصوت ضعيفاً متألماً وكأن المسافة بينهم تلال وجبال وأنهار
_في قدمي يا عمي ،
بسيطة بسيطة ، انظر حولك يا ولدي ، اية قطعة قماش ، اربط بها قدمك قبل
الجرح بقليل حتى تقطع النزيف ،
سوف نصل اليك ، لا تقلق أجاب أحد المسعفين في مدخل المستشفى.
صوت ازيز الطلقات تخترق الفضاء أمام البوابة ، الكل ينظر في وجوه بعضهم
البعض وسؤال يتردد في كل العقول
كيف لنا أن نخلص الشاب من الموت وهو على بعد خطوات من الحياة ،
لحظات ترقب كأنها حياة طويلة
الكل متحفز وكأنه في مضمار سباق الجري السريع حواجز ً ،
كانت تقف بين الرجال بكل شموخ ،
وجه ملائكي
بشرة قمحية بلون سنابل فلسطين ،
تنظر في كل اتجاه ، تحدد مصدر الطلقات الغادرة ،
صوت خفقان القلوب مسموع بقوة ،
فجأة أخذت قرارها ، لم تعد الحياة هي الأسمى ، بل القيام بالواجب
هو الهدف والغاية ،
خلعت معطفها بقوة وسرعة ،
ناولته زميلها ،
أحنت ظهرها كأنها في ركوع لخالق الأرض والسماء وانطلقت مسرعةً كسهم غزيٍ لا
يمكن أن يخطئ هدفه ،
أقدامها لا تكاد تلامس الأرض ومن خلفها الحناجر تصدح
الله يحميكِ، الله يحميك
ثواني مرت كأنها عمر طويل حتى وقفت كالنخلة الباسقة فوق رأس الفتى المصاب ،
لم تكد تلتقط أنفاسها حتى كان ثلاثة من الشباب المسعفين يخترقون الطلقات
الغادرة بخفة الريح وسرعة البرق ويقطعون شارع الموت أمام المستشفى لينضموا إليها
لإنقاذ الفتى ،
وضع الفتى على النقالة ،
أمسكت الدكتورة مقبض النقالة وحمل الشباب الثالثة الزوايا الأخرى وكأنهم
يحملون أركان أحلامهم معاً ،
انطلق الموكب الرباعي بخفة وعزم وفداء واخترقوا حاجز الصوت وحاجز الموت ،
وقفت الدكتورة تلتقط أنفاسها وهي تراقب المسعفين يتفقدون جراح الفتى ،
ارتاح قلبها
مسحت دمعة شكر لله ، ثم هزت رأسها وهي تقول
الحمدلله ، الحمد لله
إنها ابنة غزة ،
الدكتورة أميرة العسولي
خليل الشلتوني
الأردن