أنا و الله و يونانياتي
العقيد بن دحو
تقول الكاتبة الروائية التونسية (ليلى عتراتي) : "هم لم يفهموا ان
ضجري من البعض (....) ، وحدتي ناتجة عن فراغ الاخرين . فراغهم من اي شيئ ؛ يجعلني
اتعلق بهم اكثر من مدة".
رغم ان المثقف من اوهن بيت العنكبوت !.
الحلقة الاضعف في مجمل الحلقات الاجتماعية السياسية الاقتصادية لاسباب
تاريخية . نعرفها ، و بعضها لاسباب مجهولة.
غير انه عندما يغادر المثقف مكانا معينا او مجموعة معينة ما ، ذاك ان لم
يعد في الامكان ابداع اكثر مما كان.
ذاك ان المجموعة وصلت الى درجة التشبع و عليه ، يبدا المنحنى (....)
بالنكوص المنحدر الشديد، حتى يصل الى خط الصفر. اين (تصفر) الا شياء ، و تصبح
بلاقيمة.
تسال عني اصدقائي عن غيابي الطارئ
، المفاجئ ، و كثرت الاشاعات ، و الخليقة يملاها الفضول عندما يختل و يلتبس عليها
المشهد و تغيب عنها المعلمومة و الحقائق ثم تصاب بالشواش.
و لنا في (لافونتين) امثولة ، حين يضرب لنا مثلا : ان نسرا بلغه ان غرابا
وصل قمته الشماء ، فانسحب النسر ، و لما سئل عن هذا الانسحاب الطارئ ، تنهد النسر
مطولا ، ثم قال بحسرة و الم : عندما تصل الغرابيب القمة تنسحب النسور. ليس خوفا او
جبنا ، انما لم تعد ثمة قمة !.
ايضا يقول العلامة الالمعي المرحوم المفكر الجزائري مالك بن نبي :
"اياك ان تترك مكانك لاشباه المثقفين " !
لم تعد مكانة ليدافع عليها يا صاحب مشكلات الحضارة ، كل شيئ وصلته خراطيم
(الذباب) ، ليس الذباب الطبيعي ، البيولوجي ، و ليست تلك الحشرة الضارة ، و لا تلك
الحشرة الاسطورية التي هبطت ارض مصر ، تنقر و تنغس حياة الابقار . انما اولئك
الاشباه و الانصاف ، كتلك السلع الطايوانية التي حجبت كل صناعة اصيلة ، ذات جودة.
لم تعد ثمة قمة لتتنافس عليها الجوارح و الكواسر ، كل ما هو امامنا لم يعد
يخيف احدا و لا يهز منا مثقال شعرة من شعر رؤوسنا ، لقد جف القلم ورفعت الصحف.
لقد وصلوا مما كنا نخشى الوصول اليه ، لقد استولوا على اركان الزوايا التي
كان ينزوي اليها المثقف ، تقيه مم حر الصيف و من قر الشتاء ، اين بامكانه ان تزوره
كائناته العجيبة المدهشة المذهلة الهائلة ، و امكان1. ط. ية الابداع و المحاكمة و التفكير.
لم يعد شيئا يا مالك و انت خير العارفين لنتركه للاشباه و لغير الاشباه ،
للانصاف و لغير الانصاف. تلك الاشياء
الجميلة التي قضيت وافنيت عمرك من اجلها انقضت. وصل اليها ذباب جون بول سارتر ،
وصار كل شيئ تحكمه الرزاية و اشياء اخرى.....!
كان علي ان انسحب صديقي ليست خيفة من احدا ، انما من اجل الحفاظ على ما
تبقى من ماء وجه!.
لم تعد لي غير اطيافي الجميلة اليونانية ، التي ازرتني ، ورافقتني اسفاري
في اودوسية الادب و الفن و الثقافة و الفكر ، و ربي ايضا.
ليس اعتكافا ، انما مصلى ادبي فني و قربى ثقافية ، وعزلة من خلالها يتم
مراجعة الذات و النفس.
هي ليست استراحة محارب ، انما اعتكافة متعبد ، في اخاديد كهف الابداع في
صمت و تامل و سمت و حبور .
شكرا لكم شساعة او اشاعة ، المهم هو كلام يشعرنا باننا لازانا عند ربنا
احياء ، حتى ان اعتبرنا الاخرين متنا امواتا.