تثنية الفعل السياسي و نقيضه وتثنية الفعل الدرامي و نقيضه
العقيد بن دحو
*
- " سبب تفوقي على الاخرين لاني بدون قلب"(رامبو).
تنطبق المقولة اعلاه " الرامبوية" على السياسية ايضا ، حتى ان كانت فن الممكن ؛ اصطلاحا و فقه لغة.
السياسة ليست عواطف واوشاج اوجاع قلب !. ليست اما رؤوما ، و لا صدرا ملما ملوما و لا كثوما..ليست لها قلبا على احد ، ذاكرتها ضعيفة ، سرعان ما تصاب بالعطب الشيخوخي المبكر ، نصف الانزهايمر .
ليست مدانة لاحد او اسيرة او سجينة مخيلة انتاجنسيا ما مريضة !
لا ينتظر احدا منها جميلا ، و لا نكران معروف .
هيولى ، تاخذ شكل الخيز التي وضعت فيه ، متفهمة متكيفة نع الطارئ ، ليست كلها خير و ليست كلها شر ، ليست ملاكا و ليست بشرا ، و لا ينتطر منها العقلاء خدمات استعجالية و لا خدمات اجتماعية.
اما المعتوهين و السكارى و المدوخين و المخدرين ، يترقبون منها المستحيل الممكن و الممكن المستحيل !
للسياسة ثنائية الفعل و نقيضه ، حالة طقس في اليوم الواحد في المكان الواحد للشخص الواحد ، اربعة فصول ، صعب ان تخضع لقوانين و مقاييس السبر و الرصد و المحاكمة و الرائز، لا معايير و مقاييس و لا مكاييل جوية حيولوجية اوتثربولوجية سيكولوجية سوسيولوجية.
السياسة مصالح قبل كل شيئ ، لعبة احزاب بالمقام الاول المال اسها و اساسها عصب حياتها بالمقام الاول. قصد الوصول للحكم او المشاركة فيه.
فهي الصديق الودود و العدو اللدود ، لا تدوم على حال و لا تستقر على وضع.
السياسة ان تصل الحكم ، و ان تعمل البقاء فيه مواليا او معارضا او حتى محايدا . و لان دوام الحال من المحال ؛ او لان الاوضاع كما هي فلن تبقى كما هي ، تسقط بيسر من تسقط و تبقي بعسر على من تبقي الى حين بلا رحمة و لا شفقة.
صحيح للسياسة اخلاقيات مهنة كسائر القيم الاخرى. للسياسة ضمير مبكيا و مضحكا ، سعيدا و شقيا ، لكنها سرعان ما تتغذى على (نسر بروميثوس) كما هو سائر و معهود في الميثولوجية الاغريقية قبل ان يتعشى بها.
صحيح وقتئذ الندم افيد للانسان كما تقول الاغريق مهد الحضارة الديمقراطية ، لكن بنا انها ليست لها قلب ، ليست لها ندم على احد ، حتى تم كان هذا (الاحد) احد ضحاياها
شعارها الخالد دوما في كل مكان و في كل زمان : ان دامت اليك ما وصلت اليك !.
غير ان بامكان ان نجد مرادفا اسطوريا للتثنية الفعل السياسي هذا في النص الدرامي " اوديب ملكا" عند الكاتب الشاعر الدرامي صوفوكل ، او عند عقدة اوديب سيكولوجيا ، عند العالم النفساني سيقموند فريود.
حين عالج القصة الدرامية معالجة سيكولوجية.
صحيح اوديب ملكا اجاب اوفك شفرة اللغز (الانسان) خلص المدينة الاغريقية من اسئلة الهولة او السفانكس او من ابي الهول او من المونيتور. لكنه بالمقابل نسي ان يخلص نفسه من تثنية الفعل الدرامي و نقيضه..جاء بالخلاص للبلاد و العباد ، و لكن في نفس الوقت اقترف ابشع الجرائم ،.
1-صادف اباه في طريقه فقتله .
2- تزوج من امه
3- انجب منها بنينا و بناتا
4 - هم ابنائه و اخوته في نفس الوقت.
و لان اوديب الملك ، لم يكن احدا في مقدوره ان يقاضيه او يحاكمه على كل هذه الجرائم التي اقترفها ، الجرائم الاخلاقية ، في حق نفسه اولا ، و حق ذويه و اهله ثانيا ، و في الحق العام المدني ثالثا ، و في حق الالهة رابعا.
ينطبق عليه القول في نهاية الحداد يليق بالكترا Eliktra : "لم يكن احدا ليحاكمني فحاكمت نفسي بنفسي !.
صعب على المرء ان يوضع بين خيارين احلاهما مرا. ان يطلب منه القاضي ان يقاضي نفسه بنفسه ، كمن يوضع امام مسرح وقائع جرائمه يطلب منه محاكاتها مشهدا مشهدا ، ساعة لم يكن امامه الا يفقا او يفقع عيناه.
وهو القائل الكاهن الاعظم " تريسياس" :
يا تريسياس كنت تحسدني على ضوئي ، فاردت ان تجرني الى ظلمتك.
منذ اليوم لن تستطيع ان تستطيل علي بما يمنحك العمى من تفوق !.
هذه بالضبط النموذج و الامثولة الدرامية التي تحاكي السياسة ، صحيح لا تجعله يمر بما اقترفه اوديب ملكا من اوزار و جرائم ، لكن تجعله يحاكيها بامتياز.
و عندما ينتهي به العهد بها ، او تحيله الى مهام اخرى ، تفقع عيناه ، حتى لا يرى ما اقترف من اثام ، و يتيه في المدينة ، كما تاه اوديب ملكا ضريرا اعمى تقودانه ابنتيه "اونتجون" و "اسمين" في سفر درامي واحد لا يؤوب منه مسافر ، مجهول القبر ، و لا شاهد ، يشهد بهوية الميت.
كم هي جميلة السياسة و هي تبدي محاسن مفاتن مغرياتها ، و ساعة ما يطمان الواصل بانه وصل ، يدور الدولاب ، و تسقطه ، كما يسقط الحصان الجموح فارسه من اعلى صهوته .
و حتى لا يسقط على ام راسه و يدق عنقه ، عليه ان يتعلم من الذئب كيف ينام بعين واحدة ، و يبقي العين الاخرى متقظة الحارس الشفيع الوريث لتقلبات الدهر و كيد حيل الكائدين.
علبة من اللعب و الاعيب ، في اجاج بحر ، تثنية الفعل السياسي و نقيضه ، و تثتية الفعل الدرامي و نقيضه في نفس الوقت.