الاستعمار تلميذ غبيا
العقيد بن دحو
الكلمة "الاستعمار تلميذ غبي" تعود الى الجنرال الفيتنامي
فونجوين جياب . تنسب اليه خطة معركة ديان بيان فو. ، تلك التي هزمت فيها فرنسا
هزيمة ما بعدها هزيمة سنة 1954 و تلتها هزيمة نكراء ؛ غريمتها الولايات المتحدة
الامريكية .- اذ تاريخيا - لا فرق بين
فرنسا وامريكا من حيث الغرب هو الغرب ، الصادم ، الحادث Accident , (الشر
الابيض) على حسب تعبير المستشرق المفكر روجييه غارودي قبل اسلامه على ارض الجزائر
و بعد اسلامه صار يسمى رجاء غارودي.
تاريخ الجزائر المقاوم يضرب لنا مثلا ، حين سالت نخبة من المجاهدين امريكا
: ما رايكم لو حاربنا فرنسا ؟
فكان رد امريكا سنحاربكم !
ذاك ان ماكان يليق بالولايات المتحدة الامريكية يليق بفرنسا ، و لكان هذا
ديدنهم حين يقررون الغزو البليد !
الجنرال جياب شارك في الحرب ، و بعد سنوات تقلد مهام سياسية و رتب اعلى
عسكرية الى ان صار وزيرا للدفاع في بلده.
هذه المقولة اعلاه : الاستعمار تلميذ غبي ، تتكرر ، بعودة التاريخ دوما
مرتين ، مرة في شكل ماساة و تارة اخرى في شكل مسخرة. و الحرب الجارية رحاها
الاسرايئلية على قطاع غزة ، هي واحدة من ذاك (الغباء) التي تحاول في كل معركة او
في كل حرب ان تعيده على غزة ، ان تصدره على الحجر و الشجر و البشر في شكل قنابل
(ذكية) الاكثر غباءا !.
ذكاء قتل الاطفال و النساء و الشيوخ و الامنين في بيوتهم ، ومن لا شان لهم
بالحرب !.
استعمار صهيوني غبي ، لا يستفيد من الدرس ، في كل مرة يكرر المكرر و يجرب
المجرب ، نفس الخيبات و الانتكاسات المتتالية ، من هزيمة نكراء عسكرية ، تطارده اخلاقيات و انتهاكات لحقوق الانسان
محلية و اممية.
لم تدرس و تتعلم جيدا من اخطاء التاريخ ان غزة (غزية) مستعصية على العدوان
الخارجي في مجرى ما قبل التاريخ و الشبيه بالتاريخ و في مجرى التاريخ ايضا ؛ منذ
ان قصت دليلة شعر شمشون القاضي العبري الخرافة.
لم تتعلم بانها كيان مستعمر ، عنصري صهيوني ، مهما طال الحال به يوما سيخرج
كما دخل اول مرة. حتى ان بلغت صرخته الاسطورية : "علي و على اعدائي
يارب" عنان السماء !
هذه سنة الخالق ووعده في الطبيعة ، لا احد يريد ان يكون سجين عبودية مقيتة
قميئة استدمارية.
الحرب الجارية رحاها و المقاومة
تستبسل ، تنتصر بالميدان. هو امتداد تاريخي ، منذ وعد بلفور 1948، منذ ان منحت
فلسطين على طبق من ذهب ، تكفيريا تطهيريا عن ذنب الهلوكوست ، وطنا قوميا لليهود
سياسيا و دينيا و لغويا و امنيا عسكريا.
شانه شان الاستعمار الفرنسي الذي عمر طويلا طيلة قرن و نيف من الزمن بارض
الجزائر ، و ظل يراهن البقاء على عامل القوة و الوقت ، ليتراجع الشعب عن قضيته
العادلة ومطالبه المصيرية ، الا انه ابى الا ان يظل على درب المقاومة بكافة
انواعها و اشكالها حتى تحررت الجزائر وطنا مستقلا وكنموذجا العديد من الدول الذي
كانت تعاني من داء الغباء.
كدابه الاستعمار دوما و ابدا هو هكذا.... لا يتعلم الابعد تقدم السن و
تاخر الوقت و الزمن.
غير ان احداث غزة الجارية. و لا سيما يوم 7 اكتوبر ، كان عبورا خارقا صاعقا
ماحقا ما وراء الجغرافيا و ما بعد الفلسفة و ما بعد التاريخ. حين بدات اسرائيل من
المبكى الى المبكى ؛ تبكي:خسارتها من ذاكرة المستقبل ، لاول مرة بدات تدرك بانها
كسائر المسعمرين عائدين الادبار لا محالة !
غير انهم مهما اجتهدوا ليكونوا في صفوف التلاميذ النجباء ، و يعملون على
الاستدراك ، و المعالجات السياسية ، و كذا ساعات الدعم و التقوية الا ان غباءهم
وراثي ، لا يمكن معالجته الا بالخروج من ارض ليست ارضهم ، و العودة الى الشتات كما
كانوا اول مرة في الاندلس و بالغرب عموما.
يتعمدون في قتل الاطفال الرضع الخدج لتصدير الالم ، و لكن نسوا انها ام
مقاومة ، و اسرة مقاومة ، تعرف جيدا كيف تنجب طفلا ، شبلا مقاوما من مسافة صفر ،
يحارب من مسافة صفر ، و يخرج الكائن المغتصب من مسافة صفر.
صحيح هذا الاستعمار اتخذ من التقتيل و التدمير وسيلة لبقائه ، لكن الى متى
؟ و هو يرى كل مستعمر غاصب مستبد مستدمر ، عاد خالي الوفاق الى بلده الاصلي يجر
اثواب الخيبة ، و تلاحقه لعنة التاريخ. تعقد له محاكم اخلاقية ، محاكم ضمير على
جرائمه المروعة في حق الشعوب و الانسانية ، حقوقا لا تبطلها تقادم و لا تسنه
نسيان.
ورغم الذكاء الاصطناعي الذي كانت تفتخر به اسرائيل ، و كذا مدى التقدم
التكنولوجي الرقمي في المعدات و اللوجستيك و الربوتيك ، واليات التجسس الحديثة
العابرة للقارات ، و مدى الدعم الغربي اللامحدود على جميع المحاور الارضية و
الفضائية الا انه ظل الكيان الصهيوني المغتصب للارض و العرض كيانا استيطانيا غبيا
، بليدا ، يعيد الكرة بعد الكرة ، و المعركة بعد المعركة ، و الحرب بعد الحرب يكرر
نفس الخسارة. عير ان خسارته هذه المرة كانت بلا حدود ، كما هي معركته الاخيرة هذه
بلاحدود ، بل تجاوزت الحدود حين عزلته وحيدا شريدا طريدا يشذ عن القاعدة. حين صارت
المقاومة الفلسطينية يسمع صوتها في كل ربوع العالم ، بينما ظل الغبي غبيا يعد
خسائره البشرية و في المعدات ، تلك الخرافية التي راهن عليها لا تقهر .
صحيح الغباء الشامل الاعم هو الذي
يقود العالم ، غير ان الذكاء و عين الذكاء البشري و الاصطناعي منه ان يعي الكيان
المغتصب ان الارض ليست ارضه و ان الحصان ليس حصانه ، و ان البحر ليس بحره ، و ان
القدس ليست قدسه ، فلياخذ حائطه معه ودموعه ، و ليبكي بعيدا في غابة الغباء ، كما
بكت امريكا دما و هي تخرج بخف حنين من ارض الفيتنام ، و كما خرجت فرنسا من ارض
مليون و نصف مليون شهيد من ارض الجزائر ، تتجرع ثوب الهزيمة النكراء.
ومع ذلك الاستعمار غبي ، يكرر غباءاته في افغانستان ، بالعراق ، في ليبيا ،
مالي ، النيجر ، و بالصحراء الغربية.