جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك
آراءالعقيد بن دحوفنون

الاخت في الادب التمثيلي اليوناني

 

الاخت في الادب التمثيلي اليوناني

العقيد بن دحو

لا تزال الاخت في مجرى تاريخ جل الحضارات الانسانية العظمى ، تمثل عرى  مركز ثقل وشائج العلاقات الانسانية بالاسرة الواحدة ، خاصة تلك الرابطة العائلية التي تربطها مع اخيها على وجه الخصوص.

كم هو ايتم اليتامى من ليس له اختا تؤازره ، تسانده ، وتقف معه و تحمي ظهره بالغياب و الحضور ، تشد عزاءه ؛ يوم يوارى الترى و يعود الموارين حيث يتوارى ، و يعود المعزون من حيث اقبلوا اول مرة .

تظل (الاخت) تلك الحمامة المطوقة ، المكلومة ، المفجوعة ، تطوف  من بين القبر الى الدار و العكس.

الاخت حامي حمى اخيها بين مجمع النساء ، فلن تجرؤ امراة واحدة عن الطعن و النقد الاجتماعي في حضورها. في نظرها يظل اخاها الملاك ، حتى ان كانت اوزاره وزن الجبال الراسيات.

تعود قصة "اونتجون" مع اخويها "ايثيوكليس" و "بولينيس" النموذج و الامثولة الجادة الواعية الوازنة لعلاقة الاخت باخيها.

لقد ناضلت و جاهدت و كافحت اونتجون ، ضد قوانين الملك عمها كريون ، و ضد تشريعيات المملكة الجائرة الظالمة ، القاضية ترك اخوها بولينيس دون كفن ، دون قبر ، ميتا بالعراء ، دون ان تقدم له واجب و طقوس العزاء  ، نهبا لسباع ووحش الطير.

في حين يكرم اخاها الاخر ايثيوكليس بكل واجبات وطقوس العزاء.

فكلا اخويها في نظر اونتجون هم اشقائها ، و عاطفة الاخت عمياء لا تكاد تفرق بين المجرم ، من جاء بجيش جرار ضد وطنه ، و بين الوفي ، الوطني المخلص ، الغيور على ارضه وعرضه.

من تعرض للاخر وهو يعلم بان الدم الذي يجري فيه هو نفس الدم الذي يجري في جسد شقه الاخر ، من نفس الرحم ، و من نفس الثدي الذي ارضعاهما ، و من نفس مبدا والد ، و من نفس المورثاث الصبغية و الكروموزومات . غير انها نقلت للاول الخيانة و حب السلطة و التملك ، و الاستعانة بالعدو التقليدي اسبارطة. و نقلت للاخر اسمى انواع مقومات البطولة و الشهامة و الكبرياء و التفاني و الاستشهاد.

اونتجون ترى عكس ما يراه عمها كريون الملك ، يفرق بين الاثنين بعيدا عن العواطف او اية قربى او صلة من الصلات.

ظلت اونتجون على هذا المبدا الانساني حتى قضت بدورها شهيدة دونه ، و القصة معروفة.

قد نجد هذه العلاقة الانسانية و الاسرية بين "الكترا" و اخيها "اوريست" في النص الدرامي ثلاثية اسخيلوس ، او عند الشاعر الدرامي صوفوكل ماساة. او عقدة الكترا.

ظلت الكترا ترعى اخاها ،  اسلمته الى المربية ، و ابعدته عن كافة الاخطار و المحاذير التي ضربت القصر ، و امها كلوتيمنسترا تتامر مع عشيقها من اجل استلاب الحكم.

و لما اشتد ساعد اوريست ، عاد ليتار من قتلت ابيه ، امه و اصدقائها من الرجال الذين يتامرون بالقصر.

تتعرف عليه اخته الكترا ، و تدعوه لقتل الخونة دون رحمة و لا شفقة. كيما تشقي غليلها ، تواري والدها الطيب. ثم لان لم يكن احدا  في مقدوره ان يحاكمها فحاكمت نفسها بنفسها . حيث يكون مصير الانسان في العوامل الوراثية و البيولوجية. و لكن الانسان اذا كان هو عين مصيره فلا يمكن ان يكون هناك خلاص و انما دائرة توشك اللا تنتهي من الخطيئة و الذنب ، تقول "لافينيا مانون" : في نهاية الحداد يليق بالكترا : "....لم يكن هناك انسان ليعاقبني...... فكان علي ان اعاقب نفسي بنفسي ".

فاذا كان مصير اونتجون (هادس) و (هيديز) مملكة الاموات ، حفرة تحت الارض الى حد الموت في سبيل اكرام اخويها وحفظ و صون اسم عائلتها النبيلة.

تقضي بدورها الكترا سجينة غرفة بلا ابواب ولا نوافذ ، حبيسة القتامة و الظلام المطبق عليها من جميع الاتجاهات الى حد الهلاك.

هكذا...تضحي الاخت و تجود بنفسها بكافة المهالك و الاخطار من اجل سعادة اخيها حيا و ميتا. تضحي باسرتها باولادها بزوجها من اجل اسم اخيها.

حتى قيل : سالوا امراة عن ولدها فقالت مولود ، و سئلت عن زوجها فقالت مفقود ؛ و عندما سئلت عن اخيها قالت : انقسم ظهري !

كما ورد في الاثر الادبي ان اخا وقف خلف اخته تجلس على كرسي ، سالها من الاقوى ؟

اجابت : انا !

وعندما هام بالخروج من غرفتها سالها : من الاقوى و قتئذ ؟

اجابت : انت !

قال : لماذا في الحالة الاولى انا ، و في الحالة الثانية انت !؟

اجابت : لانك عندما كنت خلفي كنت انا الاقوى ، كنت الظهير الحارس الحريص ..و عندما ابتعدت عني ضعفت حالتي و قلت حيلتي و اصبحت انت الاقوى !.

لا تزال الاخت تضرب لنا اروع الامثلة الاخوية ، ليست على مستوى الاسرة او القبيلة او العشيرة ، انما على مستوى الانساني الوطني القومي المحلي و العالمي.

كم انت رائعة و جميلة ، و انت تسجلين اروع النموذج بالتضحيات الجسام

لذا لا غرو ان كانوا الثوار الجزائريين ابان الاستعمار الاستدمار الفرنسي يسمي الحرائر المجاهدات بمسمى "الاخوات" .

كما ضربت لنا الاسطورة البابلية و الكنعانية جميل الصور عن قصص (شمشون و دليلة) ، ونحن نعيش غمار واغوار الحرب الاسرائلية على غزة الفلسطينية و كذا الانتصارات التي تسجلها المقاومة كابرا عن كابر.

شمشون: القاضي العبري ، كانت سر قوته في شعره الطويل ، القاضي العبري ، الشهير بصرخته الاسطورية : " علي و على اعدائي يا رب " !

بينما (دليلة) الفتاة الكنعانية الاسطورية. قصت شعره وهو نائم فخرت و انهارت قواه !

كانت هذه رمزية صورة الاخت ، الحديث بالف صوت. الاخت الطبيعية الفيزيولوجية ، و الاخت الاجتماعية السوسيولوجية و حتى كما ورد في علم الميثولوجية.




***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *