جاري تحميل ... ألف ياء

إعلان الرئيسية

إعلان

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد علَّم نفسك

 

المسرح و الدولة

العقيد بن دحو

التحميل: اكتمل تحميل 29891 من 29891 بايت.


منذ عهد الحضارة الهلينية. هلينة الغرب ، الحضارة الاغريقية ارتبطت  على غرار غيره من الفنون الزمكانية بالمسرح ابي الفنون او الفن الرابع ، خيث الجدار الرابع و العمل الرابع ، ما دام الرقم اربعة قضاء و قدر نجمه ساطع.

بل بالغالب ما نزلت الدولة حكومة و سلطة عند رغبة الجماهير الشعبية ، لا سيما عندما رات الجماهير تتعلق بهذا الفن تعلق الفرد بالارض و الشرف  بالعرض ، تعلق الطفل بامه ، عرض و طلب.

 فرغم دكتاتورية بعض الحكام الاغارقة مثل (بيزيستراتوس الا انه ،  عندما عاد من منفاه سنة 434 (-ق.م) ، اراد ان يتحبب الى الشعب و ان يشغله بشيئ من اللهو و الترف حتى لا يفكر في حريته السياسية ، فاصدر قانونا بتدوين الملحمتين الشهيرتين الخالدتين : الاليادة و الاوذيسة ، كما اصدر قانونا اخر يعترف فيه بفن المسرح ، و ان يكون من البرامج الرسمية للحكومة  في عيد الاله ديونيسوس. و في هذا القرن فدمت العديد من المسرحيات الى المسابقة حتى تلك التي فازت بجوائز ومراتب اولى في وقت سابق ،  حتى تلك التي منعت من العرض بامر عفو من الدولة.

وسواء الحاكم المستبد الدكتاتوري هو من اهتدى الى ترسيخ فكرة تقنين الفن التمثيلي عامة او وفق  العادات و التقاليد و تعلق الشعب به - اذا تعلق الشعب بشيئ صار قانونا - كان له وقعه و صداه على ازدهار فن التمثيل  و على رقيه ، و كذا الشاهد على النهضة التمثيلية التي تطور اليها هذا الفن.

و لان الدولة العاقلة حتى ان كانت لدى حاكم جائر في الاول و الاخير في حاجة الى من يريها مدى اثر اثاره التي انجزها تنعكس ، و تحاكي على محياه بالمراة ، و لاتوجد اعظم و احسن مراة من الفنون عامة و الفن المسرحي خاصة ، غير تلك المعارضة السياسية ؛ التي غالبا ما يهمها من السلطة الا الوصول الى ااحكم ، او المشاركة في تقسيم (الكعكة) على اعتبار الحكم كنزا عند الاغريق، و ثروة قومية وطنية ، شانها  كالثروات الطبيعية فوق الارض و تحت الارض ، بنيات فوقية و تحتية .

ليس كذلك فحسب ، و مع التقدم و التطور الثقافي و الحضاري للامم و الشعوب ، لم يعد المسرح لهوا و لا ترفا ، يبدو انه بدا حياته هكذا....لكن التطور الثقافي و الحضاري جعله ثقافة و حضارة....اما اليوم فهو توعية...تعبئة...تنمية...، و سلاح.

اذن الدولة الراشدة لا يمكن ان تتخلى عن هذا الفن ، مهما ضاق الحال به و باهله ، و لنا في تاريخ الثورة الجزائرية 1954خير مثال ، حين لجات السلطات الاستعمارية الى غلق المسرح الوطني عن العمل المسرحي ، كونه صار يقوم بدوره التاريخي الز

طلائغي التضال ، متخندقا مع صفوف الثوار و المجاهدين الاحرار ، قبل التدوين و بعد التدوين ، الدور التوعوي ، التنموي ، و اكثر من ذلك، نقل توجهات الدولة و انشغالاتها الى الدوائر الشعبية ، و العكس تقل اهتمامات الجماهير الشعبية السفلية الى الجهات العلية.

المسرح ليست علبة (العلبة الايطالية) لتملى عليه ابجديات ارتجال (دي لامرتي) لممارسة الخوارات البزنطية ، او غسيل او تبييض زلات و اخطاء الحاكم ، او الترويح و الدعاية البروبجندا لنهج سياساته ، انما المسرح مشروع دولة ، مدخلاته ، متفاعلاته ، مخرجاته ، و تغذيته الراجعة الانسان ، صناعة الانسان ، و انسنة الانسان.

لكل دولة مسرحها القومي الوطني ، من خلاله يمكن لها ان تجس نبض احساسات المواطنين بشكل استباقي ، و تلجا من خلاله الى راب صدع الاختلالات الاجتناعية الاقتصادية السياسية الثقافية الممكنة الاحتمال ، بل من خلال المسرح تلجا الدولة الى تلك المعالجات الفلسفية و التاريخية و الى تلك المواثيق و تجديد العهد الذي يربط بين الدولة و المواطن.

لم يكن يوما المسرح في مناى عن الدولة ، بل كان مرافقا لها ابان الحرب و السلم ، قرحا او فرحا. من حين الى حين تعود اليه لترى نفسها ، حين تشكك في بقايا المرايا (...) ، انها لم تعد تعكس الا الزلفى و التملق ، و الموالاة المريضة ، و قديما قال المثل الشعبي : "خذ الراي اللي يبكيك ما تخودش الراي اللي يضحكك" !

غير ان كان المسرح في مجرى التاريخ الخاسر الاكبر ، اول ما تمس الدول داخليا او خارجيا تمس في مسارحها ، كون المسرح السلاح الفتاك الاستراتيجي اللوجستيكي الوحيد ، و الحقيبة المشفرة ، من ليست لها سلاح ردعي نووي. سلاح الافكار ، الفردي و العصف الذهني منه ، عندما تشرع الدول بالتفكير الصحيح.

حاجة الدولة الى المسرح كحاجتها الى اللغة و الدين و كحاجة السياسة فن الممكن الى الجغرافية.

قضيتان متلازمتان ، شانهما شان العرق و البيئة و التاريخ احدى مقومات تاسيس حضارة ما.

و حتى ان بات تاثير المسرح في الدولة مستترا ، خلف الكواليس (...) لاسباب تاريخية و عادات و تقاليد ، تضمر الفنون عامة ، تطرح اشكالات اخلاقية مزعومة ، و تجعلها ظلا ظليلا خلف الستارة، الا ان ابان الازمات و الشدائد الجلل و المحن يبزغ المسرح كقلعة نائمة ، تستيقظ من قمقم محاكاة الحارس الحريص ، الشفيع ، الوريث ، المدافع الاول عن البلاد و العباد.

فماذا يريد المسرح من الدولة ، و ماذا تريد الدولة من المسرح !؟

تلكم هي الاسئلة التي يجب ان يجلس الطرفان : رجل الدولة و رجل المسرح و ان يجيبان عن اسئلة الجمهور العالقة ؛ المؤجلة حتى الساعة !


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *