غزة و ارفع راسك يا اخي
العقيد بن دحو
تعود كلمة الرئيس الراحل المصري جمال عبد الناصر " ارفع راسك يا اخي
لقد مضى عصر الاستعباد"، الى ستينيات القرن الماضي ، عصر الانتكاسة الحرب
الخاطفة الاسرائيلية على مصر.
ولان التاريخ يعيد نفسه مرتين ، مرة في شكل ماساة ومرة في شكل مسخرة. تعيد
الشعار القديم ارفع راسك يا اخي ، من النهر الى البحر فعلا و ليس قولا . بروبجنديا
اعلانية استهلاكية ديماغوجية.
غزة اليوم و هي تجابه هذا الشر الذي لا لون له، حجرة بحجر ، و ردما بردم ،
تحت الارض و فوق الارض.
غزة و هي تحرق و تدمر على ثخومها و على اراضيها رمز فخر الصناعة العسكرية
الاسرائيلية. تضرب من مسلفة صفر بابسط انواع الاسلحة التقليدية معادات التدوير.
كان من المفروض غزة تكون مفخرة لكل العرب و لا سيما على الصعيد الجماهيري
الشعبي.
قد نكون متفهمين ، بل لا يعقد احد امله على الحكومات العربية ، فمعظهم تفكر
في كراسيها و على عروشها و على تيجانها و على لرصدتها في بنكوك العم سام ، من وراء
البحار ، اكثر مما تفكر في تقرير مصير الشعوب.
ارفع راسك يا اخي و لو انها قيلت في غير زمانها او في غير وقتها و لغير
اهلها ، هي كلمة بذل الوقت الضائع ، كانت من المفروض ان توجه لاهلها ، لمن كان
السبب في الانتكاسة.
هذه الانتصارات التي حققتها المقاومة الفلسطينية ، هي انتصارات كل العرب من
الماء الى الماء. الا ان بعض من اولئك
الذين يروق لهم ان يعيشوا بالمياه العكرة ، الذين يريدونها حربا ازليه بين
الفلسطينيين و الاسرائيليين ليفض لهم الجو بيضا و فراخا !. خوفهم انتصار المقاومة
الفلسطينية اكثر خيفة من الكيان الاسرائيلي ذاته و بطشها و من استخباراتها. و كاد
اتفاقا ضمنيا ان يتم عبر التطبيع ، لولا هذه الحرب على قطاع غزة ، و لولا المعركة
الخاطفة على غلاف غزة.
صحيح ارفع راسك يا اخي لقد مضى عصر الاستعباد، الان فعلا لقد مضى ، عندما
ادرك المعني بالامر اسرائيل بانها في خسارة صعدا نحو الاسفل.
اسرائيل (سيزبف) القرن ، عوضا عن مشروع القرن ، بمنظور دولتين على ارض
فلسطينية.
الارض ارضا عربية ، و مع هذا يريدونها تفاوضا منزوع الاسلحة ، او ارضا
محايدة ، تحت اشراف و اشراق الامم المتحدة القبعات الزرق !
لا رفع راس ، و لا اخوة ، و لا حرية فردانية جمعية دون مقاومة على جميع
الاصعدة المدنية و العسكرية ، بالسيف و القلم ، بالحجارة و الكلمة. ومن بعدها
فليسقط غصن الزيتون او غصن التفاح من الايدي ، التي اوصلت الفلسطينيين و العرب الى
هذه الهرولة الانبطاحية.
ارفع راسك يا اخي كلمة زعيم عربي تقال للحاكم ، اما الشعوب ليست لها ما
تخسر اكثر مما خسرته في جل حروبها التقليدية مع الكيان الصهيوني.
ان غزة هي اخر كلمة تقال لكل انسان عربي يريد عنةطواعية و خيارا ان يرفع راسه ، فرصة تاريخية ، لا تتكرر كيما
ترفع فيها الراية العربية من جكارته الى طانجة ، و الا لن ترفع ابدا ، حتى اذا ما
زالت اسرائيل ، ستبقى اقواما تدافع على اثار الصهاينة ، كونهم كانوا بعبعا و كانوا
مجدار لاخافة و تلهية الشعوب بعدو ، احسن و افضل من الانشغال بالسلطة و الحكم. انك
لا تهدي من احببت ، و لا تحرر من ايتعبد نفسه بنفسه ، انما الحر يظل حرا حتى ان اسر او استشهد
فالزبع بغلب التطبع ، العبد لا يحسن الحرب ، انما سربع العطب نحو الاستسلام.
المقاومة الفلسطينية قالت قولتها الاخيرة وراء كل رصاصة تطلقها نيران
بنادقها ، خلف كل صاروخ تطلقها شواظ و يحموم منصات صواريخها : ارفع راسك يا
عربي..و من يابى غير ذلك ، فليعش ابد الدهر بين الحفر.
و حلل و ناقش يا دويري من مسافة صفر في الزمن الصفر !؟